بغداد
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
صخبت بناتُكِ والورى هُجّادُ | ما هذه ااضوضاء يا بغدادُ ؟ |
مِن أي صوبٍ أم لأية غايةٍ | هذا العديد وذلك الإعداد ؟! |
مَن هؤلاء العُصبة الآتون في | جنح الظلام حشودهم تزدادُ ؟ |
حطت جموعُهمُ بأرضكِ ، مثلما | بالحقل مزدهياً يحط جرادُ |
أتراه في هدفٍ نبيل ٍ جمعهم | أم أن أمراً في الخفاء يرادُ ؟ |
كيف استقام لهم ، وكيف تحالفوا ، | ورمَوْكِ عن قوس ٍ وهم أضدادُ ؟! |
هل عُرِّبَ النفرُ اليهود وأسلموا | أم أن إسلام العروبة هادوا ؟ |
لو لم تكن في مسلمينا لوثةٌ | أو كان في إسلامهم إلحادُ |
جئتم لتحرير العراق ؟ .. لُعنتمُ | حريةٌ هذي .. أم استعبادُ ؟ .. |
أيكون من أجل العراق وشعبِهِ | يُفنى العراق وشعبُه ويُبادُ ؟! |
أمِنَ اجل أسلحة الدمار يجوز أن | تفنى بأسلحة الدمار عبادُ ؟! |
يا عُهركم ، عرباً وغرباً ، يا سوادَ | وجوهكمْ . . إذ كلُّكم قَوّادُ |
ما شأنُكم حبُّ العراق ، وإنما | نفّذتُمُ ما أوعز الموسادُ |
لا غرو إذ خُلق العبيد ليسمعوا | وينفِّذوا ما يأمر الأسيادُ |
*** *** | |
بغداد يا حوتاً تعاظم شأنهُ | ما كان يسهل أنه يُصطادُ |
خافته أسماك المحيط ، فأعملت | من أجله الآراء والأرصادُ |
لكنه ولحكمةٍ غيبيةٍ | حل القضا واستضحك الصيادُ |
يا دهشة المرأى ،وقلبكِ نابضٌ وبقيةُ الأعضاء منكِ جماد | |
يا حيرة الرائي ، يرى أثر السيا | ط ، وليس يدري من هو الجلاد ! |
يا أنتِ محتضَراً ولم يُخفِق له | عزمٌ ، ولم يَخفق عليه فؤادُ !! |
وكذلك الأفذاذُ إن عَقَرت بهم | نُوَبُ الليالي يشمتُ الحُسادُ |
ويقال يا بغداد أنكِ ظالمُ | متهوِّرٌ لغروره منقادُ |
وجه الملامة بَيِّنٌ ، لكنّما | ( أنصر أخاك ) له مدىً ومفادُ |
ويح الدم العربي حين تعطلت | فيه الوشائج واعتراه فسادُ ! |
إن الأعاريب الذين يثيرهم | داعي الحميّة في المآزم بادوا |
صاروا أحاديث المساء نقصُّها | عند المنام ليرقد الأولاد |
وتراثهم أمسى رفاتاً مثلهم | قد يستحي من ذكرها الأحفاد |
لو قلتِ ( معتصماه ) لم يسمعك | إلا السفح ، ثم يجيبك الترداد |
أو قلتِ وا رهطاه ، لم ينجدك قع | قاعٌ ولا عمروٌ ولا مقداد |
أو قلتِ وا قوماه ، لم تَعْبَأ لها | مضرٌ ولم تُجِب الصريخ إياد |
وأظنهم لو أنكِ استنجدتِهِمْ | لأتوْكِ من أجداثهم ، أو كادوا |
بغداد يا مجداً تراكَم أعصُراً | وضعت له أسَّ الحضارة عادُ |
أرسى عليه الأولون قواعداً | شمخت على هاماتها الأمجادُ |
تعمى العيون ولا نرى يا أمَّنا | هذا البناء المعتلي ينآدُ |
عَزّ المصابُ وعَزّ قبلك أن نرى | حُراً تعض برجله الأقيادُ |
أمّا العجيب ، فعند أول وهلةٍ | لَغَطَ الرُّواةُ وأخرس النقّادُ |
صَمَتوا ولم ينبِسْ جبانٌ منهمُ | وتراءت الأضغانُ والأحقادُ |
الكل طأطأ رأسهُ ، فشريفهم | عبدٌ ، يُجَر بشعرةٍ ويُقادُ |
إنْ هيئةُ الأمم التي إن قَرّرَتْ | فلها دماء المسلمين مدادُ |
أو مجلسُ الأمن الذي من عدلهِ | الحبل والكرسي والأعواد |
أو مصرُ والأردنُّ إذ قامت لها | سوقٌ تدر عوائداً ومَزادُ |
أو أنها دول الخليج ، وعلمُكمْ | هي للغزاة ذخيرةٌ وعَتادُ |
كلٌّ تحيَّز للعدو ، وحبذا | لو أن ما وقفوا عليه حيادُ |
ما عادت الأعرابُ تؤمِن أو تَرى | ( أن الحياةَ عقيدةٌ وجهادُ ) |
فَزّاعةُ الإرهاب أعمت رشدهم | لم يعرفوا ما الخلد ما الإخلادُ |
تركوكِ في زيزاء يعصف شرُّها | من هولها تتفطر الأكبادُ |
لكن تربك يا عراق منزهٌ | عن أن تدنس طهره الأوغادُ |
هذي العلوجُ شعارُها (فرق تسد) | وقوام شعبكِ نخوةٌ وعنادُ |
*** *** | |
أسفاً عليك قتيلةً لم يرثِها ال | شعراء ، وهو الواجب المعتاد |
ما أبّنُوكِ ، وهم بَنُوكِ ، وما بكى | أحدٌ ، ولم يُعلَن عليكِ حداد |
بل حينما قامت لديك مآتمٌ | قامت لدى إخوانكِ الأعيادُ |
لا بأس يا بغداد ، إن بقيةً | للسيف ، قد تنمو بها الأعداد |
إخوان يوسف كايَدوه ، وإنهم | سجدوا له لمّا أتى الميعاد . |
*** *** | |
يا أمة الإسلام صبراً .. إنما | للّه فينا رجعةٌ ومعادُ |
تا الله ما مات العراقُ ، و إنما | هي هزةٌ ، كي يصحُوَ الرُقّادُ |
ما هذه أعراضُ موتٍ ، أبشري | يا أمتي .. فلعله الميلادُ . |