ـ1ـ صوتان مني |
(هل تتوقف في جذرك أم تجري ؟) |
ـ ينساب الوقت وهذا هديل في صدري |
لا يوشك أن يسكت حتى أسمع خلفي خطو الطعنة |
إن هناك الإرهاب يطارد هذا اللاهث إذ يرحل في الفطنة |
هذا الواهي لم يعرف في قفص الجسم سوى الخوف ،يطارده منذ |
طفولته الوحش ، وإذ يسمع زأرا يتجول مضطربا بحثا |
عن لغة في جهة من هذا القفص المظلم |
يكتب فيها بالصرخة ، تشرق بالدمعة صك ّ براءته |
'رحماك...)أتمتم في سري (اللعنة) يا من أوغل في الهجران |
ولا أدري في وطن الزمن الهارب أرض إقامته |
(إني أتبرأ منك ...فلا تنزع عن جرحي الموبوء ضماد البحر ، |
لا تحرمني عري الصدق لتلبسني ديباج الوصمة |
لا تجعل في شفتيّ الورد الظامئ في أفياء النعمة |
إني أجري في الداخل نحو الناس |
وفي الخارج نحو القلب |
لا تحرمني في معتقل الأعماق عطاء الشمس |
حتى أسقط عني أستار الذنب |
ودليلي في عينيك قذى ً في الحلق شرقت به كلمة |
وتطاردني ـوأطارد فيك ـ لأثبت حقي ، نفي التهمة |
ويجيب الصوت الصارخ في بيدائي ممتلئا بالنار وبالألوان |
وتنطفئ الفرحة والأقمار ، شهابا ينساب على شفتيّ رمادا ، |
عرقا ممزوجا بيبوسة حنجرتي ، تصرخ نفسي في نفسي ، |
يصرخ في قفص ٍ مّا جسمي: |
(في الريح اللامرئية سرّ ٌ يتحرك هذا الموج به |
في النسمة زوبعة يربدّ لها وجه العالم |
لكن في الداخل ينمو ـ ويشبّ عن الطوق ـ جنين الفرحة |
الريح اللا مرئية تنساب فتملأ صدري المنحور هديلا |
وأنا حين أسير إلى الضوء يطاردني موال عزيف يمتدّ طويلا |
أهي الريح اللامرئية تنشد في ذات أخرى ما أعشق أن ينداح صهيلا |
خببا في صدري ؟ |
ها أنذا في جذري |
لا أتوقف لا أجري |
كالموجة أطلب أن تخرج عن تكويني الرغوة |
أن أجني غبر الملح ، |
وأنزع عن جرحي |
موت زماني في الأزرق |
أتوالد في الأوجاع ،وأقتل في عريي لا فقر ولا ثروة |
2 ــ صوت ثان |
أتضرع للعابر ـ أيّا كان (ث خارجي) ـ وفي أي ّ طريق |
أن يأكل من ذاتي ، حتى إن أنهى بهدوء أكلي |
أن يتجمهر ضدّ رغاب ٍكان يراها عين العقل |
أن يتجند هذا العام مع الحاجب والسيّاف |
مع العسس الليلي |
لمطارد المغضوب عليه :الطفل المجنون |
ذي الجسد الرخو ، المطفأ لاتشعلة إلا نار الفتنة |
يا هذا العار أطفئْ ما شبّ بقربك من أضواء حريق |
أيّا كان الوقت وفي أي ّ طريق |
3 ــ صوت من حجر |
الذين جاءوا لقتلي أسكرهم ضلالي ، والذين رجموني |
تراكمت أحجارهم فوقي روائع منحوتات من أصابع |
كل العصور ، فسرى همس من جسدي إليهم :الرجم لن يهدمني |
فأنا من شفافية أبهى ربيع لم ينحدر بعد من ماء الحلم إلى أحشاء الهيولى ، |
أنا المصباح وأحجاركم الفراشات التي |
تعبدني، أنا من يشعل الأحجار رمادا ، وفي نيراني خلاصكم |
تعبدونني ... هكذا تشهد فراشاتكم |
تحت هذي الشهادة صوت الذي في الجبال |
تكلم فاستمعت مدن الأرض للغة النارية |
تحت هذي الحجارة أحلامكم |
طلقة واحدة |
وتفور الينابيع من حجر ٍ ، تصدح الأغنية |
ويسير الفراش إلى النار ،تكتمل الأغنية |
*** |
والهمس لا يشعل جسدي الرخو ،الذي يعيش شعورا |
ينكر على خطواتي السير وئيدا أو سريعا مع |
جداول الطفولةالتي تنحدر إلى أعماٌ في جهة |
ما مني ، جسدي الرخو يرحل إلى حيث يطارد |
الأحجار ،كما يطارد طفل لعبة حية : سلحفاة |
أو فراشة أ, قوس قزح، أو كما يجري مجنون وراء |
شئ ٍ يحسبه ذاكرته في ماضيه ، الهمس لا يشعل جسدي |
الرخو ـ الطفل ـ المجنون ،تبتسم الأحجار بطيبوبة |
فتملأني الكآبة والاشمئزاز من جسدي الذي لا يجاري |
الأحجار فيما تفعل ، ولو من قبيل مجاملة |
طيبوبنها ،لكن الأحجار في داخلي تصرخ بما لا يدع |
لي مجالا للريب في فقداني صوتي |
*** |
يالغةَ ًلا أعرف كيف أسميها |
منها لغتي في الرعشة والصورة |
تتداعى في ذاكرتي بمشاهد عن أزمنة |
عبرتْ ،عن حرب ٍ شبّت في أرضي المغدورة |
للرّيف ِ دوّيٌ ٌ في ذاتي يملأني بهتاف ٍ |
بين جبال تدعو بعتاد ٍ للثورة |
لجهات أخرى خلخلة ٌ |
لضلال الجسد الرخو ـ الطفل ـ المجنون الذاهل ِ |
في ظل قناعات موتورة . |
- |
الدار البيضاء :فبراير ـ مارس 1980 |