1 |
..آه |
!!هذه هي الكتابة إذن |
!!الخندق الأخير قبل القبر |
ما إن يفرغ الجميع من أشغالهم حتى يلتفت الكاتب إلى الشيء المنسي, الم- غفل المسكوت عليه, المسكوت عنه |
الشيء الأخير |
بعد أن يفرغ الجميع من أشغالهم |
القتيل من موته |
القاتل من ضميره |
الحرب من طهاتها |
الجندي من عبئه |
الصديق من غدره |
العدو من صداقته |
الشعب من ضحاياه |
الوطن من منفاه |
يلتفت الكاتب إلى الكتابة ليراها تقترح عليه لا جدواها الفاتن ومجانيتها القصوى يلبث برهة يحم لق في البياض المرتعش تحت شهوة موج مكبوت من سواد القلب حيث زيت الجسد يتفص د مثل شمعة الناسك, مستغرقا في وهم المعبد بوصفه لانهائية |
الكون |
ماذا يمكن أن يقول شخص خارج توا من موت ناجز |
!!هذه هي الكتابة إذن |
يذهب إليها الكاتب لئلا يمنح الموت فرصة الذهب |
الكتابة وهي تعبث بنا, هي البديل المتاح, كي لا يحدث الموت على مضض |
وكي لا يخالج الآخرون اليقين بأن كل شيء قد تحقق, مثلما هند سه مبعوثوا الكارثة |
2 |
أجلس ملطخا بالأنقاض, تسندني النصال في الخاصرة, والمعول يقترحني قبرا على هيئة الذكرى |
هذه هي الكتابة إذن |
ولا مفر |
لم يحدث ما حدث إلا لأننا جديرون به ومؤهلون |
أرى إلى البياض تاريخا متصلا بالقماط من هنا, وممتدا إلى الكفن من هناك |
وعلى الكتابة أن تشفق به وتشهق له |
..آه |
ها أنا أجلس (أعني ألجأ) إلى أضعف الأسلحة على الاطلاق, وقيل أضعف الايمان |
الكتابة |
وعند العرب, الكتابة شيء من نافل القول |
يتضاعف ض عف ها عندما يكتبها العرب عنهم, ويتعاظم فعلها عندما يقرأها العرب .. عن غيرهم |
فطر العرب على عادة القراءة (بوصفها عبادة) منذ : إقرأ |
وبقي فعل الكتابة مبنيا للآخر المجهول, لكي تكون للعرب موهبة تقديس المكتوب بقراءة مسورة بالميثولوجيا |
وظل لنا, أن الكتابة هامش للقراءة. وعلينا أن نتلقى ما يكتبه الآخرون علينا, نحتفي به بقراءة مستسلمة : إن كتبوا حربا أو كتبوا |
سلما |
وعندما يقترح عربي كتابة تخرج عن الهامش وتستجوب المتن , يظل مرشحا للضغينة |
ينتظر من الكاتب العربي دوما -فيما يكتب - أن (يقرأ) كتابة غيره, لا أن يكتب قراءته هو |
لذلك فإنه يبقى منفيا , لأنه يذهب إلى فساد عادة (/ عبادة) القراءة |
هذه هي الكتابة إذن |
تخالجني إرتعاشة الفؤاد أمام النصل الضاري وهو يفتح الطريق في اعترافات الدم السجين مكتشفا هواء الله |
3 |
يا ألله.. هل هذه هي الكتابة حقا |
أية مصادفة أسطورية تجعل الكاتب ملطخا بشظاياه وأنقاضه في آن |
حتى لكأننا نتبادل أدوار الميثولوجيا, كما يتبادل الندماء أنخاب ضغائنهم في مأدبة |
ثمة من إقترح علينا أن تكون عشاءنا الأخير |
ترى |
هل نحن ذلك العربي القديم الذي راح يهذي حتى قال الشعر |
أم أننا في ذهاب خارج الشعر والنثر معا |
ذهاب إلى رائحة الجسد: مغدورا مهتوكا ممزقا , ولا أمل له |
في كلا الحالين هو جسد عربي, جسد تكس رت عليه أسلحة الأصدقاء والأعداء معا , بلا هوادة ولا رأفة |
رأينا كل ذلك يحدث مثل كابوس في تداع قديم, وها نحن نراه ينتقل من كارثة إلى أخرى, فيما نتمر غ في هذيان روحنا |
الآن |
أنظروا إلى الهذيان يغوينا بلاجدواه الفاتن, حيث يزين لنا الخروج من الهامش إلى النص من القراءة إلى الكتابة |
إذن, هذي هي |
لكن هل في البياض صدر يتسع |
لتفجرات القلب / ليأس حزين يجهر بالحب |
يا ألله |
كم هو مغو |
ومغر ومغامر |
هذا القلب المغدور |