كان الجبل في أحداقنا |
ينقل أقدامه الزجاجية من حلم في هيبة البحر |
إلى حلم في أبّهة النخيل |
ذهبنا لشحذ أعضاءنا بأسنانه |
بصلافة صخوره وغدر نتوءاته |
فيما هو منشغل بصقل شظاياه |
مباهياً بهيبة مراثيه وبراثنه الباسلة |
رعاياه |
نزن به أحلامنا كأنه معدن الوقت |
يكنز نعمته في غيوم غامضة |
مبذولة لترف المكائد |
تتماهى في خلاعة الأشكال وتشفُّ عن الماء اليابس |
قمصاننا تشيع الفتنة لجسدين في لذة السفر |
نغفل عن خيوطها المشاعة فنخسر قناديل الطريق |
مثل نجوم مدلاّة في تجاعيد الوحشة |
تظن أنها السماء . |
جبلٌ يخبُّ في جبّته الموشاة بأحداق ثملة |
وأهداب فَضَّة |
ترصد رعيةً في وحشة السفوح |
نحن رعاياه المستوحشون |
تنالنا جهامة الليل. |
شعبٌ يستفرد به حجرٌ كئيبٌ محمول على المناكب |
غاباته مكتظة بيقظة الحواس |
تزعم أنها ثمالة حنيننا الموصول بعدالة المطر |
ما إن نغفل حتى تغدر الشباكُ بشعبٍ يشطّ |
يرشده أدلاّءُ يعرّيهم الجبل بكمائنه |
ويفضح خطواتهم بالكواسر |
ما إن نغفل حتى تطيش جمرة الغابة |
لفرط النطرة وضغائن الفصول |
رعايا نحن |
نعقُّ عن هيبة الجبل |
ونزخرف جسده بمرايا مشروخة |
تفضح خرقاً مزقتها مواكب الجنازات |
واندلاع النيازك اليائسة |
رعايا |
نرفع أسمالنا رايةً في طليعة النص |
فتخرُّ الخرائطُ مهتوكة بصراحة الكذب. |
نعرف في الحجر ذريعةَ الطريق |
تأخذ أقدامنا بهجة المسافة |
وطبيعة السفر |
كأن الماء في المنحنى |
كأن شجرة الغابة تقويمنا لندرك خاتمة السرد |
كأن زفير المآتم سأمنا الأخير لتفادي سردَ القرابين |
كأن بريد القرى المستباحة بلاغة المدينة |
تميمتها لتدارك فضيحة التهتك في حضرة القتل |
نعقُّ مثل رعية تفقد حرية النوم |
نقول للجبل : غيّر غيومك |
هيئ ضريحك |
وافتح ألوانك على الناس |
نقول له : ظلامٌ عليك أيها الجبل |
ولك قوسنا الشاهق .. سرادق الأفق |
نقول له : سئمنا سيداً يَسكتُ عن أحفاده |
ويطلق لأسلافه سطوة الندم |
جبلٌ ينهرُ أحلامنا ويشي بنا في محفل الصيارفة |
يقودنا بأدلاّئه المذعورين |
ويعتذر عن أجمل أخطائنا أمام قناصل الدول |
ومبعوثي الجيوش |
نقول للجبل : |
الجبالُ ترحل أيضاً . * |