توهّمتُ أنَّ النساءَ سيَحفَظنَ ودِّي |
وأنَّ المدينةَ - تلكَ الضياعُ الكبيرُ - |
ستذكُرُ وَجْهي، |
إذا ما تغرّبتُ عن ليلِ حاناتها - ذاتَ يومٍ - |
وأَنَّ المقاهي ستسألُ صَحْبي |
لماذا تأخّرَ |
عن شايِهِ والجرائدِ؟ |
في أيِّ بارٍ تشظّى…؟ |
بأيِّ الزِحامِ أضاعَ أمانيهِ والخطواتِ؟ |
على أيِّ مصطبةٍ داهمتهُ طيورُ النُعاسِ المفاجيءِ |
فأنسلَّ من بين أحلامهِ والجنونِ… |
ونامْ |
توهّمتُ أنَّ الجرائدَ – يا للحماقةْ - |
سترثي رحيلي المبكّرَ… |
إنَّ عيونَ التي قايضتني الندى، باللظى |
والقصيدةَ، بالبنطلونِ القصيرِ |
ستَغسِلُ أخطاءَها بالدموعِ، ورائي.. |
توهّمتُ أنَّ الحَمَامَ الذي كان يَنْقُرُ نافذتي، في الصباحِ |
سيهجرُ أعشاشَهُ، في الحديقةْ |
إذا ما رأى مقعدي فارغاً.. |
والكتابَ الذي فوقَ طاولتي |
مطبقاً، صامتاً |
والأزاهيرَ كالحةً لا ترفُّ |
……… |
……… |
توهّمتُ… |
يا ليتني ما صحوتُ من الوهمِ، يوماً |
فأُبْصِرُ كلَّ المرايا مكسّرةً |
والمساءاتِ فارغةً، في المدينةِ، حدَّ التوحشِ |
لكنَّني… |
- بعد عشرين عاماً مضينَ (.. وماذا تَبَقَّى؟) - |
سأمضي مع الوهمِ… |
حتى النهايةْ |
* * * |
آب 1985 بغداد |