مقطعان |
من حياة الشهيد فاضل النجفي( ) |
. |
. |
(1) |
زعل.. |
أما زلتَ زعلانَ... يا صاحبي؟ |
ومن قبل عشرين.. مرَّتْ |
كومضِ السجائرِ |
لمْ تَنْطَفِىءْ حسرةٌ خلَّفَتها ضَفيرتها العابثةْ |
أما زلتَ زعلانَ من صدفةٍ؟ |
فلتتْ من يديكَ – كبعضِ مواعيدها – |
وبين الحَشَا والرصاصةِ |
هذي البلادُ التي تَسَعُ الحُلْمَ |
هذي المسافاتُ حيثُ يلمُّ البنفسجُ أحزانَهُ |
قربَ شُبّاكِ فاتنتي |
أما زلتَ طولَ الطريقِ لبستانِ عبد الحميد |
تلملمُ بعضَ الحصى |
وتراهنُ صَحْبَكَ.. |
أيُّ الطيورِ ستفلتُ من "گزوةٍ" صنعتها يداكَ.. |
أيُّ البناتِ ستفلتُ من نظرةٍ كسّرتها الهمومُ البليلةُ |
أيُّ القصائدِ تفلتُ من شَرَكِ القلبِ... يا صاحبي |
وبين التي سكنتْ أضلعي |
والقصيدةِ |
هذي البلادُ |
فهل عذَّبتكَ مواعيدُها؟ |
وهل لوَّعتكَ البلادُ الحبيبةُ... قلْ لي؟ |
ولمْ تَكُ تملكُ غيرَ الكراريس، بيتاً ظليلاً على ضفَّةِ النهرِ |
يَسكُنُهُ الحُلْمُ والشمعةُ العاشقةْ |
وخلفَ النوافذِ تسرحُ عيناكَ |
حيثُ المروجُ النديَّةُ، والصبيةُ العابثون |
ووحدكَ كنتَ بمنعطفِ الدربِ |
مرتقباً خطوَها |
يستفزُّ سنينَكَ |
يُشعِلُ في غابةِ الروحِ أحطابَها اليابسةْ |
أتذكُرُ...؟ كنتَ المشاكسَ |
ترمي الصبيَّاتِ بالوردِ |
ثم تُغنِّي على الجسرِ منتشياً: |
"عَمّي يا بياع الورد" |
گلي الوردْ.. بيش؟.." |
فمَنْ يشتري الوردَ.. يا صاحبي |
في الزمانِ الرديء!؟؟ |
* |
أتذكُرُ..؟ |
كنتَ تموتُ إذا خاصمتكَ الحبيبةُ يوماً |
تقطّعُ رجليكَ مشياً بحارتهم.. |
أم تُرى سوف تجلسُ في البارِ وحدكَ |
تحسو همومَ الزمانِ |
وتَحْلُمُ في شَعرِها المتناثرِ عبر المحطّاتِ |
عَبْرَ السواترِ |
عبرَ العذاباتِ |
عبرَ الفيافي |
وتدري بأنَّ الحبيبةَ يحلو لها الزعلُ المرُّ |
لكنَّكَ الآنَ في الساترِ {المترمّلِ، ملقىً وحيداً، |
بدون حَراك} |
زعلانَ من طلقةٍ |
خيّبتْ ظَنَّكَ.. |
حين تلاشتْ دون وميضْ! |
22/8/1983 بغداد |
* |
(2) |
مواويل.. |
ناحلاً.. |
كان ينسابُ بين الأزِقَّةِ |
مُتَّشِحاً بالصباباتِ |
وَقْعُ خطاهُ – تقولُ الفتاةُ الخجولةُ – |
قد أَسَّرَتْ قلبَها |
واستباحتْ مواويلَها |
لمْ يكنْ يلتفتْ |
حينَ يعبُرُ شُبّاكَها |
ساهماً.. |
هائماً.. |
غير أنَّ على بابها |
اكتشفتْ |
– ذاتَ صبحٍ بهيٍّ – |
زهوراً من الياسمين.. |
وبعضَ طيورٍ... تُغنِّي! |
* |
قِيلَ إنَّ الرصاصةَ مرَّتْ كومضٍ |
وكانَ يُغنِّي على الساترِ المُتقدِّمِ.. موّالَهُ |
"آه.. يا ليل.. |
آه.. يا عين.. |
"الضَعَن سار بليل |
دوب أسمع الويدْ |
هاك أخذ روحي وياك |
يا لرايح بعيدْ…!" |
ليتَ أنَّ المواويلَ.. يا فاضل النجفي |
لا يُقَاطِعُها – في هدوءِ المساءِ المخَيَّمِ – |
زخُّ الرصاصِ |
وليتَ المواويلَ... تَطْرُقُ في الليلِ |
شُبّاكَ فاتنتي |
وتحدّثها عن هواي.. |
وما يشتهي القلبُ، هذا المحاصرُ بالموتِ والشوقِ |
ليتَ الرصاصةَ... |
مرَّتْ كومضٍ |
ولمْ تَنْطَفِ... بين أضلاعهِ |
والبلادِ الحبيبةِ... |
والمشتهى... |
حيثُ موّالُهُ.. |
بعدُ.. لمْ يَنْطَفِ! |
* * * |
15/7/1983 بغداد |