- هي..؟ |
- لا.... |
في الطريقِ المؤدِّي لموتي الأخيرِ |
اِنْكَسَرَتُ على حافةِ النافذةْ |
فتشظَّيتُ فوقَ المقاعدِ |
لملمني نادلُ البارِ – وهو يلوكُ أغانيهِ – والفضلاتِ |
تلوكُ المدينةُ بعضي |
وبعضي توزَّعَ في الثكناتِ |
(السنينُ شظايا.. |
ولحمي عراءْ..) |
ما الذي صنعتْ فيكَ هذي المدينةُ |
أين ستمضي بهذا الخرابِ الذي هو أنتَ.. |
(تتكيءُ الآن فوق الأريكةِ |
.. ساهمةً |
رُبَّما هي تُصغي لنبضِ العصافيرِ فوق الغُصُونِ |
رُبَّما ستقلّبني كالمجلّاتِ.. |
أو رُبَّما…) |
- سأقنعُ نفسي بأنَّكِ لستِ التي.. |
- ……… |
ها أنتَ منكسرٌ كالمرايا |
ومنتثرٌ كالشظايا |
تحاولُ أنْ تنتقي وطناً للجنونِ |
فيفاجئكَ الحرسُ الصَلفون |
ينامون |
بين قميصِكَ، والنبضِ |
(- ماذا تحاولُ..؟ |
أو تَحْلُمُ الآن..؟ |
- …… |
لا شيءَ………) |
أنتَ؛ يا أَيّها الولدُ الصعبُ، ما لكَ محتدماً هكذا |
تُفتِّشُ في المصعدِ الكهربائيِّ عن وطنٍ |
وتنامُ على حجرٍ في الرصيف |
كأنَّ الذي |
- بين جنبيكَ - |
زئـبقَـــــــ [لا] ــــــــقـلـبَ… |
............. |
............………… |
- هي…؟ |
- لا… |
- شَعرها..! |
.. انكسارُ الندى في الجفونِ! |
وهذا الطريقُ اللذيذُ إلى الشفتين..! |
- قد تتوهّمُ.. أنتَ تراها بكلِّ النساءِ |
- ولكنَّها... |
- رُبَّما يُخطِيءُ القلبُ - يا سيِّدي – مرّةً |
إذْ يزاحمهُ الهمُّ.. |
- لا |
.. الرمادُ يُغطِّي المدينةَ والقلبَ.. |
(ها أنَّنِي في شظايا المرايا، ألملمُ نفسي |
مقعدٌ فارغٌ |
وزمانٌ بخيلْ..) |
- .. إنَّما حَدَسي لا يخيّبني |
سأقولُ لكلِّ الشوارعِ: إنِّي أُحِبُّكِ |
أهمسُ للعابراتِ الجميلاتِ فوق مرايا دمي المُتكسِّرِ: |
إنِّي أُحِبُّكِ |
للياسمينِ المشاغبِ، |
للذكرياتِ على شُرفةِ القلبِ: |
......... إنِّي أُحِبُّكِ |
للمطرِ المتكاثفِ، |
للواجهاتِ المضيئةِ، |
للأرقِ المرِّ في قدحِ الليلِ، |
للعُشْبِ، |
للشجرِ المتلفّعِ بالخوفِ، |
للقمرِ المتسكّعِ تحت جفونكِ: |
إنِّي أُحِبُّكِ… |
………… |
…………… |
……………… |
الصبيُّ المشاكسُ شاخَ… |
وأنتِ…!؟ |
أما زلتِ مجنونةً برَذَاذِ النوافيرِ |
أَذكُرُ كنّا نجوبُ الشوارعَ |
نَحْلُمُ في وطنٍ بمساحةِ كَفِّي وكَفِّكِ |
لكنَّهم صادروا حُلْمَنا.. |
ها أنا الآنَ، أنظرُ من شقِّ نافذةٍ |
للشوارعِ |
وهي تَضِيقُ.. |
تَضِيقُ |
تَضِيقُ |
فأبكي… |
(غرفةٌ موحشة |
ورقٌ وذُبابْ |
وبذلةُ حربٍ.. عَلاها الترابْ) |
………… |
………… |
اجلسي، رَيْثَما تستردُّ القصائدُ أنفاسَها |
فأحكي لعينيكِ |
حتى يَحُطَّ على شُرفةِ الرمشِ |
طيرُ النُعاسِ |
سأبدأُ من أولِ الحربِ |
أو آخرِ الحبِّ |
هل نبتدي هكذا: |
غيمةً في كتابٍ يقصُّ الرقيبُ عناوينَ أحزانِها |
زهرتين تضجَّان من فرحٍ أَبْيَضٍ.. |
وغماماً بخيلْ |
أم تُرى ننتهي بالزمان القتيلْ |
سأبدأُ: |
مرَّ المحبّون |
- تحت غُصُونِ المواعيدِ، ذابلة - |
وانتظرتكِ.. |
مرَّ الجنودُ المستجدُّون للحربِ |
مرّتْ خطى الفتياتِ، فساتينُهنَّ القصيرةُ كالأمنياتِ |
نيونُ الشوارعِ، والحافلاتُ… |
فما التفتَ القلبُ.. |
إلّا لهمسِ خطاكِ |
على شارعِ الذكرياتِ الطويلْ |
اجلسي، رَيْثَما تستردُّ دموعيَ أنفاسَها |
والزمانُ فواتيرَهُ |
(كأنَّ الذي مرَّ |
سبعُ دقائق |
لا سنواتٌ مُثقَّبةٌ |
بجنونِ انتظاري) |
لا الذكرياتُ |
ولا الشِعرُ |
لا النَدمُ المرُّ… |
يُرْجِعُ ما قد تساقطَ من ورقِ الحبِّ |
اجلسي رَيْثَما………… |
...... |
عيوني دُوارٌ كثيفٌ |
وأرصفةٌ |
ونثيثُ مطرْ |
(سأحكي لها عن بصاقِ المدينةِ |
عن صحفِ اليومِ، والحربِ، |
والمصطباتِ الوحيدةِ، مثلي…) |
وأقولُ لكلِّ المحطّاتِ: إنَّكِ باقيةٌ |
وأقولُ لقلبي: بانّكِ لنْ تتركيني كما الأخريات |
فيوهمني الصيفُ أنّكِ محضُ سحابٍ |
وأنّكِ أبعدُ مِمَّا توهّمتُ |
إنَّ القصيدةَ أبعدُ مِمَّا تصوّرتُ |
* * * |