أرشيف الشعر العربي

خرجتُ من الحربِ سهواً

خرجتُ من الحربِ سهواً

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .

أنا خارجٌ من زمانِ الخياناتِ

نحوَ البكاءِ النبيلِ على {وطنٍ} أخضرٍ

حرثتهُ الخنازيرُ والسُرفاتُ

أنا داخلٌ في مدارِ القصيدةِ

نصفَ طليقٍ

ونصفَ مصفّدْ

فعليكمْ رثائي بما تملكون من النادباتِ

وليسَ عليَّ سوى أنْ أشيرَ لكمْ

بأصابع "نائلةٍ"

لقميصِ البلادِ المُعلّقِ فوق رماحِ العشيرةِ

تنخبُهُ الطلقاتُ

فينسالُ نهرُ الفراتِ المُضَرَّجُ بين أصابعكم

حينما تَكتُبونْ

- عَبَثٌ كلُّ ما يَكْتُبُ الشعراءُ

..............

فهذا الزمانُ يُعَلِّمُنا

أنْ نُصفِّقَ للقاتلين

حينما يعبُرون الرصيفَ إلى دمنا

وهذا الزمانُ يُعَلِّمُنا

أنْ نُقصِّرَ قاماتِنا

.... كي تمرَّ الرياحُ على رِسْلِها

أنْ نماشي القطيعَ إلى الكلأ الموسميِّ

ولكنَّني..........

من خلال الحطامِ الذي خلّفتهُ المدافعُ

أرفعُ كفّي معفّرةً بالترابِ المدمّى.....

أمامَ عيونِ الزمانِ

أعلّمهُ كيفَ نحفرُ أسماءَنا بالأظافرِ

كي تتوهّجَ: لا

نحنُ الذين خرجنا من الثكناتِ

نكشُّ ذُبابَ العواصمِ عن جرحنا

أنخطيءُ - حين تمرُّ بنا الشاحناتُ الطويلةُ -

في عددِ الشهداءِ الذين مضوا في رحابِ القنابلْ

وفي عددِ الأصدقاءِ

الذين مضوا في الطوابيرِ

لكنَّني - والقصيدةُ {لمْ ترها بعدُ عينُ الرقابةِ} -

لا أخطيءُ الوَجعَ المرَّ

حين نمرُّ على وَجَلِ الأُمّهاتِ

تسمّرنَ فوقَ رصيفِ المحطّاتِ

يَسألنَ مَنْ يعبُرون إلى الحربِ

أنْ يأخُذوا ليلَهنَّ الطويلَ

مناديلَ دمعٍ تضمّدُ جرحَ المسافةِ

بين الرصاصةِ، والدعواتِ

يكابرنَ صبرَ السنينِ

أمامَ الأسرّةِ، فارغةٍ

في مستشفياتِ الحروبِ.. [... يشرّونَ فوقَ حبالِ الرياحِ

شراشفَ مَنْ رحلوا،

كي تُجَفِّفَها للذين سيأتون عمّا قليلٍ...]

..................

إلى أينَ نمضي بأعمارنا - غَضَّةً -

أَيّها الربُّ.........

سأكتمُ هذا الصراخَ بحَنْجَرَتي

رَيْثَما تُفْطِرُونَ على صحفِ اليومِ، والشايِ

أَكْتُبُ عن قمرٍ سيجيءُ

وعن غيمةٍ عَبَرَتْ قمحَنا

لتَحُطَّ على جرحِنا

أربّتُ فوق مواجعكمْ

كي أمرَّ كخيطِ القصيدةِ

يلظمُ قلبي بالطُرُقات

أَخِيطُ قميصَ المنافي على قَدِّ أحزانكمْ

وأترُكُ دمَ قميصي الذي قُدَّ من قُبُلٍ

شاهدي ودليلي

لدى كاتبِ العدلِ

لمْ أنهزمْ....

أو أفرَّ - كخيلِ بني العمِّ -

من ساحةِ الحربِ

بيني وبين الرصاصِ مسافةُ صدقي

وهذي القصيدةُ، مبحوحةُ الصوتِ

من فرطِ ما هرولتْ في الخنادقِ

تصرخُ من فزعٍ وذهولْ:

ـ أوقفوا قرعَ هذي الطبولْ

مَنْ يمسحُ الآنَ عن قبوِ ذاكرتي

صُوَرَ الأصدقاءِ الذين مضوا في بريدِ المعارك

بلا زهرةٍ أو نُعاسٍ

ولمْ يترُكوا غيرَ عنوانِ قلبي

أصدقائي الذين أضاعوا الطريقَ

إلى دمعِهمْ والمنازلْ

أصدقاءَ القنابلْ

أنا شختُ قبلَ أواني

ألمْ تُبْصِرُوا رئتي سوّدتها الشعاراتُ لا التبغُ

ألمْ تُبْصِرُوا قامتي حدّبتها خطى العابرين إلى الأوسمةْ

آهِ... مِمَّا يُكَتِّمُ قلبي...

وما تُعلِنُ الصحفُ والفتياتُ

[يراوغنَ نبضَ المحبِّ إلى مصعدِ الشِقَّةِ الفارهةْ]

سلاماً بلادَ السَنَابِلْ

سلاماً بلادَ الجداولْ

سلاماً بلادي، التي كلّما حاصرتها القنابلْ

حملتْ جرحَها رايةً لتقاتلْ

ومالتْ على جهةِ الرومِ،

لا روم غير الذي تركَ الأهلُ في ظهرنا

من طعانِ السِنانِ المخاتلْ

...................................

......................

على شفتي شجرٌ ذابلٌ، والفراتُ الذي مرَّ لمْ يَرْوِنِي. ورائي نباحُ الحروبِ العقيمةِ يُطلِقُها الجنرالُ على لحمِنا، فنراوغُ أسنانَها والشظايا التي مشّطتْ شَعْرَ أطفالنا قبلَ أنْ يذهبوا للمدارسِ والوردِ. أَركُضُ، أركضُ، في غابةِ الموتِ، أجمعُ أحطابَ مَنْ رح

هلْ

خطأٌ

أنْ

نُحِبَّ

الحياةْ!؟…

……

* * *

14/12/1991 بغداد

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عدنان الصائغ) .

تأملاتٌ.. تحتَ نصبِ الحرية

غيرة...

شـاعـر

مَنْ قصَّ شعرَها الطويل..؟

رحيل


ساهم - قرآن ٣