-1- |
أغني لتلك السواحلِ |
يمضغها الرملُ ، |
يأكلها وجع’’ من بطونِ التواريخِ ، |
اتكأتْ عند خطِ التماسِ السماواتِ بالبحرِ ، |
تغزلُ من موجهِ خيمةً |
يستريح بها القهرُ والصبرُ والانتظارْ. |
أغنّي وصوتي مئذنة’’ حملتها الرّياحُ .. |
تُزفزفُ من آخرِ الزمنِ الآسيويِّ – |
فريح’’ تُدحرجها للوراءِ |
وأُخرى تلوذ بها للأمامِ – الذي |
يتحصنُ بين الشذى والبهارْ . |
-2- |
أغني لرملِ السواحلِ |
احتشدتْ فيه أشباحُ عشاقِ عصرٍ |
من النورِ كانَ ، |
وإنّ عصورا من النورِ سوف |
تجيىءُ .. مع النورسِ القُلْزُميِّ .. |
ومن كلِّ صوبٍ وحدبٍ |
مع الخيلِ والليلِ .. والفرحِ المستجيشْ . |
أغني لرملِ السواحلِ |
والصوتُ يَعلو .. ويَسمو |
وينثالُ فوق القراميدِ ، |
يُدلج في البحرِ |
يضربُ في البِّر ... |
حتى إذا أدركته المرافىءُ |
حطَّ لكي يستريحْ . |
-3- |
يساورني – |
حين ألقاكَ نهباً مباحاً لكلِّ قراصنةِ البحرِ... |
كلِّ لصوصِ أُوربا .. |
وكلِّ نفاياتِ آسيا – بكاءْ . |
فأمتشقُ السيفَ والنصلَ |
أغزوكَ ، |
أغزو المروءةَ فيكَ |
وأغزو البطولةَ فيكَ |
وأنتهرُ الخيلَ كي تستفيقَ .. |
وأنتهرُ العربَ القدماءْ . |
وأخرجُ فيكَ بجيشيَ.. |
لا تغربُ الشمسُ فوق مضاربه ، |
جندُه باع دنياهُ |
واقتحم الموتَ .. |
متظراً في الحدودِ الإشارةَ |
حشداً من الشهداءْ . |
فقُمْ .. أيها البحرُ .. |
قُمْ واغتسلْ وتوضأ واقرأ ، |
لنعطي الاشارةَ |
للواقفين صفوفاً .. كُتوفاً |
من البابِ للبابِ .. |
بالسيفِ والنصلِ والكبرياءْ . |
-4- |
فها هي ذي السُفنُ العربيةُ |
تنشرُ فوق البحارِ القُلوعَ ... |
تعود محملةً بالتوابلِ والعاجِ والعطرِ والآبنوسِ |
من الهنِد والبونِت ، |
طالعةً في أعالي البحارِ |
وهابطةً في المرافىءِ بالفوز والربحِ .. والانتصارْ . |
وهاهُم على ساحليْكَ يعودون |
رُوماً .. وفُرساً.. |
بطالمةً .. ويهودْ.. |
وها هو أبرهةُ الحبشيُّ يحصر مكةَ بالمنجنيقِ.. |
وبغدادُ – حاضرةُ الشرقِ – مذبوحةُُ للوريدْ.. |
وهاهي كلُّ مداخلك الآنّ مسدودة’’ بالمغولِ |
وكلُّ مخارجك الآنّ محروسة’’ بالتتارْ . |
فقُمْ .. أيها البحرُ.. |
قُمْ واغتسلْ وتوضأ واقرأ ، |
لنعطي الاشارةَ .. |
نعطي البشارةَ |
للواقفين صُفوفاً .. كُتوفاً |
من البابِ للبابِ .. |
يمضُغهم وجعُ الانتظارْ. |
-5- |
أغني لرمل السواحلِ ، |
يا أيُّها الوجعُ المستبد بنا . |
أيُّها المستبيحُ مراقدَنا |
مثلما تفعل النارُ في الأرضِ |
حين تمورُ ، |
كما الشوقُ في القلبِ حين يروادنا العشقُ |
أو نتداركه في خريفِ الزمانْ. |
أما حان أنْ يطلع البدرُ فينا |
فنلقاهُ عند الثنياتِ .. |
بالدُّفِّ والكفِّ .. والمهرجانْ.. |
نشيلُ البيارقَ – |
تِلوَ السيوفِ- |
وفوق الكتوفِ ، |
ندوسُ بها فوق جيشِ المغولِ |
الذي استراح.. |
وقد استباح رمالَ السواحلِ ، |
يمضُغها وجع’’ يستبد بنا |
كلَّ آونةٍ من أوانْ . |
-6- |
أغني لرملِ السواحلِ . |
صوتي مشتعل’’ كصهيلِ جوادٍ من الحُلمِ ، |
من أولِ الزمنِ العربيِّ الخرافِّي |
من آخرِ الزمنِ العربيِّ الخرافِّي ، |
من كلِّ نجدٍ من الزمنِ |
القُرشِّي اللسانْ . |
أغني لرمل السواحلِ |
متكئاً فوق سَجادِه العربيّ |
أشاهدُ وجهَ عليّ |
وخالدَ بن الوليدِ |
وطارقَ بن زيادَ |
وأيوبَ مصرَ .. |
وعنترةَ العَبَسيّ. |
أشاهدُ جيشيَ لا تغربُ الشمسُ فوق مضاربه ، |
فَيْلق’’ في الخليجْ |
فَيْلَق’’ في المحيطْ |
فَيْلَق’’ في البحارْ |
فَيْلَق’’ في الديارْ ، |
فأمتشقُ السيفَ يقطُر من دمه الأجنبيّ . |
وأعبُر بابَ الجزيرةِ .. |
والكونُ تحت سنابكِ حيليَ .. وبين يديّ . |
-7- |
أغني لرمِل السواحلِ ما شهدته السواحلُ |
ما وشوش الموجُ |
ما فعل الفوجُ .. بالأوّلينْ |
فينفلقُ البحرُ .. |
إنبهل الطودُ .. وانسدل الموجُ |
وارتحل البحرُ .. بالآخَرِينْ ، |
-8- |
أغني لتلك السواحلِ |
يمضُغها الرملُ .. |
يأكلها وجع’’ من بطونِ التواريخِ ، |
إتكأتْ عند خطِ التماسِ السماواتِ بالبحرِ ، |
تغزلُ من موجه خيمةً |
يستريحُ بها القهرُ والصبرُ والانتظارْ |
تونس – مارس -1982 |