لمائه كلنا أواني
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لمائه كلنا أواني | ونحن في نفسه معاني |
والكل عن أمره ظلال | وذاته الشمس في البيان |
مراتب بالوجود صارت | حقائق الغيب والعيان |
عن كل أوصافه أبانت | عند الورى مثل ترجمان |
وجوده لا يزال منها | يطلى بنيل وزعفران |
وبظلام وبضياء | وبضراب وبطعان |
وبجماد وبنبات | وبأناس وحيوان |
وبرجال وبنساء | وأهل شيب وعنفوان |
وكل عقل وكل حسن | والمتمنين والأماني |
وكل فهم وكل وهم | وكل وقت وكل آن |
وملكوت وجبروت | وكل أنس وكل جان |
وكل ساق وكل كاس | وكل خمر وكل حان |
وبحسان وبقباح | وبهموم وبتهاني |
وكل شيء صرفت عنه | ولم يصرح به لساني |
توهمات الجميع فيه | من فرط عز ورفع شان |
يجلّ عنها وعن مقالي | يجل فيما به سباني |
والعلم بالجهل قد تساوى | عجزهما عنه في قران |
وكل عبد بما لديه | في محنة منه وافتتان |
وقد تجلى بكل شيء | والشيء من عالم الكيان |
فضا منه فضاء كل | كالنور في صبغة القناني |
وفيه كانت فصار فيها | بقائم والجميع فانى |
وهو على ما عليه قدما | بلا انتقال ولا اختزان |
ولا اتصال ولا انفصال | ولا افتراق ولا اقتران |
ولا التفات ولا جهات | ولا زمان ولا مكان |
ولا حلول ولا اتحاد | ولا تناء ولا تداني |
فإن تكن فاهماً وإلا | فدع كلامي لمن يداني |
ولا تعب ما جهلت منه | بقلبك القاصر الجبان |
وخلّ ما قلته لقوم | يطرب أسماعهم أذاني |
فإن داعي الكمال مني | يسمع من شاء بامتنان |
وكل شيء للحق شان | والحق باد في كل شان |
مسك له الكل طيب عرف | معنى له الكل كالمباني |
نحن التقادير منه فيه | كالكيف والكم والمكان |
وهو الوجود القديم صرفا | وماله في الوجود ثاني |
رآه موسى الكليم نارا | عنه بدا الكل كالدخان |
ورام منه بأن يراه | فجاءه عنه لن تراني |
لكونه رائيا فلو لم | يرى رآه إليه داني |
لكن علا شوقه عليه | منه عذا مالك العنان |
وزاد حتى أزال عنه | تثبتا كان في الجنان |
ومنه قد صار في ذهول | وفي اندهاش لما يعاني |
والشوق يوهى العقول جدّا | في رؤية الأوجه الحسان |
حتى إذا دك منه طوراً | وعاد بالصعق في اكتمان |
أفاق مستغفراً منيباً | مسبحاً طالب الأمان |
ما قال إني رأيت أو ما | رأيت إذ كان في عيان |
كان محبا له فأضحى | محبوبه الرائق الدنان |
وما عليه اختفى تبدّى | له جهاراً بلا تواني |
وصار بيديه كل شيء | قد كان أخفاه باجتنان |
وللمثاني آيات حق | تظهر في نغمة المثاني |
يذوقها كل ذي فؤاد | بنيل قرب الإله العاني |
سماؤه بالغرام شقت | وورده صار كالدهان |
يموت بالفكر ثم يحيى | بالذكر في القلب واللسان |
ويستريب الجهول منه | والله يلقيه في امتحان |
ولا تراه يعيش إلا | في فرط ذل وفي هوان |
وإن يمت فالجزاء نار | لأنه للضلال جاني |
وبافتراء وباعتداء | أنكر حقا وبامتهان |
ولا يضيع الإله شيئاً | فكيف إيذاء ذي العيان |