أرى ابنَ حريثٍ لا يُبالي عضيهتي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أرى ابنَ حريثٍ لا يُبالي عضيهتي | ومازال قِدما بالعضيهة راضيا |
ولو نكت أيضاً لم يبالني | كما أنه لم يلتبِس بهجائياً |
وماضرَّه ألا يُبالي بعدها | ركوبي إياها بحيث يرانيا |
لساني وأيري لوتبيَّن أمرَه | سواءٌ إذا ما قنَّعاهُ المخازيا |
هما الطرفان العارمانِ كلاهما | سواءٌ على من كان غيران حاميا |
ألم تر أن اللهَ حَدَّ عليهما | بحدٍّ وكان اللَّهُ بالعدل قاضيا |
أيا بنَ حريثٍ نكت أمك في استها | تصبَّرُ مهجوراً وأجزعُ هاجيا |
فدونك فاصبِرْ للهجاء فإنني | زعيمٌ به ما أصبح النيلُ جاريا |
إذا لم يبالِ المرءُ عَبطَ أديمِهِ | فعابطُهُ أحرى بأنْ لا يُباليا |
هجائيكَ يَشفيني وإن لم تُبالِه | وحَسبُك داءً أن أنال شِفائيا |
حلفتُ لئن أصبحت تضحكُ هازئاً | بشعري لقد أمسى ضَميرُك باكيا |
وإنك في تنبيح شِعْري وقد بدَتْ | نواقدُه من صفحتك دواميا |
لَكا لكلب في تَعضيضه قرنَ قِرنه | وقد أنفَدَتْه طعنة ٌ هي ماهيا |
وأصبحَ يُخفي ما به مُتَجَلِّدِاً | وإن كان لا يُخفي بذلك خافيا |
تكلَّف حِلماً ليس منه سَجية ً | وأَغضى على أقذائه مُتغاضيا |
ليُبلِغَني عنه رباطة َ جأشِه | فيكسُر في ذَرْعي ويُكْسَفُ باليا |
وما احتالَ إلا بعدما عيلَ صبرُه | وأَوْلى بداهٍ أن يُخادعَ داهيا |
كأني أراهُ حين قَدَّر أمرَهُ | فأمَّر نفسيه هنا لك خاليا |
فقالت له إحداهما إنَّ ذِلة ً | من المرءِ أن يُحمي وألا يُحاميا |
ولستَ من القومِ الذين إذا حَمَوا | فلا تتعرضْ للذي لستَ كافيا |
وقالتْ له الأخرى ومانصحتْ له | بلى وارْكب الغوْصاءَ واغشَ المغاشيا |
فزاولها عن كيدِها ونكيرِها | فلم يرَ إلا التُّرَّهاتِ اللواهيا |
فأصغى إلى أمرِ التي نصحتْ له | وإمّا أتى رشداً فما ذاك غاويا |
عسى ابن حُريثٍ تستريحُ ظنونُه | إلى أنني عانيتُ فيه القوافيا |
فيَشفي جواهُ أو يُنفِّس كَربه | تظنِّيهِ أنْ قد شقَّني وعنانيا |
فلا يتخيلْ فيَّ ذاك بجهله | فلستُ لما أهدي إليه مُعانيا |
وأنَّى أعاني فيه شعراً أقوله | وهاجيهِ لا يبغي إله المرَاقيا |
وذاك لأن الشتْم في كلِّ ساقط | يجيءَ مجيءَ السيل يطلبُ واديا |
سيولٌ دعاها مستقَرٌ وقادها | مَسيلٌ فجاءت مُفْعَمات طواميا |
بَلى إنما المَرقَى الكؤود على امرىء | تطلَّع أشرافَ الجبالِ العواليا |
كأهل الندى والبأس والعِلم والحجى | سقى اللَّه هاتيك الذُّرى والروابيا |