ياطول غلَّة نفسِي المبلاهِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ياطول غلَّة نفسِي المبلاهِ | بظباء بين أجارع وجِلاهِ |
منْ كُلِّ رَيَّا لاتجودُ بشَرْبة ٍ | وجنابُها مُتدفِّقٌ بمياه |
تُضْحِي وتُمْسِي يُغب مُحِبُّها | مَلْهَى كرى أو مأثم استنباه |
يَحْظَى العميدُ بها ويَسْعد راقداً | ويظَلُّ عند النُّبْهِ في إذلاه |
وأبى هوايَ لقد غدا مُسْتَفرِهاً | أعداءَ عقلي أيمَّا استفراه |
سُقِيَ الزمانُ إذا الحسانُ يَصِلْنني | ويُنلنني طوعاً بلا إكراه |
وإذا المشيبُ شبيبة ٌ منضورة ٌ | وإذ المواعظُ كلُّهُنَّ مَلاه |
لا والذي لو شاء بَدَّلَ صَبْوَتي | بلهى ً وطولَ صبابتي بتناه |
ماقيل إن مع السمَّاك فضيلة ٌ | إلى تناولها عُبَيْدُ اللَّهِ |
ملك حلا مَخْبورُه ورواؤه | فحلا على الأسماعِ والأفواه |
عَذْبُ اللسان ولن تراه كليلَه | عضبُ اللسان وليس بالعضَّاه |
ناهيك من صَمْتٍ بلا عيٍّ به | وكفاك مِنْ لسَنٍ بغير سِفاه |
مُتَيَقِّظٌ أبداً لفعلِ كريمة ٍ | وعلى الطِّلابِ لشكرِها مُتساهي |
يَهَبُ الرغيب بِشُكْرِهِ فعُفاتُه | مُتفاكهون وتلكَ حالُ فُكاه |
لكنه مع ذَلكمْ مُسْتَنَزهٌ | رَوْضَ المحامِدِ أيَّما استنزاه |
مُتَظَلِّلٌ من طَوْله بحدائقٍ | مُتَمَرِّسٌ من حده بعِضاه |
وكأَنَّ حُبْوته تُلاث بشامخ | يَنْحطُّ عنه الصخرُ في دَهْداه |
ملكتْ سكينتُهُ عليه أمرَه | فكأنه ساهٍ وليس بساهي |
وعفا وعامَل بالأَناة ِ عَدُوَّه | فكأنه لاهٍ وليس بلاهي |
مِمِّنْ يراه الحَقُّ غِبْطَة َ دولة ٍ | وسعودَ مَمْلكة ٍ وفضلَ إله |
فإذا الزمانُ غدا وراح معبِّسا | فزمانه متضاحِكٌ متباه |
مازال يُؤْنِسهُ جميلُ فَعاله | قِدْماً ويُوحشه منَ الأشباه |
تتعاورُ العَرَبُ الكرامُ وفارِسٌ | ذِكراه بالبَخْباخ والبَهْبَاه |
شفعَ السماحُ إليه في سُؤَّاله | فَمرى جداهُ لهم عريضُ الجاه |
يَمِّمْهُ إنك منه بين مُثَوّب | بالمُعْطشينَ ومِذْودٍ نَدَّاهِ |
يَشْفِي الصَّدَى ويَذُودُ كلَّ مُلِمَّة ٍ | عنا بحزمِ مُفَكِّرٍ بدَّاه |
قل للأمير حلَتْ ليالي عُمْرهِ | في غيرِ منقطع ولا متناهي |
يامن أمرَّ على الحُلوقِ مذاقُه | وحلا وطاب لألسُنٍ وشفاه |
لِيَفُزْ من الأمراء شاهنشاههمُ | بِفَتى ً من الوزراء شاهنشاه |
أضحَى وماضاهاه خادمُ سيِّدٍ | وكذاك مالك في الملوك مُضاهي |
انظرْ فإنكَ ناظرٌ بجلِيَّة ٍ | هل في وزيرك عن وزيرك ناهي |
هل مُلِّكَ الأعداء عند قيامه | إلا تذلُّلَ آنُفٍ وجباه |
سَجَدُوا ولو عَنَدُوا مكانَ سجودهمْ | لرَماهُمُ مِنْ كيدهِ بدواهي |
إن الوزيرَ إذا تَأَمَّلَ ناظرٌ | لَعَتادُ مُحتاطٍ وتاجُ مُباه |
نَمْ كيف شِئْتَ فما البناءُ بخاشع | كلاَّ ولا أسُّ البناء بواهي |
ظفِرتْ يداك من الوزير بقيِّم | تأتي نصيحتُه بلا استكراه |
أمَّا ظِهارتُه فسلطانيَّة ٌ | وله بطانة ُ مُخْبِتْ أوَّاه |
فاسدُدْ يديكَ بخادم من شأْنه | عكْس الرياء إذا تَصنَّع داه |
نامتْ على الإنباه أعيُنُ معْشرٍ | ورعاكَ منتبها بلا إنباه |
ياصاحبيَّ علا الوزيرُ وأعصفت | صعقاته بالنَّبْحِ والوَهواه |
قومٌ على سننِ الطريق وآذِناً | في الصادرين وواردي الأمواه |
صانَ الوزارة أحمدٌ عن معشرٍ | خُلِقُوا لِكاسبِ القُوت بالأستاه |
كانوا إذا قسطوا فأقسطُ واعظٍ | ظلُّوا هنالك منه في فَهفاه |
صانتْه صائنة ٌ تُكافيءُ سَعْيَهُ | وزَهَتْهُ من شرفِ الفَعال زَواهي |
وجزَتْ جوازي الخيرِ صاحبَ أمرِه | فهُوَ النَّجاهُ أمام كلِّ تجاه |
لا كابن بلبلٍ الدعيَّ وعُصبة ٍ | عَدِمُوا خِلالَ الخيرِ غيرَ هواه |
ياسائلي بابنِ اللَّبون وقد ثوى | في النارِ تَطْهاه هُناكَ طواهي |
كانَ المُحيَّنَ ذئبَ رَدْهة ِ دَهْرِه | ورجالُ دولتهِ ذئاب رِداهِ |
ثم اعتدَى فإذا هُوَ ضَيْغَمُ غابة ٍ | وزهاه من فَرْطِ الجهالة زاهي |
فعتا ويَهْيَهَ في الكلامِ تَعارُباً | حتى كنيناه أبا اليهْياه |
مُتصامِماً متكامهاً عن ربه | فرماهُ بالإصمام والإكماه |
غابَ المُوَفِّقُ فاستراب بغيبهِ | وأتى فصادف منه مِرْجلَ طاهي |
ومعانِدُ التقوى مُعِدُّ مغالة ٍ | لخلافة ِ ووقاحة ٍ لوَ جاه |
قال المُوفَّقُ إذْ تبين غَوْلَه | قسماً لقد ساهيت غير مساهي |
وغدا أبو العباس يطلب ثأره | فرمَى الزمانُ مُداهياً بدواهي |
كُفءُ المُخاتِل والمبارز قَسْورٌ | لاينثني للزجر والجَهْجاهِ |
ركِبَ الأميرُ قَرا المحجَّة ِ فاهتدى | وطغَى الدَّعيُّ فتاه في أَتْواهِ |
لا يَعجَبْن أحَدٌ لخيْبة ِ وجِهِهِ | هل كان عَبداً مُقْرنا بخُذاه |
وجهٌ كما للصالحين وما عنى | للصالحين فشاهُ كلَّ مَشاه |
ولقد نَهَتْه لو أُعينَ بنَهيهِ | وحِجَى نواهٍ بعدهُنَّ نواه |
تَجِهُ الصنيعة ِ والصنيعة ُ حرة ٌ | فثنتْ أعِنتها عن التُّجَّاه |
وأتتْ فتى ً ماسارَ سيرة َ تائهٍ | في حِفْظِ نعمتهِ ولا تَيَّاه |
إنْ تائهُ جَبَهَ الوجوهَ ببشرِهِ | ولُهَى يديهِ فليس بالجَبَّاه |
وترشَّفَتْهُ ولم تكن مكروهة ً | نكهاتُ مِسكٍ عند ذي استنكاه |
كَلأَتْه نيتَّهُ التي منْ سُوسها | صِدْق الكَلاءة والقلوبُ سواهي |
ورعاهُ معروفٌ يُخامِرُ نَفسَهُ | ويفيضُ عنها والنفوسُ لواهي |