سَمْعا أبا إسحق إنك ماجدٌ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
سَمْعا أبا إسحق إنك ماجدٌ | وعلى حقوقِ المجدِ جِدُّ أمينِ |
ماذا تقول إذا سُئِلْتَ مُحاسباً | والظالمونُ على شفا سجِيِّن |
لِمْ نام جودُكَ عن ثوابِ مدائحٍ | جاءتكَ من رجلٍ مجيءَ يقين |
وطفقتَ تُوعدُهُ بكلِ عظمة ٍ | لنميمة ٍ جاءتْ مجيءَ ظَنين |
إن التثبّتَ والأناة َ على امرىء | عدلِ القضاءِ من السداد مكين |
أيظلُّ مدحي في مقام مبارزٍ | وترى هجائي في مُغار كَمين |
لايُلْفِينَّك ذو الجلال مُحاولا | تَبْيينَ مَطْموسٍ وطَمْسَ مُبين |
باللهِ أحلفُ أن ما حُدِّثْتَه | كذبٌ أرى حَبَلاً بغير جنين |
أيهيجُ مثلي بأسَ مثلكَ بالخنا | كمُقارعِ الصَّمصام بالسكين |
وهبِ الحقيقة َ كلَّ ما حُدِّثْته | أينَ السماحُ وقد أُعنْتَ بدين |
أقِلِ العثارَ كما أقلتَ نظيرَهُ | والمسْ خُشونَة َ ما ملكتَ بلين |
يا صاحبَ التَّمكين أدِّ زكاته | فالصفحُ خيرُ زكاة ِ ذي التمكين |
ومتى شجاك مُهجَّنٌ فاغفِرْ له | حتى روحَ مكذَّبَ التهجين |
فتكيده كيدَ المعاتِب مُحرِزاً | أجرَ المُقيلِ وأنتَ غيرُ غبين |
أهدَى لك التهجينَ فانتدَبَتْ له | حِيل الكريم فصار كالتزيين |
أعملتَ حلمَكَ في السفيه وجَهلِهِ | رحْبَ الجوانح صادق التوطينِ |
وأبان ذلك إفكَ خصمِك فانثنى | وهو المَشينُ وأنت غير مشين |
ولو انتقمتَ لكنتَ من أشهاده | ورفدتَ غَثَّ مقاله بسمين |
إني لأعلمُ أن عندك نفثة | تَشفي السقيم ونفثة َ التنين |
فعلامَ أعرِضُ للتي فيها الرَّدى | وأروغُ عن تلك التي تَشفيني |
أَأوّاثِبُ الوزراءَ في ملكُوتِهِمْ | إنِّي إذاً لأوزَّة ُ الشاهين |
ما مَنْ يُساق إلى انتجاعِكَ للندى | ممن يُساق كذا إلى التَّحْيين |
أغرِبْ على الكُرماءِ في أكرومة ٍ | تلقى الرواة ُ بها ملوكَ الصين |
ومن الغرائب في المكارم والعلى | صَبْرُ العزيز لسطوة ِ المسكين |
والعفُو عن جانٍ ملكتَ عقابَهُ | طرفٌ من الإنشاءِ والتَّكْوِينِ |
أَوَ ما يسرُّك أن تُشبَّهَ بالذي | يُحيي العظامَ وأنت غيرُ لعين |
بل أنت في هذا التشبُّه فائزٌ | وبأن تُثاب عليه جدُّ قَمين |
فاعفُ التي عرف الإله براءتي | منها وتلك شهادة ٌ تكفيني |
وحلفت لا أرضى بعفوك وحده | حتى يُلذَّ من اللُّهى بقَرين |
وحلفتُ لا أرضى قريناً واحداً | وليثنينَّ وأنت غير ضنين |
وحلفتُ لا أرضى بذلك كلِّه | حتى يدومَ فلا زوال لحين |
ولئن حلفتُ لمَا حلفتُ مغَرَّراً | ضَمَنْتَ يمينُك برَّ كلِّ يمينِ |
ولئن وثِقْتُ لما وثقتُ مُخاطراً | ما استمسكت كَفِّي بغير متين |
وضَمينُ نفسي طيبُ خيمك وحده | حَسبي به من دون كل ضمين |
سيكون لي متنفَّساً لا كربة | ولذاكَ كنتَ بموضع العِرنين |
لا لا أخافُكَ إن عدلَكَ مَأْمني | مما أخاف وصامنٌ تحصيني |
قد كان بشْرٌ نال أوْساً بالأذَى | فعفا له وصغا إلى التهوين |
وحباه خير حِبائِهِ فغدتْ به | وَجْناء تَغْشَى حدَّ كلِّ وجين |
من بعدِ ما احتدَمَتْ عليه عصبة ٌ | حَرَّى تفورُ على ذَوِي التسكين |
فذكتْ له نارانِ نارُ مطمطِمٍ | قَذَفٍ ونارُ مجمجم سجِّين |
ولأنت أولى بالتجاوُزِ والندى | يا بنَ الملوكِ وساسة الآيين |
لا يستفزُّكَ بالمكارمِ سُوقة ً | وأبوك أكرمُ دائنٍ ومَدين |
دعْ ما أُريكَ من المحاسنِ واستشِرْ | عينيكَ في التقبيحِ والتحسين |
أقِم العقوبة َ والمثوبة َ جانباً | وتخيَّر الحسناءَ في التدوين |
لايَسبقن إليَّ يا من لا يرى | شأوا له في المجد غير بطين |
ومتى غدوتَ لديكَ شَرُّ صنيعة ٍ | فاعلم بأن الطَّول خير خَدين |
بوّأْتني من حوت يونَس منزلاً | فمتى أنوءُ بمنْبت اليقطين |
دنيايَ ضيقٌ مذ سَخِطْتَ وَظُلْمَة ٌ | والموتُ يتبَعُ ذاك أو تُحبيني |
ولديك للمكروب أوسعُ همّة ٍ | عَطْفاً وأنورُ غُرَّة ٍ وجبين |
فأفِىء ْ عليَّ ظلالَ عطفِكَ | إنني في مظلم الأرجاء غير كنين |
لا تَغْلُظَنَّ على امرىء ٍ لم يَجْتَرمْ | جُرماً وأنت أرقُّ مِن تشرين |
لا يُفْسدَنّ ثناكَ زورُ مُزَوِّرٍ | وثناكَ نَشْرُ الوردِ والنَّسرين |
لا تجعلنَّك عصبة ٌ عن ظِنَّة ٍ | حُزْني وأنت سرُورُ كل حزين |
خذل الإلهُ لديك خاذل حجّتي | وأعان كلَّ معاضدٍ ومُعين |
يا ليتَ شعْري كيف يصْنعُ كائدي | غَلِّي عليْهِ يَدَيْهِ بالتَّوهينِ |
أيثيرُ من شعري دفين عيوبه | ولكل شعر مستثار دفين |
أم يرتجي ألا يثيب خسيستي | عند النشيد بضعف ما يغنيني |
فذرِ المُقَدَّر أن يخونك نظرة ٌ | فترى رصين القول غير رصين |
أوَ ما درَى أن السماحة في الفتى | إغلاؤه ثمناً لغيرِ ثمين |
خاب المؤمِّل فيك ظلمَ مؤملٍ | وإن استماح بهَيِّنٍ ومُهينِ |
أغْنته ترجية ُ المُحال ولم يكن | بمسيِّر في البرِّ ركْبَ سفين |
من رام سَكْر البحرِ عن طُرقاتِهِ | أرهنته بالعجز ألفَ رهين |
ما لِلَّذِي قطعَ الشهادة َ كاذبا | مُنعَ الشهادة َ ساعة َ التلقين |
ولكَ التفَطّن قبلَ كُل مُفَطَّنِ | ولك التبَيّن دونَ ذي التبيين |
لا تزبرنَّ على الضعيفِ فربما | ظلم الزَّبيرُ فعاد رَجْعَ أنين |
ولقد ترى الشعراء في عثراتهم | فتليهُمُ بإقالة ٍ تُرْضيني |
وترى أُجاجَتَهُمْ مَعيناً سائغاً | لِطباع صِدْقٍ ساخَ فيه معيني |
حُورُ المكارِم يَتَّمتْك وعِينُها | لا الشعرُ محفوفاً بحورٍ عين |
لو كنتُ من مُتَحَنِّنيكَ وددتني | وقرنْتَ ذكر مَعاهدي بحنيني |
لكن أَراني إذ حفتْك مسائلي | خشَّنْتَ صدركَ أيَّما تخشين |
وكأنني بك شاكرٌ لك قائلٌ | إنَّ الكريمَ يلين للتليين |
لاقيتُ إبراهيمَ يرجحُ في الندى | والحلم والتقوى بكل وَزين |
خفَّت مَناهضهُ فخفَّ إلى العلا | ورسا بحلم كالجبالِ رزين |
أعفى بحاجاتي وقد حمَّلْتُهُ | ما لا تُحمَّلُ خِلْقَة ٌ من طين |