أأبكتْكَ المعاهدُ والمغاني
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أأبكتْكَ المعاهدُ والمغاني | كدأبك قبلُهنَّ من الغواني |
وقفتُ بهن فاستمطرتُ بيني | غياثاُ والتذكُّرُ قد شجاني |
فجاد سحابُها تَمْريه ريحٌ | من الزفرات تلحَى من لحاني |
أجلتُ بها جُماناً من دموعي | لذكري غير جائلة الجمان |
وما إن زلتُ أنعي الصبرَ مِنِّي | إلى ذي خُلَّتي حتى نُعاني |
ولم تر مثلَ دمع مستغاث | ولا كزفير صدرٍ مستعانِ |
مُعيناً مُغرمٍ إذْ لا معينٌ | نصيرا مُسْلمٍ متظاهران |
أعاناني على البُرَحاء لمَّا | أعان عليَّ ثَم العاذلان |
عدِمتهما لقد خذلا وضنَّا | هناك برعيتي عمَّن رعاني |
ألا أسقي دموعي دارَ ظَبْي | لو اسْتَسْقَيْتُ رِيقتَه سقاني |
بِلَى لاسيّما وبيَ اشتفاء | بسحِّي عَبْرَتِي مِمَّا عراني |
قَضى حقَّيْنِ في حَقٌ عميدٌ | بكى شجوَ الأحبَّة والمغاني |
وداوى قلبَهُ من داء وشَوْق | عراه ففيم لامَ اللائمان |
ولكن لا ارتجاعَ لما تقضَّى | فما استشعارُ باقٍ ذِكرَ فاني |
وفي هذا الأوان وفي نُهاهُ | شواغلُ عن صِبَى ذاك الأوان |
برئتُ من الصبابة ِ والتَّصابي | إلى الغزلان والنفرِ الرواني |
وزارية ٍ عليَّ بأن رأتني | من الهزلى حقيراً في السِّمان |
صَبرَتُ لها وقلتُ مقال حُرٍّ | إليكِ فإنَّني باللَّه غاني |
وليستْ خِسَّة ُ الأجفانِ مِمَّا | يُخَسِّ قيمة َ النَّصْلِ اليماني |
وليْسَتْ إنْ نظرتِ بزائداتٍ | حُلى الأغماد في السَّيْفِ الددانِ |
فمن يكُ سائلاً ما وجهُ فَخْرِي | فإني فاخِرٌ أدبي زَهاني |
ونحنُ معاشرَ الشُّعَراءِ نَنْمي | إلى نسب من الكُتاب داني |
وإن كانوا أحقَّ بكلِّ فَضْلٍ | وأبلغَ باللسان وبالبنان |
أبُونا عندَ نِسْبتنَا أبوهم | عطاردٌ السماويُّ المكان |
أديبٌ لم يلِدْ إلاّ أديباً | ذكيّ القلبِ مشحوذَ اللسان |
مليئاً إن توسّم بالمعاني | وفيَّا إنْ تَكَلَّمَ بالبيان |
أإخوتَنا من الكتابِ رِقُّوا | عليْنَا من مُغالطة ِ الزَّمان |
فإنْ لم تفعلوا وجفوْتمونا | على إثرائِكم فيمن جفاني |
فإنَّ أبا الحسين أخا المعالي | طَبيبٌ إنْ تَفَرَّد بي شفاني |
طبيبٌ كم شفاني من سَقامٍ | وما جدحَ الدواءَ ولا رقاني |
فهلْ يُرْضيهِ شكرٌ أعجزتْهُ | يداه فما له بهما يدان |
نعَمْ إنَّ الفتَى سمحٌ تمامٌ | وفي السَّمَحاءِ منقوصُ المعاني |
يجودُ أبو الحسين ولا يعاني | منافَسة َ الجِراء كما نُعاني |
غدا عن كلِّ مَحْمدة ٍ سَخِيّاً | وليس بها عليه من هوان |
ولكنْ همَّة ٌ رَفَعَتْهُ حتى | سمتْ قدماه فوق الفرقدان |
وتخفيفٌ عن الإخوان منه | وإنْ هم ثقَّلوا في كل آنِ |
ولم تر طالباً للحمد أحْظَى | به من طالبٍ فيه تواني |
إذا نامَ الجوادُ عن التقاضي | أتاه الحمدُ يركض غيرَ واني |
أعدِّدُ لابن أحمد بن يحيى | مكارمَ غير خاشعة المباني |
فتى ً ضَمنَ الصيانة وهي سُؤْلي | فكان ضمانه أملَى ضمان |
وآمَننِي تلونَ حالتيْهِ | فكان أمانه أوفى أمان |
بل انتقدَ الحياة َ من المنايا | بجودٍ كالجلادِ وكالطعان |
قسطْتُ على الزَّمانِ به فأضحى | وقد أعفَى بحقِّي واتَّقاني |
فتَى الكتاب نُبْلاً واضطلاعاً | وصدقَ أمانة ٍ وعلوَّ شان |
شكرتُ له نداه وإن أراني | نداه تخلُّفي فيما أراني |
أنالَ وقلتُ يُعطيني وأثنَى | فما جاريتُهُ حتى شآني |
أبرَّ عليَّ إبرارَ المُعادي | وليُّ منه بَرَّ فما اتَّلاني |
فلولا أنَّه رجلٌ كريمٌ | لقلتُهناك ممدوحي هجاني |
ولولا أنني رجلٌ سليمٌ | لقابلتُ الصنيعة َ باضْطغان |
ولو سَخِطَ امرؤ يُولي جميلاً | سَخِطَت وحُقَّ لي ممَّا اعتلاني |
وما سَخَطِي على من جاءَ يَجرِي | إليَّ وغبطتي فَرَسيْ رِهان |
وما حسدي امرءاً ما زال يُغْرِي | بي الحُسَّادَ وهْوَ علَيَّ حاني |
حلفتُ لقد غدا في النَّاسِ فرداً | فليتَ اللَّهَ يُؤْنسُه بثاني |
وليتَ اللَّه يغفِرُ لي اشتطاطي | فقد جاز اشتطاط ذوي الأماني |
محمد يابنَ أحمدَ يابن يحيى | أخا الآلاءِ والنَّعمِ الحسان |
أما لقد ارتَهنْتَ الدهرَ شكري | بعرفكَ غيرَ معتمدِ ارتهان |
كما اسْتعبدْتَني وملكت رِقِّي | بلطفك غيرَ معتمد امتهان |
وما الرجُل الطليقُ الحُرُّ إلاَّ | أسيرٌ في يدَيْ نعماك عاني |
ولا الرجلُ الأسيرُ العَبْدُ إلاَّ | طليقٌ من يدٍ لك وامتنان |
بقيتَ بقاءَ ما تبني فإني | أراهُ بقاءَ يذبِلُ أو أَبان |