يا مادحَ الحقدِ محتالاً له شَبهاً
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يا مادحَ الحقدِ محتالاً له شَبهاً | لقد سلكتَ إليه مسلكاً وَعِثا |
لن يَقْلِبَ العيب زَيْناً من يُزَيِّنُه | حتى يَرُدَّ كبيراً عاتياً حدثا |
قد أبرم اللَّه أسبابَ الأمورِ معاً | فلن ترى سبباً منْهنَّ منتكثا |
يا دافنَ الحقد في ضِعْفَيْ جوانِحِهِ | ساء الدفينُ الذي أمسْتله جدثا |
الحقدُ داءٌ دويٌّ لا دواءَ لهُ | يَرِي الصُّدورَ إذا ما جمره حُرثا |
فاسْتَشْفِ منهُ بصفحٍ أو معاتبة ٍ | فإنما يبرأ المصدورُ ما نفثا |
واجعلْ طلابَك للأَوتار ما عَظُمَت | ولا تكن لصغير الأمر مكترثا |
والعَفْوُ أقربُ للتقوى وإن جُرمٌ | من مجرمٍ جَرَحَ الأكبادَ أو فَرَثا |
يكفيك في العفو أن اللَّه قرَّظهُ | وَحْياً إلى خير من صلَّى ومن بُعِثَا |
شهدتُ أنكَ لو أذنبت ساءكَ أن | تلقى أخاك حقوداً صدرُهُ شَرثَا |
إذَنْ وسرَّكَ أن ينسى الذنوبَ معاً | وأن تُصادفَ منه جانباً دمثا |
فكيف تمدح أمراً كنتَ تكرهُهُ | فَكِّرْ هُديتَ تُمَيِّزُ كلَّ ما اغتلثا |
وليس يخفَى من الأشياء أقربُها | إلى السداد إذا ما باحثٌ بحثا |
فارجع إلى الحقِّ من قُرْبٍ ومن أمَمٍ | وَلاَ تَمنَّ مُنَى طفلٍ إذا مَرَثا |
فمن تثاقل عن حقٍ فبادَرَهُ | إليه خَصْمٌ سَفَى في وجهه وَحَثَا |
والفَلْجُ للحقِّ والمُدْلي بحجتهِ | إذا الخصيم هناكم للخصيم جَثَا |
إني إذا خلط الإخوانُ صالحهم | بسيّىء ِ الفعلِ جِدّاً كان أو عبثا |
جعلتُ صدري كظرف السَّبْك حينئذٍ | يَسْتخلصُ الفضَّة َ البيضاء لا الخبثا |
ولست أجْعَله كالحوض أمدحُهُ | بحفظ ما طابَ من ماء وما خَبَثا |
ولا أزيِّنُ عيبي كي أسوِّغَهُ | نفسي ولا أنطق البهتانَ والرَّفثا |
تَغْبيبُ ذي العيب عَنْهُ كيْ تُزيِّنُهُ | حِنْثٌ وإنْ هو لم يحلفْ فقد حنثا |
والعيبُ عيبان فيمن لا يقبِّحهُ | فإن تجاهلَ عَيْبَيْهِ فقد ثَلَثَا |
لا تجمعنَّ إلى عيبٍ تُعاب به | عَيبَ الخداع فلن تزداد طيبَ نَثَا |
كم زخرفَ القولَ من زورٍ وَلبَّسَهُ | على العقول ولكنْ قلَّما لَبِثَا |
إن القبيحَ وإن صنَّعْتَ ظاهرهُ | يعودُ ما لُمَّ منه مرة ً شَعِثَا |