أفيضا دماً إنَّ الرزايا لها قِيَمْ
مدة
قراءة القصيدة :
18 دقائق
.
أفيضا دماً إنَّ الرزايا لها قِيَمْ | فليس كثيراً أن تَجُودَا لها بِدمْ |
ولاتستريحا من بُكاء إلى كرًى | فلا حمد مالم تُسعداني على السأم |
ويا لذة العيشِ التي كنتُ أرتضي | تقطَّعَ مابيني وبينكِ فانصرمُ |
رُميتُ بخطٍ لا يقومُ لمثلهِ | شرَوْرَى ولارَضْوَى ولا الهَضْبُ من خيم |
بأنكر ذي نُكرْ وأقطعَ ذي شباً | وأمقر ذي طعم وأوخم ذي وَخَمْ |
رزيئة ِ أمٍّ كنتُ أحيا بِرُوحِها | وأستدفعُ البلوى وأستكشفُ الغُمم |
وما الأمُّ إلاَّ إمَّة ٌ في حياتها | وأمٌّ إذا فادتْ وما الأمُّ بالأمَم |
بنفسي غداة َ الأمسِ من بانَ مِنْ غدٍ | وبتَّ مع الأمسِ القرينة فانجذم |
ولما قضى الحاثونَ حَثْوَ ترابِهم | عليها وحالتْ دونها مِرَّة الوذم |
أظلَّتْ غواشي رحمة ِ الله قبرَها | فأضحى جناباهُ من النارِ في حرم |
أقولُ وقد قالوا أتبكي كفاقدٍ | رضاعاً وأين الكهلُ من راضع الحلم |
هي الأُمُّ يا للنَّاسِ جُرِّعتُ ثُكْلَها | ومن يبك أُمًّا لم تُذَم قَطُّ لا يذَم |
فقدتُ رضاعاً من سُرورٍ عهدتُها | تُعللِّنيه فانقضى غيرَ مستتم |
رضاعُ بناتِ القلبِ بان بِبَيْنِها | حَمِيداً وما كُلُّ الرَّضاعِ رضاعُ فم |
إلى الله أشكو جهد بلواي إنه | بمستمعِ الشكوى ومُستَوهب العصمْ |
وإني لم إيتم صغيرا وإنني | يتمتُ كبيراً أسوأ اليُتْم واليَتم |
على حين لم ألق المصيبة جاهلاً | ولا آهلاً والدَّهرُ دهرٌ قد اعترمْ |
أُقاسي وصِنْوي منه كلَّ شديدة ٍ | تُبرحُ بالجَلْدِ الصَّبورِ وبالبرم |
خَلِيلَّي هذا قبرُ أمي فورِّعا | من العَذْل عني واجعلا جابتي نَعم |
فما ذَرفْت عيني على رسمِ منزلٍ | ولاعكفَتْ نفسي هناك على صنم |
خليليَّ رِقّا لي أعِينا أخاكما | نَشَدْتُكما مَنْ تَرْعيانِ مِنَ الحُرم |
أمِنْ كَرَى الشكوى تَمَلاَّني جُزْتُما | سبيل اغتنامِ الحمد والحمدُ يُغْتنَم |
فكيف اصطباري للمُصابِ وأنتما | تَمَلاَّنِ شكواهُ وفي جانبي ثَلم |
عجبتُ لذي سمع يملُّ شِكاية ً | ويعجبُ من صَدْرٍ يضيقُ بما كظم |
ألا رُبَّ أيام سَحَبْتُ ذُيولَها | سليماً من الأرزاء أملسَ كالزُّلم |
أُرشِّحُ آمالاً طِوالاً وأجتني | جنى العيشِ في ظل ظليلٍ من النِّعم |
ولو كنتُ أدْرِي أنَّ ماكانَ كائنٌ | لقُمْتُ لِرَوْعاتِ الخُطوب على قدم |
غدا الدهرُ لي خصماً وفى مُحَكَّماً | فكيف بخصم ضالع وهْو الحَكَم |
يجُورُ فأشكو جَورْهُ وهْو دائباً | يرى جَوْرهُ عدلاً إذا الجورُ منه عم |
عذيريَ من دهرٍ غشوم لأهله | يرى أنَّه إذْ عمَّ بالغَشْمِ ماغَشَم |
غدا يَقْسمُ الأسواءَ قَسْمَ سويَّة ٍ | وماعَدْلُ من سوَّى وسوّاءُ ماقسم |
تعُمُّ ببلواهُ يد منه سُلْطة | يصول بها فظٌ إذا اقْتَدَرَ اهْتَضَم |
وليستْ من الأيدي الحميد بلاؤها | يدٌ قسمتْ سُوءاً وإن سوّتِ القَسَمْ |
أمالَ عُروشي ثم ثنَّى بَهدْمِها | وكم من عُروشٍ قد أمال وقد هَدَم |
وأصبح يُهدي لي الأسى متَنَصِّلاً | فمِنْ سُوقة ٍ أرْدَى ومِن مَلِكٍ قصم |
وإنِّي وإنْ أهْدى أُساه لساخطٌ | عليه ولكن هل من الدهر منتقم |
هو الدهرُ إمَّا غابطٌ ذا شبيبة | بإحدى المنايا أو مُمِيتٌ أخا هرم |
كأنَّ الفتى نصبَ الليالي بنية ٌم أفيضا دماً إنَّ الرزايا لها قِيَمْ | فليس كثيراً أن تَجُودَا لها بِدمْ |
ولاتستريحا من بُكاء إلى كرًى | فلا حمد مالم تُسعداني على السأم |
ويا لذة العيشِ التي كنتُ أرتضي | تقطَّعَ مابيني وبينكِ فانصرمُ |
رُميتُ بخطٍ لا يقومُ لمثلهِ | شرَوْرَى ولارَضْوَى ولا الهَضْبُ من خيم |
بأنكر ذي نُكرْ وأقطعَ ذي شباً | وأمقر ذي طعم وأوخم ذي وَخَمْ |
رزيئة ِ أمٍّ كنتُ أحيا بِرُوحِها | وأستدفعُ البلوى وأستكشفُ الغُمم |
وما الأمُّ إلاَّ إمَّة ٌ في حياتها | وأمٌّ إذا فادتْ وما الأمُّ بالأمَم |
بنفسي غداة َ الأمسِ من بانَ مِنْ غدٍ | وبتَّ مع الأمسِ القرينة فانجذم |
ولما قضى الحاثونَ حَثْوَ ترابِهم | عليها وحالتْ دونها مِرَّة الوذم |
أظلَّتْ غواشي رحمة ِ الله قبرَها | فأضحى جناباهُ من النارِ في حرم |
أقولُ وقد قالوا أتبكي كفاقدٍ | رضاعاً وأين الكهلُ من راضع الحلم |
هي الأُمُّ يا للنَّاسِ جُرِّعتُ ثُكْلَها | ومن يبك أُمًّا لم تُذَم قَطُّ لا يذَم |
فقدتُ رضاعاً من سُرورٍ عهدتُها | تُعللِّنيه فانقضى غيرَ مستتم |
رضاعُ بناتِ القلبِ بان بِبَيْنِها | حَمِيداً وما كُلُّ الرَّضاعِ رضاعُ فم |
إلى الله أشكو جَهْد بلواي إنه | بمستمعِ الشكوى ومُستَوهب العصمْ |
إني لم إيتم صغيرا وإنني | يتمتُ كبيراً أسوأ اليُتْم واليَتم |
على حين لم ألق المصيبة جاهلاً | ولا آهلاً والدَّهرُ دهرٌ قد اعترمْ |
أُقاسي وصِنْوي منه كلَّ شديدة ٍ | تُبرحُ بالجَلْدِ الصَّبورِ وبالبرم |
خَلِيلَّي هذا قبرُ أمي فورِّعا | من العَذْل عني واجعلا جابتي نَعم |
فما ذَرفْت عيني على رسمِ منزلٍ | ولاعكفَتْ نفسي هناك على صنم |
خليليَّ رِقّا لي أعِينا أخاكما | نَشَدْتُكما مَنْ تَرْعيانِ مِنَ الحُرم |
أمِنْ كَرَى الشكوى تَمَلاَّني جُزْتُما | سبيل اغتنامِ الحمد والحمدُ يُغْتنَم |
فكيف اصطباري للمُصابِ وأنتما | تَمَلاَّنِ شكواهُ وفي جانبي ثَلم |
عجبتُ لذي سمع يملُّ شِكاية ً | ويعجبُ من صَدْرٍ يضيقُ بما كظم |
ألا رُبَّ أيام سَحَبْتُ ذُيولَها | سليماً من الأرزاء أملسَ كالزُّلم |
أُرشِّحُ آمالاً طِوالاً وأجتني | جنى العيشِ في ظل ظليلٍ من النِّعم |
ولو كنتُ أدْرِي أنَّ ماكانَ كائنٌ | لقُمْتُ لِرَوْعاتِ الخُطوب على قدم |
غدا الدهرُ لي خصماً وفى مُحَكَّماً | فكيف بخصم ضالع وهْو الحَكَم |
يجُورُ فأشكو جَورْهُ وهْو دائباً | يرى جَوْرهُ عدلاً إذا الجورُ منه عم |
عذيريَ من دهرٍ غشوم لأهله | يرى أنَّه إذْ عمَّ بالغَشْمِ ماغَشَم |
غدا يَقْسمُ الأسواءَ قَسْمَ سويَّة ٍ | وماعَدْلُ من سوَّى وسوّاءُ ماقسم |
تعُمُّ ببلواهُ يد منه سُلْطة | يصول بها فظٌ إذا اقْتَدَرَ اهْتَضَم |
وليستْ من الأيدي الحميد بلاؤها | يدٌ قسمتْ سُوءاً وإن سوّتِ القَسَمْ |
أمالَ عُروشي ثم ثنَّى بَهدْمِها | وكم من عُروشٍ قد أمال وقد هَدَم |
وأصبح يُهدي لي الأسى متَنَصِّلاً | فمِنْ سُوقة ٍ أرْدَى ومِن مَلِكٍ قصم |
وإنِّي وإنْ أهْدى أُساه لساخطٌ | عليه ولكن هل من الدهر منتقم |
هو الدهرُ إمَّا غابطٌ ذا شبيبة | بإحدى المنايا أو مُمِيتٌ أخا هرم |
كأنَّ الفتى نصبَ الليالي بنية ٌه | بمُصْطَفِق من موج بحْر ومُلْتَطم |
تقاذفُ عنها موجة ٌ بعد موجة | إلى موجة ٍ تأتي ذُراها من الدِّعم |
كذاك الفتى نَصْب الليالي يمُرها | إلى ليلة ٍ ترمي به سالفَ الأُمم |
فيا آملاً أن يَخْلُدُ الدَّهرَ كُلَّهُ | سلِ الدهرَ عن عادٍ وعن أختها إرم |
يُخَبِّرك أنَّ الموتَ رَسْمٌ مؤبد | ولن تعدو الرسمَ القديم الذي رسَمَ |
رأيتُ طويلَ العُمْرِ مثلَ قصيرهِ | إذا كان مُفْضاه إلى غاية ٍ تُؤم |
وما طولُ عمر لا أبا لك ينقضي | وماخيرُ عيشٍ قصُر وجدانه العدم |
ألا كلُّ حيٍّ ماخلا الله مَيِّتٌ | وإن زعمَ التأميلَ ذو الإفك مازعم |
يروحُ ويغدو الشيء يُبنَى فربمّا | جنى وهْيَهُ الباني وإن أُغْفِلَ انهدم |
إذا أخطأتْهُ ثُلمة ٌ لا يجرُّها | له غيرهُ جاءتْه من ذاته الثُّلمَ |
تُضَعْضِعُهُ الأوقاتُ وهْي بقاؤهُ | وتغتاله الأقواتُ وهْي له طُعمَ |
فيا مَنْ يُداوي مايَجُرُّ بقاؤهُ | فناءَ وما يُفذي به فيه قديسُمّ |
جَشِمْتَ عناءً لاعناءَ وراءهُ | فدعْ عنكَ ما أعيا ولاتَجْشَم الجُشَم |
سقى قبلكَ الساقي وأسْعَطَ بل كوى | ليحسمَ أدواءَ القُرونِ فما حَسَمْ |
إذا ما رأيتَ الشيء يُبليهِ عُمْرُهُ | ويُفنيه أن يَبْقى ففي دائه عقم |
يروحُ ويغدو وهْو من موتِ عبْطة ٍ | وموتِ فناءٍ بين فكَّين من جلم |
ألا إن بالأبصار عن عِبرة ٍ عمًى | ألا إن بالأسماعِ عن عِظة ٍ صمم |
تُحِدُّ لنا أيدي الزمانِ شِفاره | ونرتع في أكْلائِه رَتْعَة َ النّعَم |
نُراعُ إذا ما الدهرُ صاح فنَرْعوِي | وإن لم يَصِحْ يوماً براتعنا خضم |
سيُكشفُ عن قلبِ الغبيِّ غطاؤه | إذا حتفُه يوماً على صدره جثم |
ألا كم أذلَّ الدهرُ من متعزز | وكم زمَّ من أنف حَميٍّ وكم خطم |
وكم ساور العقبانَ في اللؤم صرْفُه | وكم غاوصَ الحيتانَ في زاخر الحُوَم |
وكم ظلم الظِّلمانَ حق صحاحِها | ومثُل خصيم الدهرِ أذعنَ واظَّلم |
وكم غلبتْ غلبَ القُيول هناتُه | ولم تُقْتَبَسْ من قبلِ ذاك ولم تُرمَ |
وكم نَهش الحيّاتِ في هضباتِها | وكم فرس الأُسدَ الخوادِرَ في الأجم |
وكم أدرك الوحش التي لجَّ نَفْرُها | يغُورُ لها طَوْراً ويطَّلعُ الأكم |
وكم قعصَ الأبطالَ إمّا شجاعة ً | وإمَّا بمقدارٍ إذا اضطرَّهُ اقتحم |
وكم صالَ بالأملاكِ وسْطَ جنودِها | وأخنى على أهلِ النُّبوّاتِ والحِكم |
وكم نعمة ٍ أذوى وكم غبطة ٍ طوى | وكم سند أهوى وكم عُرْوة ٍ فصمْ |
وكم هدَّ من طَوْد مُنيف عانهُ | وكم قضَّ من قَصْرٍ مُنيفٍ وكم وكم |
أرى الدهرَ لا يبقى على حدثانه | شعيبُ الأعالي جَهْوَرِيٌّ إذا بغم |
جريءٌ على العُرمِ العوارمِ لا يني | كأن ذُعافَ السُّم يشْفيهِ من قرم |
إذا احترش الأفعى بمرجوع نفخة | دهاها بأضراسٍ حِداد أو التهم |
مُعِدٌّ عتاديْ هاربٍ ومُقاتلٍ | متى كرّ يوما كرة ً أو متى انهزم |
قُرونٌ كأرماح الهياج شوائك | وآونة ً شدٌّ يجمُّ إذا انهزم |
رعى مارعى حتى رمى الحيْنُ نفسهُ | بحتف فما أنبا هناك ولاشرم |
أدلَّ بقَرْنَيْهِ فلاقاه ناطحٌ | مِنَ الدَّهرِ غلاَّبٌ فسوَّاهُ بالأجم |
ولانِقنِقٌ خاظي البضيع صمحمح | من الآكلات النار تأتجُّ في الفَحمْ |
يصومُ فلا يحوي ويملأ بطنَهُ | بماشاء من زاد ولا يرهَبُ البشمْ |
ويبلغ أفلاذَ الحديدِ جوامداً | فيسْبكها في قعرِ كيرٍ قد احتدم |
ويشترط المرو الركودَ كأنما | يراه طعاما قد أُعِدَّ له لُقَم |
ويتخذ التَّنَوُّم والشرْيَ مرتعاً | فيخذم مِنْ هذا وهذاك ماخَذَم |
ترامتْ به الأحوالُ حتى بَنَيْنَهُ | نهاراً وليلاً بِنية َ الفحل ذي القطم |
من العادياتِ الطائراتِ إذا نجا | بَصُرْتَ به بين النجاءيْن مُقْتَسم |
إذا شبَّ منها جاد ماهو قادحٍ | بِزَنْدَيْهِ من شدٍّ تَلَهَّبَ فاطَّرم |
جناحانِ خفَّاقانِ مُحَثْحثاً | ورِجلان لاتَسْتَحْسِران إذا اعتَزَمْ |
نجا ما نجا حتى ابتغى الدهرُ كَيْدَه | فدس إليه العَنْقفير ابنة الرَّقم |
ولاقسورٌ إن لم يجد مايكُفُّهُ | من الصَّيدِ أضحى والسباعُ له لحم |
عليه الدماءُ الجاسداتُ كأنَّما | مواقعُها منه المُدمَّى من الرَّخم |
إذا ما اغتدى قبل العطاسِ لصيده | فللمغتدِي تلقاءه عطسة ُ اللَّجم |
أتاحت له الأحداثُ منهنَّ قِرنَهُ | كفاحاً فلم يكدح بِظُفْرٍ ولاضغم |
وقد كان خطاف الخطاطيف ضيغما | إذا ساهم الأقرانَ عن نفسهِ سَهَم |
ولا أعصلُ النابَيْنِ حامل مَخْطِم | به حَجَنٌ طوراً وطوراً به فقم |
يُقلِّبُ جُثماناً عظيماً مُوَثَّقا | يهدُّ برُكنَيْهِ الجبالَ إذا مازحم |
ويسطو بخُرطوم يثنِّيه طوعَهُ | ومتشبهاتٍ ما أصابَ بها غنم |
ولست ترى بأساً يقومُ لبأسهِ | إذا أعملَ النَّابيْنِ في البأسِ أو صدم |
بقى مابقى حتى انتحى الدَّهرُ شخصهُ | فلم ينتصر إلا بأنْ أنَّ أو نأم |
هوى هائلَ المَهْوَى يجُودُ بنفسه | تخالُ به قيداً تقوَّضَ مِنْ إضم |
مضيماً هضيماً بعدَ عِزّ ومَنْعة | ومن ضامَهُ مالا يطاق ولم يُضَم |
ولاصِلُّ أصْلالٍ يبيت مُراقباً | بنْهشَتِهِ مقدارَ نفس متى يُحَمْ |
يشول بأنيابٍ شواها مقاتِلٌ | يُقَطِّرُ من أصرافها السّمَّ كالدَّسم |
زَحوف لدى المُمسي كأنّ سحيفهُ | إذا انساب في جنْح الظلام نَشيشُ حم |
يميزُ المنايا القاضياتِ سِمامهُ | من الرقْش ألواناً أو السُّودِ كالحُمَم |
أتاه وقد ظن الحِمام شقيقه | حَمامٌ ولاقى لا شقيقاً ولا ابن عم |
سقاه بكأس كان يَسْقي بمثلها | إذا ما سقى السَّاقي بأمثالها فطم |
كمينُ ردى ً في جسمه أوْ مُبارِزَ | نجيدٌ من الأقران غادره جِذمْ |
ولا لِقوة شعواء تُلحم فرخها | خداريَّة ٌ شمَّاء في شاهق أشم |
بكورٌ على الأقناص غيرُ مُخلَّة | كأنَّ بها في كل شارقة ٍ وجَم |
تبيتُ إذا ما أحجر القُر غيرَها | تُرَقْرِقُ رفْضَ الطَّلِّ في رِيشها الأحم |
تعالت عن الأيدي العواطي وأُعطيتْ | على الطيرِ تفضيلاً فأعطينْها الرُّمَم |
سما نحوها خَطْبٌ من الدهرِ فاتِكٌ | فطاحت جُبارا مثل صاحبها درم |
ولا غَرِق ناجٍ من الكرب عَيْشُهُ | بحيث يكون الموت في الأخضر القطم |
سبوحٌ مروجٌ رعيهُ حيثُ وِرْده | رغيبُ المِعا مهما استُطِفَّ له التقم |
مُجَوْشَنُ أعلى الجِلدِ غيرُ محمَّل | سلاحاً سوى فيه ومِزْودِهِ اللَّهم |
نفتْ جِلَّة َ الحيتان عنه شذاتُه | وخُلِّي في مَرْعًى من الوحشٍ والقزمْ |
إذا أوْجس النُّوتيُّ يوماً حَسِيسهُ | وقد عارض البوصيُّ شمَّرَ واحتزم |
أتيحَ له قِرنٌ من الدهر لم يكن | لِيَنْكُلَ عن أهوال يمٍّ ولا ابن يم |
فألقاهُ في مَنْجى السَّفينِ وإنما | بحيثُ يشمُّ الرُّوحَ ركبانُها يُغم |
لقى طافياً مثلَ الجزيرة ِ فوقهُ | أبابيل شتى من نسورٍ ومن رخم |
ولاملكَ لامجدَ إلا وقد بنى | ولا رأسَ سامي الطَّرفِ إلا وقد وقم |
تياسرهُ الأشياءُ منقادة ً له | فإن عاسرتْهُ مرة ً خَشَّ أو خَزَم |
إذا سارَ غُضَّتْ كُلُّ عينٍ مهابة ً | وأُسكتَتِ الأفواهُ مِنْ غيرِ مابكم |
سوى صَهلاتِ الخيلِ في عُرض جحفل | له لجبٌ يسترجفُ الأرض ذي هزم |
كأنَّ مُثارَ النقع فوقَ سوادِهِ | سحابٌ على ليلٍ تَطَخْطَخَ فادْلهمّ |
وإن حلَّ أرضاً حلها وهو قادرٌ | على البؤس والنُّعمى فأهلك أوعصم |
ترى خرزاتِ المُلْكِ فوق جبينِهِ | تلوح عليه من فُرادَى ومن تُؤم |
طواه الردى من بعدما أثخن العدا | وقوَّمَ من أمرَيْهِ ذا الزيغِ والضَّجم |
قد أمِنَ الأيام أن تَخْتَرِمْنَهُ | وبُرِّئتِ الدنيا لديه من التُّهَم |
رمى حاكمُ الحكامِ مُهجة َ نفسه | بحكم له ماضٍ فدانتْ لمَا حَكم |
ولا مُرْسَلٌ بالوَحْي مليكه | سِراجاً منيراً نورُهُ الساطعُ الأتم |
له دعوة ٌ يشْفي بها من شكى الضَّنى | ويرزُقُ من أكدى ويُنْعِشُ من رزمْ |
هو الرزْءُ لا يسْطيعُ نَهضاً بثِقلهِ | سوى ابنِ يقينٍ عاذ بالله واعتصم |
تَمَثَّلْتُ أمثالي مُعيداً ومُبدئاً | فما اندمَلَ الجُرحُ الذي بي ولا التأم |
وكم قارعٍ سمعي بوعظٍ يُجيدُه | ولكنَّهُ في الماء يرْقُمَ ما رقم |
إذا عاد ألفى القلبَ لم يَقْنِ وَعْظَهُ | وقد ظنَّهُ كالوحي في الحجرِ الأصم |
وكيف بأن يقْنى الفؤادُ عظاة | وقد ذابَ حتى لو تَرَقْرَقَ لانسجم |
وهل راقم في صفحة ِ الماء عائد | ليقرأ ماقد خطَّ إلا وقد طسم |
أحاملتي أصبحتِ حِملاً لحُفْرة | إذا حَمَلَتْ يوماً فليس لها قَتَم |
أحاملتي أسْتَحْمِلُ الله رَوْحة ً | إلى تلكمُ الروح الزكية والنَّسم |
أَمُرْضِعَتي أسترضِعَ الغيثُ دِرَّة ً | لرَمْسِكِ بل أستغزِرُ الدمعَ ماسجم |
وإنِّي لأستحييكِ أن أطلبَ الأَسى | لأسلى ولو داويتُ جُرْحيَ لم أُلم |
حِفاظاً وهل لي أُسْوة ٌ لوْ طلبتُها | ألا لا وهل من قِيمة لك في القِيم |
وإني لأستحييك أن أنقع الصَّدى | وأن أتحبَّى بالنسيم إذا نسم |
أأستنشق الأرواح بعدك طائعاً | وأشربُ عذبُ عذبَ الماء إني لذونهم |
وإني لأستحييك يا أم أن يرى | قريني إلا من بكى لك أو وجم |
وأن أتلهَّى بالحديث عن الأسى | وألقى جليسي بابتسامٍ إذا ابتسم |
أأمْرحُ فوق الأرض يا أمُّ والثرى | عليكِ مهيلٌ قد تطابقَ وارتكم |
أبى ذاك من نفسي خَصِيمٌ مُنازعٌ | ألدُّ إذا جاثى خصيماً له خَصَمْ |
حفاظي خَصيمي عنكِ يا أمُّ إنه | أبى لي إلا الهمَّ بعدك والسَّدَم |
عزيزٌ علينا أن تَموتِي وأننا | نعيش ولكن حُكِّم الموتُ فاحتكم |
ولو قَبِلَ الموتُ الفداء بذلتُهُ | ولكنما يَعْتامُ رائدُهُ العِيم |
أيا موتُ ما أسلمتُها لك طائعا | هواك فمالي زَفرتِي زفرة ُ الندم |
سأبكي بِنَثْرِ الدمع طوراً وتارة ً | بنظم المراثي دائمَ الحُزْنِ والوَكم |
وتُسعِدُني نفسٌ على ذاك سَمْحة ٌ | بما نثر الشجوُ الدخيلُ ومانظم |
لأنْفيَ نَوْمي لا لأشفي غُلَّتي | على أنَّ عيني مُذْ فقدتُكِ لم تنم |
ولو نظرْت عيْناكِ يا أمُّ نَظْرة ً | إلى ماتوارى عنك مِنِّيَ واكتتم |
فقِسْتِ بما ألقاهُ ماقد لقيته | شهدتِ بحق أنَّ داهيتي أطم |
وكم بين مكروه يُحَسُّ وقوعهُ | وآخرَ معدوم الإطاقة واللَّمم |
يُحسُّ البلى مَيْتُ الحياة ولم يكن | يُحِس البلى مَيْتُ الممات إذا أرم |
ألا من أراه صاحباً غيرَ خائنٍ | ألا من أراهُ مُؤنِساً غيرَ مُحْتَشَمص ألا من تليني منه في كُلِّ حالة ٍ |
أبرُّ يدٍ برَّتْ بذي شعثٍ يُلمع فيُفْرجُ عنِّي كُلَّ غمٍّ وكُلَّ همص نبا ناظِري يا يُّم عن كُلِّ مَنظرٍ | ألا من إليه أشتكي ما ينوبني |
وسَمْعِي عن الأصوات بعدك والنغم | وأصبحتِ الآمالُ مُذْ بِنْتِ والمنى |
غوادر عندي غير وافية ِ الدِّممْ | وصارمتُ خِلاَّني وهُمْ يَصلونَني |
وقد كنتُ وصَّالَ الخليل وإن صرم | وآنسني فقدُ الجليسِ وأوْحَشتْ |
مشاهِدُه نفسي ولم أدر ما اجترم | سوى أنه يدعو إلى الصبرِ واعِظاً |
فإن لجَّ مابي لجَّ في العَدْلِ أو عذم | ولو أنَّني جمَّعْتُ وعِظي ووعظهُ |
ليَشْعَبَ صَدْعاً في فؤادي لما التأم | وإني وقد زوَّدتني منكِ لوْعة |
لها وقْدة في القلبِ كالنارِ في الضرم | يريد المُعزّي بُرء كَلْمِي بوَعْظهِ |
ولم يكُ غيرُ الله يُبرىء ماكَلَم | هو الواهِبُ السلوانَ والصبرَ وحْدَهُ |
لذي الرُّزْءِ المُهْدِي الشِّفاء لذي السقم | ولست أُراني مُذْهلي عنكِ مُذْهِلٌ |
يد الدهر إلا أخذة ُ الموتِ بالكظم | هُناك ذُهولي أو إذا قيل قد قضى |
وإلاَّ فلا ماطاف ساعٍ أو استلم | وسوَّيْتِ عندي عُرفَ دَهرِي بِنُكره |
فأضحى وأمسى كلما أحسن استذم | أرى الخيرة َ المهداة ِ لي منه عبْرة ً |
ونِعمتُه المسداة ُ من واقع النِّقم | أتبهجُنِي نعماءُ دهرٍ حماكها |
وأشكر ما أعطى وأنت الذي حرم | أبى ذاك أن الخير بعدك حسرة |
لديّ ومعدود من المِحَنِ العظم | فقدناكِ فاسْوَدَّتْ عليكِ قلوبُنا |
وحُقَّتْ بأن تسودَّ وابيضَّتْ اللِّمَم | وأظلمتِ الدنيا وباخ ضياؤها |
نهاراً وشمسُ الصَّحوِ حَيْرى على القمَم | وأجدبتِ الأرضُ التي كنتِ روضة ً |
عليها وأبدتْ مَكْلحاً بعد مُبْتَسم | ومادتْ لك الأجبال حتى كأنما |
شواهقها كان بِمحياك تُدَّعمْ | وأصبحَ يبْكيكِ السحابُ مُجاوِداً |
فأرزم إرزامَ العجولِ ومارذم | وناحتْ عليكِ الريحُ عبري وأصبحتْ |
لدُنْ عَدِمَتْ ريَّاكِ تجري فلا تُشَمْ | وقامتْ عليكِ الجنُّ والإنس مأتماً |
تُبكِّي صلاة َ الليلِ والخمص والهضم | وأضحتْ عليكِ الوحشُ والطيرُ وُلَّها |
تبكِّي الرواء النضر والمخبر العمَمِ | وأبدى اكتئاباً كلُّ شيءٍ علمتُه |
وأضعافٌ ما أبداه من ذاك ماكتَم | كذاك أرى الأشياءَ إما حقيقة ً |
بدتْ لي وإما حُلْمَ مُسْتَيْقظٍ حَلم | ولن يَحْلُم اليقظانُ إلاَّ وقد أتتْ |
على لُبِّهِ دهياءُ هائلة ُ الفقم | وأما السمواتُ العلى فتباشرتْ |
برُوحِك لمَّا ضمَّها ذلك المضم | وماكنتِ إلا كوكباً كان بيننا |
فبان وأمسى بين أشكاله نجم | رأى المسْكَنَ العُلويّ أوْلى بِمِثْلِهِ |
فودَّعَنَا جادتْ معاهِدَهُ الرِّهَم | تأمَّلْ خَليلي في الكواكب كَوْكباً |
ترفَّع كالمصباح في ذِروة ِ العلم | سما عن سفال الأرض نحو سمائه |
فكشَّفَ عن أفاقها عاصب القتم | ولم يرهُ الراؤون من قبل موتها |
بحيث بدا لا المُعْرِبون ولا العَجَم | وإني وقد زودتني منك لوعة |
مُحالفة ً للقلب ما أورق السَّلَم | لتُسلينَني الأيام لا أن لوعتي |
ولاحَزَني كالشيء يبْلى على القِدَم | سأنْثو ثناكِ الخيرَ لامُتزيِّداً |
على ماجرى بين الصَّحيفة والقلمْ | ومابي قرُباكِ القريبة ُ إنه |
بعيدٌ من الأحياءِ مَنْ سَكَنَ الرَّجم | طوى الموتُ أسبابَ المحاباة ِ بيننا |
فلستُ وإن أطنبتُ فيك بِمُتَّهم | لعَمْرِي وعَمرِي بعدك الآن هَيّنٌ |
عليَّ ولكنْ عادة ٌ عادها القسم | لقد فجعتْ منكِ الليالي نُفوسها |
بمحيية الأسحار حافظة ِ العتم | ولم تُخطيء الأيام فيك فجيعة ٌ |
بِصوَّامة ٍ فيهنَّ طيَّبة ِ الطِّعم | وفاتَ بك الأيتامَ حِصنُ كِنافة ٍ |
دفيءٌ عليهم لية َ القُرِّ والشَّبم | رجعْنا وأفردْناكِ غير فريدة ٍ |
من البِرِّ والمعروفِ والخيرِ والكرم | فلا تَعدمي أُنْسَ المحلِّ فطالما |
عكفتِ وآنستِ المحاريبَ في الظُّلم | كستْ قبركَ الغُرُّ المبا
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (ابن الرومي) . |