وقفاتُ رأيك في الخطوبِ تأملُ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
وقفاتُ رأيك في الخطوبِ تأملُ | ونفاذُ عزمِك في الأمورِ توكُّلُ |
للَّه درُّك من عِمادِ خِلافة | ماذا تصون بك الملوكُ وتبذلُ |
مازلتَ تَعمِدُ للمخوَّفِ صيانة ً | وتُسلُّ فيه كما يُسلُّ المُنصلُ |
فرقَ الشكوكَ وفي الشكوكِ تلبُّسٌ | جمع الأمورَ وفي الأمور تزيُّلُ |
جلبَ المعاشَ وفي المعاشِ تعذُّرٌ | حقَنَ الدماءَ وفي الدماء تبزُّل |
هنأ الموفَّق أنه حظٌّ له | ظفرتْ يداه به يُطيبُ ويُجزِل |
كافي المشاهدِ لا يخورُ ولا يني | ثبتُ السجية ِ ليسَ فه تغوُّل |
متسربِلٌ ثوبَ الشبابِ ولم يزلْ | بالحزمِ فيه وبالوقارِ تكهُّل |
فيه إذا افتُرِضَ البدارُ تسرُّعٌ | وله إذا حُذر العِثار ترسُّل |
حمَّال أثقالٍ يقومُ بحملِها | كالطَّوْدِ ليس بجانبَيْهِ تخلخُل |
فليعلمِ الملك المظفَّرُ أنه | ما للسلامة ِ ما أقام ترحُّلُ |
سُدَّتْ على الخَللِ المداخلُ كُلُّها | ولقد يُرى في كل بابٍ يدخُلُ |
نِعْمَ الوزيرُ اختارهُ لأُمورهِ | في كل نائبة ٍ ونعم المدْخَلُ |
رجلٌ له أنَّي وكيف نسبْتَه | في الأكرمينَ تصعُّدٌ وتنزُّل |
يقظانُ فيه تساقُطٌ وتغافُل | إذْ في سواه تسقُّطٌ وتغفُّلُ |
مصقولة ٌ أخلاقُه لاتُجتَوى | مشحوذة ٌ عزماتُه لاتَنْكلُ |
ولاّهما رأياً له ومروءة ً | فالرأيُ يُشحذُ والمروءة ُ تُصقَلُ |
تفدى بآباء البرية ِ بلبلاً | وفداهُ بالأبناءِ طُرَّا بلبلُ |
وكناهُ بالصقر العُقابِ كناية ً | ولخَير إخوتك الذكيّ القُلقُل |
ذاك الذي لا ينقضي معروفُه | إلا بمعروفٍ له لا يَعْطُلُ |
ذاك الذي سبق الكرامَ فما لهُم | إلا امتثالٌ خلفه وتمثُّلُ |
إنْ قال قالوا ما يقولُ وإن أبى | فضلاً أبَوْه فما عداهُ تثقُّلُ |
ولهم إذا نزلوا اليفاعَ تحوّلٌ | عنْه وليس له هناك تحوُّلُ |
وترى تبدّله فتحسبُ زينة ً | وكأن زينة آخرين تبدُّل |
وترى تعمُّلهم فتحسبُ هيبة ً | وكأن هيبتَه هناك تعمُّل |
هو جَوْهرٌ والناسُ أعراضٌ وهم | يتبدّلون وليس فه تبدُّل |
هذا مقالُ الحاسديك برغْمِهم | ولهم من الحسدِ المُمِضّ تململُ |
وبنور شمسكَ أبصروكَ فإنها | تجلو عمى الأبصارِ عمّن يُكْحَلُ |
ما قرّظوك محبّة ً لكنهم | لهمُ بذاك تتوُّجٌ وتكللُ |
ومن العجائبِ أن أسائلَ مثلهم | وصفاتُك الحسنى بوصفك تكفُل |
أنشأْتُ أسألهم بمثلكِ بعدما | أرجَت بريّاك الرُّبى والأهْجُلُ |
فكأنني بسؤالهم متنورٌ | شُعلَ الذُّبالِ وللنهارِ ترحُّلُ |
يا من تعرَّفتِ العُفاة ُ بجودِهِ | إنّ التشاغُل باللئام تبطُّلُ |
إني امرؤ أودى الزمانُ بثروتي | وألحَّ يكلمُني وكفُّك تُدمل |
فشددتُ نحوك أرحُلي مستيقناً | أني امرؤ ستُشد نحوي أرحلُ |
أرجو لديك تعجُّلاً وتأجلاً | ولمرتجيك تعجُّل وتأجُّل |
فليستمحْكَ فما مطامِعُ نفسِه | حُلُمٌ ألمَّ ولا مُناه تعلُّلُ |
وعْدُ المنى وعْدٌ عليك نجاحهُ | وفلاحهُ والوعدُ عنك تكفُّل |
ألفيتُ حاصلَ وعدِ غيرِك خِلفة ً | ورأيتُ رفدك قبل وعدك يحصُلُ |
مستحمِداً لاتُستذمُّ ومُشرِقاً | لاتدلهمّ ونابهاً لا يخمُلُ |
لم تلهُ عن حقّ المليكِ ولم تُضعْ | حقَّ الملوكِ فأيُّ حقّ يبطُلُ |
عاونْتَهم ولزمْتَ طاعة َ ربّهم | ففضلْتَ بالحسنى ومثلك يفضلُ |
وأحقُّ من دعتِ الملوكُ لأمرِها | مَنْ عندَه عوْنٌ وفيه تبتُّلُ |
ممّن يبيتُ مع البراءة ِ خاشعاً | للَّه فيه تخوُّفٌ وتوجُّل |
تتحلَّل الشُبهاتُ في طرقاتِه | وله بأفنية ِ الحذارِ تظلُّلُ |
وسُلوكُ مَنْ طلب البوارَ تخمُّطٌ | وسُلوكُ من طلب النجاة تخلُّلُ |
فيمَنْ سواك على الضعاف تحامُلٌ | أبداً وفيك عن الضعاف تحمُّلُ |
ولمعشرٍ لا يُنعمون تطاولٌ | ولراحتيك الثَّرتين تطوُّلُ |
ولقد نَفيْتَ عن التطوّلِ عيبهُ | فغدا وأصعبهُ مراماً يسهل |
ولربّ شيءٍ ذي محاسنَ جمَّة | وله مقابحُ إن أُديم تأمُّل |
عيبُ التطوّلِ أنه لا واجبٌ | ونراك توجبه وفيك تنصُّلُ |
كمَّلْتَ بالإيجاب منه محاسناً | قد كنتُ أحسبُ أنها لاتكمُلُ |
وإذا تجمّلَ بالنطول أهلهُ | فله بما قد زِدْتَ فيه تجمُّلُ |
وقرنْتَ بالإيجاب أن صفّيْته | من كل إذلالٍ كمن يتنقّل |
يأبى لك التفضيلُ إلا أن تُرى | وعلى التطوّلِ من يديك تفضل |
لبروق وجهك في الوجوهِ تهلُّلٍ | ولصوبِ كفك في الأكف تهللُ |
وترى نوافلَ ما أتيت فرائضاً | والفرض عند بني الزمان تنفُّل |
متغافلاً عن ذكر ما أسديْتَهُ | وإذا وعدْتَ فذاكرٌ لاتغفُل |
متواضعاً أبداً وقدرُك يعتلي | متضائِلاً أبداً وأمرُك يعبُلُ |
فُقْتَ الأنام صنيعة ً وصنائعاً | لازلت تستعلي وقِرنك يسفُل |
فإذا الأماثلُ خايروك صنيعة ً | فكأن أيمنُهم هنالك أشمل |
وفرعْت من شيبانَ ذِروة َ هضْبة ٍ | تعلو السحابَ فأي شأنك يضؤل |
لمْ لا تلوذبك الخلافة ُ بعدما | أثبتّ مرساها وفيه تزلزلُ |
أثبتّ آساسَ البنية ِ بالصفا | لكنّ أجرافاً لهن تهيُّلُ |
فأنمتَ ليلَ الخائفين مكحَّلاً | فيه السهادَ وللدُّثور تزمُّل |
تَرعى وتمثُل في صِلاتِك تارة ً | لمن احتباك فخلفُه لك يَمْثُل |
تغدو وفيك تشدد وتودُّدٌ | كالدهرِ فيه توعُّر وتسهُّل |
وبشيرُ من عاملْتَه ونذيرهُ | في حالتَيْك تبسُّم وتبسُّل |
وكأن شخصَك حينَ يعقدُ حبوة ً | جبلٌ تخاشَع في ذُراه الأجبُل |
وإذا وقرْتَ أو اهتَزَزْتَ لصولة ٍ | أرسى يلملمُ أو تزعزعَ يذبل |
وسألتُ عنك الحاسدين فكُلُّهم | قالوا مقالاً ليسَ فيه تقوُّل |
ذاك الوزيرُ بحقّه وبصدقِه | يُصْفي النصيحة َ للمولك وينخلُ |
ذاك المؤمَّلُ للرعاة ِ ومن رعَوْا | إنْ صحَّ للمُتأملين تأمُّل |
لا مَطْل فيك لطالبٍ منك الغنى | وإذا طلبتَ فإن شأوَك يمطلُ |
وإذا اختُبرتَ فللعُفاة تعوّدُ | يدعو إليك وللعِداة ِ تنكُّلُ |
وإذا سُئلْتَ فلا نداك تكلُّفٌ | وإذا مُدِحْتَ فلا ثناك تمحُّلُ |
وكأن لهوتَك التي تعطى لُهاً | كأنَّ سَجلكَ في العاطِش أسجُلُ |
وكأن ذمّتك التي هي عِصمة ٌ | ذِمَم الورى وكأنَّ حبلكَ أحبلُ |
فمتى دعا المعتافَ نحوك مرة ً | فألٌ دَعتني من فعالِك أفْؤُل |
خُذْها إليك مُقرة ً بمعايِبٍ | ترجو تغمُّدَها لديك وتأمُلُ |
وأقلُّ حقّك أن تُرى متجاوزاً | عن شاعرٍ في القولِ منه تهلهُلُ |
ماضره ألا يجيدَ ومالهُ | بسوى نداكَ إلى جداك توسُّل |
بل ما عليك من المدائح أُحكِمتْ | أم هُلهلَت في وشيِ نفسك ترفُل |
ما قد كسْتك يداك مما أسدتا | كافٍ ومدْحُ المادحين تأكُّلُ |
من كان يزعمُ طيبَ نشرِك آتياً | مما يقول فذاك منه تنحّلُ |
تتصرّف الأرواحُ كيف تصرّفَتْ | وثراك من مسكٍ حباه قرنفلُ |
لم تُذْكِ نشرَكَ في البلادِ مدائحٌ | لِركابِها في الخافِقيْنِ تقلقلُ |
يكفيك نقلُ الشعر ذكركَ إنه | ذكرٌ له بِسدى يديك تنقُّلُ |
أغنى العيانُ عن السّماعِ وما يُرى | فهْو اليقين وما يُقال تختُّل |
بلغتْ مآثرْك البعيدَ فما الذي | نرويه عنك بمدحنا أو تنقلُ |
هذا لذاك وإنْ أجاد مُجيدُنا | فلما فعلْتَ عن المقال تمهُّلُ |
وبأن أجَدْتَ أجاد مدحاً مادحٌ | قسماً بمدحك ليس عنك تحلُّل |
لولا البدائعُ من فعالك لم يكن | للمادحين إلى البديعِ تغلغُل |
أرجو وإن رذُلتْ مدائحُ قُلتُها | أن لا يكونَ لديك مَدْحٌ يرذُل |
لتخلُّف الشعراءِ عندك رأفة ٌ | ولسبق سابقهم لديك تقبُّلُ |
فمتى تقدّمَ أو تأخّر شاعرٌ | عن شأوِ صاحبه ففيك تحمُّلُ |
ما كلُّ مثلومِ الكلامِ بساقطٍ | قد يُقتَنى سيفٌ وفيه تفلُّل |
ويقومُ طِرفٌ دون شوطِ رسيله | ويحليانُ حُلًى لهن تصلصلُ |
عشقْتك أبكارُ القريض وعُونُه | فغدتْ إليك عواصياً منْ يعذل |
ورأت لهاك عفاتَها أكفاءها | فغدت هناك عواصياً من يعضلُ |
كم من قوافٍ لا يُنالُ وصالُها | قد أصبحت ولها إليك توصُّل |
باتت معاولها عليك تقاتُلٌ | وغدت إليك لها إليك تقتُّلُ |
متغزلات عند أروع مالَهُ | إلا مع المِدَح الوِضاءِ تغزُّلُ |
بل لاتغزُّلٌ عند من لبنانه | رُفضَ التغزُّلُ بل هناك تبعُّلُ |
سأسوء قوماً بامتداحِك همُّهم | في أن تُذَمّ وفي صنيعك يرذُلُ |
لهمُ إذا أجملتُ فيك تجمُّلٌ | ولهم إذا فصّلْتُ فيك تفصُّلُ |
فاسلمْ لمدحِ المادحين ولاتزل | ذا نائل يُحبَى وكيدٍ يَقْتُل |
فكِرٌ كمقدار السماءِ إذا انتحى | لم يعصمِ الأوعالَ منه توقُّلُ |
ومناصحٌ تعلَى ونبْلٌ يعتلي | وصفائح تعلو وسُمر تنهلُ |
لمُنابذيك ولابن سلمك جنة ٌ | لثمارها أبداً عليك تهدُّل |
أنا من تحلله الزمانُ بتركه | ولمستجيرك بالأمان تجللُ |
عزْبٌ من النعم الجِسامِ مقدّرٌ | بل أن يقدّرَ لي بهنّ تأهلُ |