لو أن البحر يشيخ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لو أنّ البحر يشيخ | لاختار بيروت ذاكرة له. | كلّ لحظة | يبرهن الرماد أنه قصر المستقبل. | يسافر, | يخرج من خطواته | ويدخل في أحلامه. | كلما هذّبته الحكمة | فضحته التجربة. | يرسم خرائط | لكنّها تمزّقه. | أغلق بابه | لا لكي يقيد أفراحه, | بل لكي يحرّر أحزانه, | رماده يفاجىء النار | وناره تفاجىء الوقت. | ينكر الأشياء التي تستسلم له | تنكره الأشياء التي يستسلم لها. | الماضي بحيرة | لسابح واحد: الذكرى. | لا وقت للبحر لكي يتحدث مع الرمل: | مأخوذ دائمًا بتأليف الموج. | اليأس عادة, والأمل ابتكار. | للفرح أجنحة وليس له جسد, | للحزن جسد وليس له أجنحة. | الحلم هو البريء الوحيد | الذي لا يقدر أن يحيا إلاّ هاربًا. | الفكر دائمًا يعود | الشعر دائمًا يسافر. | السرّ أجمل البيوت | لكنه لا يصلح للسكنى. | يصدأ اللسان من كثرة الكلام, | تصدأ العين من قلة الحلم. | أنّى سافرت, كيفما اتّجهت: | أعماقك أبعد الأمكنة. | جُرحتُ باكرًا | وباكرًا عرفت: | الجراح هي التي خلقتني. | قرية صغيرة هي طفولتك | مع ذلك, | لن تقطع تخومها | مهما أوغلتَ في السفر . | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (أدونيس) .