أتتني عنْكَ المؤيسات فلم ألمْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أتتني عنْكَ المؤيسات فلم ألمْ | وقلت سحابٌ جادني ثم أقلعا |
فلا يُبْعد اللهُ السحابَ وصوبهُ | ولا أعصفتْ ريحٌ لكي يتقشَّعا |
هو الغيثُ يسقي بلدة ً بعد بلدة ٍ | من الأرض حتى يسقي الأرض أجمعا |
وليس بمبعوثٍ ليُنصفَ مَرتعاً | فيُرضيَهُ السُّقيا ويظلم مَرْتعا |
وما ضرّني من نافعٍ أن يُضرني | وذاك لحبي أن يضرَّ وتنفعا |
رضيتُ بما ترضى فإن شئتُ مرة ً | سواه فلا استنشقْتُ إلا بأجدعا |
ولا خير لي فيما أُحِبُّ وتجتوي | لأنك من قلبي كنفسي موقعا |
على أنك الشيءُ الذي لا أرى له | مثالاً سوى الشمس المُنيرة ِ مطلعا |
لك المثل الأعلى على الناس كلِّهم | وإن غِيظت الأكبادُ حتى تصدَّعا |
خضعتُ فإن خلتَ الخضوعَ خديعة ً | فما زلتَ خدَّاعاً وزلتَ مخدَّعا |
على أنك المُذْكي على كل خُطَّة ٍ | تضمنتَها قلباً من الجمر أصنعا |
وأنك منْ ساسَ الأمور بحكمة ٍ | فما ريم ما أحْمَى ولا ضِيمَ ما رعى |
ذكاءَ فتاءٍ لا تجاريبَ كبرة ٍ | ترى الغيبَ عنه حاسراً لا مُقنَّعا |
ولكنَّكَ المخدوعُ صفحاً ونائلاً | فتصفحُ وضّاحاً وتمنحُ أروعا |
ولا أنا من جدوى يديك بآيسٍ | وإن هوّل الظنُّ الكذوبُ وشنَّعا |
فإن كنتَ من جدواك لا بد مانعي | فلا تمنعنِّي أن أقول وتسمعا |
ولا تحمِّينِّي أن أراك مطالعاً | إذا كادت الأحشاء أن تتطلعا |
ومُتِّعتَ بالعمر الطويل محكَّماً | ولا زلتُ بالإنصاف منك ممتَّعا |