بدا الشيبُ إلا ما تُداوي المواشطُ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
بدا الشيبُ إلا ما تُداوي المواشطُ | وفي وضح الإصباحِ للَّيلِ كاشطُ |
أرى خُطّتي كرهٍ يُحيطان بالفتى | إذا ما تخطَّتْهُ الحتوفُ العوابطُ |
لكلِّ امرىء ٍ من شيبه وخِضابهِ | عناءٌ مُعنٍّ أو بغيضٌ مُرابطُ |
مقاساتُه التسويدَ برحٌ وإن بدا | له شيبهُ لم تبدُ منه مغابط |
وحظُّ أخي الشيبِ المسوَّدِ شيبهُ | مقالة أهل الرشدِ غاوٍ مغالط |
مُمَوِّه زُورٍ مُبتغٍ صيد محرمٍ | جنيبُ هوى للجهل بالغيِّ خالطُ |
يُخادعُ بالإفك النساءَ عن الصِّبى | وهل بين لون الإفك والحقِّ غالطُ |
فلا كُلفُ التسويد تُحذيه حُظْوة ً | ولا مُونُ التزويرِ عنه سَواقطُ |
لأخسر به من عاملٍ قُدِرتْ له | مع السنِّ أعمالٌ ثِقالٌ حوابطُ |
إذا أنا لاقيتُ الحِسانَ موانحي | قِلًى في رِضى ً ضاقتْ عليَّ البسائطُ |
قلى لمشيبي في رِضا عن خليقتي | فهُنّ دَوانٍ والقلوبُ شواحِطُ |
لجَجْنَ قِلى إن لجَّ شيبي تضاحُكاً | كما لجَّ في النَّفْر المِهارُ الخوارطُ |
مَنعْنَ قضاءَ الحاجِ غيرَ عواتبٍ | على أنهنَّ المعْرِضاتُ الموائطُ |
وقد يتوافى العتبُ منهنَّ والهوى | فيُعطينني حُكمي وهنّ سواخط |
دع المرْدَ صحباً والكواعبَ مأْلفاً | فأخدانك اليوْمَ الكهولُ الأشامط |
وشرعُك من ذِكرِ الغواية ِ إنه | بذي شيبة ٍ فرطٌ من الجهل فارط |
جرى بعد إسقاطٍ قُسوطٌ وهكذا | صُروفُ الليالي مُقسطاتٌ قواسط |
وكل امرىء ٍ لاقى من الدهرِ رائشاً | فسوف يُلاقيه من الدهرِ مارِط |
كفى المرءَ وعظاً أربعون تفارطتْ | ولو لمْ يعظْه شيبُهُ المتفارطُ |
وكيفَ تصابى المرء والشيبُ شاملٌ | وليس جميلاً منه والشيبُ واخِطُ |
وما عُذرُ ذي شيبٍ يلوحُ سِراجُه | إذا هو أمسى وهو في الإثم وارطُ |
أرى المالَ أضحى للجواد مَراقياً | وتلك المراقي للبخيل مهابطُ |
وكلُّ مديحٍ لم يكن في ابن صاعد | وكل معادٍ صاعداً فهو هابط |
وكلُّ مُوال صاعداً فهو صاعدٌ | وكل مُعادٍ صاعداً فهو هابطُ |
تحمَّل أثقالَ الموفَّق ناصحاً | مكارِهُ ما يُلقى لديه مناشِطُ |
هو الكاتبُ النِّحريرُ والمِدرهُ الذي | به انفرجتْ عنّا الخطوبُ الضواغطُ |
له قلمٌ في السِّلم كافٍ وربما | تحوَّل رُمحاً حين تَحمي المآقطُ |
يُدرُّ له طوراً خراجاً وتارة ً | تسيلُ له منه الدماءُ العبائطُ |
ويقْلسُ أريَ النحل للمستميحهِ | وللمتعدِّي ما تمجُّ الأراقط |
وأمَّا أبو عيسى فينجمُ رأيهُ | مع الحقِّ والآراءُ عُشْي خوابِط |
لوالدهِ منه إذا غابَ خالفٌ | ضليعٌ إذا ما استُكفِيَ الأمرَ ضابط |
حكيم عليم يغمُرُ الناس حلمه | إذا فرَطتْ من جهل قومٍ فوارطُ |
على أنه ممَّن يهابُ عدوُّه | شذاه كما هابَ القتادة َ خارِطُ |
لذيذٌ على الأفواه مُرٌّ مساغُهُ | إذا هو رامتْهُ الحلوقُ السَّوارطُ |
متى ذِيقَ لم يلفظهُ من فيهِ ذائقٌ | وعزَّ فلم يسْرطه إذ ذاك سارط |
ضعيف على المرء الضعيف وإنه | لأشوسُ عدَّاءٍ على الدهرِ قاسط |
تنوبُ أباه النائباتُ فلا يني | يُكانفُهُ في أمرهِ ويُحاوط |
له منه رأيٌ عند كلِّ مُلمة ٍ | متى يُمضهِ يشرطْ له الفلجَ شارط |
إذا ما توالتْ بالمُشاوِرِ كُتْبُه | توالتْ إليه بالفتوح الخرائط |
متى حُسِبتْ أحسابكُم آل مخلدٍ | أبت ضبطَها أيدي الحساب الضوابط |
وأنتم أُناسٌ تاجُ قحطانَ فيكُمُ | وداركُمُ دار المقاول ناعط |
يمانُون ميمونُو النقائب لم يزل | لكم نَسبٌ في محتدِ القوم واسِط |
وأمَّا بواديكم فقد ملأ الملا | عديدٌ لهم دثرٌ وعزٌ عُلابط |
منازلُ فيها للرماح مغارسٌ | قديماً وللخيل العِراب مَرابِط |
ونادٍ بهيٍّ لا يزالُ حديثُهُ | حديثاً لأقوامٍ وللدرٍّ لاقطُ |
يجدُّ ففيه حِكمة ٌ مستفادة ٌ | ويفْكَهُ أحياناً وما فيه لاغطُ |
كَراكرُ في هام الرَّوابي محلُّها | على أنه لم يخلُ منهن غائِطُ |
خِلالَ الروابي للجيادِ صواهلٌ | وفوق الروابي للقدورِ غطاغِط |
ترى كلَّ مِرزامٍ ركودٍ كأنها | إذا هدرتْ فحلٌ من البُختِ طائط |
لها إبلٌ وقْفٌ عليها ولم تزلْ | تقوتُ الرواعي ضبْغها لا العوافط |
من اللاتي يحميها الأباطيلَ أهلها | وهنّ إذا ما نابَ حقٌّ شوابط |
حبائسُ لا يُفدى من الضيف لحمها | حليبٌ له من درِّها وعُجالِطُ |
إذا دفعتْ ألبانُها عن دمائِها | أبى ذاك خِرق سيفُهُ الدهرَ عابِطُ |
له كلَّ يوم في السَّوام عقيرة ٌ | تكوسُ وقرنٌ فيه نُجْلٌ نواحط |
إذا القومُ راموا سعيكم خلَّفتْهُم | جدودٌ لئام أو جدودٌ هوابط |
لكم من مساعيكم قلائدُ جوهرٍ | مساعي أبي عيسى لهن وسائط |
فتى خُلقتْ كفَّاه للجودِ آلة ً | فأُطلقتا منذ أطلقتْهُ القوامط |
وجدنا أبا عيسى العلاء بن صاعدٍ | ربيعاً مريعاً ليس فيه خطائِطُ |
إذا وُضعتْ أكوارُنا بفنائهِ | فقد رُفعتْ عنا السنونَ القواحِطُ |
دعتْ طالبي جدوى يدريه وشأوِهِ | صنائعُ معْلُوطٍ بهنَّ المعالطُ |
نوال أبي عيسى قريبٌ ومن بغى | منالَ أبي عيسى فأدناه شاحِطُ |
سما فوق من يسمو وجادَ بسيبه | فزايلَ والمعروفُ منه مُخالِط |
هو النخلة ُ الطُّولى أبت أن تنالها | يدانِ ولكن ينْعُها مُتساقُط |
أو المزن ينأى أن يُمسَّ وما يني | على الأرض منه وابلٌ أو قطاقِط |
عجبتُ إذا كفُّ العلاء تهلَّلتْ | على مُستميحٍ كيف يقنطُ قانط |
لنأمنْ به سُخط المليكِ فلم يكن | يَلينا نظيرُ الغيث واللهُ ساخط |
وإرقادُ قوم قد تركتُ لرفدِهِ | وعند ورود اليمِّ تُنسى المطائط |
وقائلة ٍ هلاَّ وأنت وليُّه | غدوتَ وللأيدي إليك مباسط |
يدٌ تبتغي عُرفاً وأخرى خفاءة ً | إذا ضافت الناسَ الهناتُ البطائِط |
فقلتُ لها فيئي إليكِ ذميمة ً | فلن تُبصر النورَ الجليَّ الوطاوط |
ألمْ تعلمي أنَّ العلاءَ على الهُدى | إذا ضلّ ثيرانُ الفلاة ِ النواشطُ |
وأنْ ليس حظي ساقطاً عند مِثلهِ | ولا حَظُّه عن حمدِ مثليَ ساقِطُ |
له فيّ تدبيرٌ وللهِ قبلهُ | سيثمرُ لي ما أثمر الطلعَ حائطُ |
ومن يحتمل مطلَ الغِراس بحملِها | يُمتِّعنه بالخِصب والعامُ قاحِطُ |
سيُمطر عيداني جَداهُ فأغتدي | وفي ورقي للخابطين مخابط |
ولستُ وإن غالتهُ عني واسطٌ | بغائلة ٍ عني عطاياهُ واسط |
عطايا تزورُ المستنيلَ ولو غدا | سرنديبُ أدنى داره وشلاهِط |
فليس يرى منِّي سِوى الصَّبر شيمة ً | ولو مسَّني جهدٌ من العيشِ ضاغط |
متى لاحَ أني حين أحرمُ جازعٌ | فقد بانَ أني حين أكرمُ غامطُ |
تأمَّله مبسوطَ اليدين بفضلهِ | فثمّض يدُ اللهِ التي هو باسطُ |
تأتَّتْ معاني المدح فيه كأنما | عليها بإسعافِ القوافي شرائط |
وأطربَ فيه الشعرُ حتى كأنما | تجاوبَ قيناتٌ به وبرابط |
وما زادَ مُطرٍ في نسيمِ خلالِه | بمدحٍ ولكن حرَّك المسكَ سائطُ |
فقل أيها المُطري العلاءَ بن صاعدٍ | وإن كثُرتْ من حاسديه المساخِطُ |
نطقْتَ بحقٍّ ساعدته بلاغة ٌ | وفي الناسِ هادٍ حين يسري وخابِطُ |
وغيرُ عجيبٍ أن أطاعكَ منطقٌ | لأن الذي مجَّدْتَ بحرٌ غطامِطُ |
طفِقْت تُحلِّي البحر دراً ودُرُّه | عتيدٌ فلم تبعد عليكَ الملاقط |
نظمتَ له منه حُلياً تزينُهُ | ونُطتَ عليه خير ما ناط نائط |
ولم تشترط أجراً فأجرك واجبٌ | وأوجبُ أجرٍ أجرُ من لا يشارطُ |
فثِقْ بالذي ترجوه وأمنْ من الذي | تُحاذِرُهُ قد أخطأتاك الموارطُ |