طَرقتْ أسماءُ والركبُ هُجودُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
طَرقتْ أسماءُ والركبُ هُجودُ | والمطايا جُنَّحُ الأزْوارِ قُودُ |
طرقَتْنا فأنالتْ نائلاً | شُكرهُ لو كان في النُّبْه الجُحودُ |
ثم قالتْ وأحسَّتْ عَجَبي | من سراها حيثُ لا تسري الأسودُ |
لا تعجَّبْ من سُرانا فالسُّرى | عادة الأقمار والناسُ هجودُ |
عجبي من بذلها ما بذَلتْ | وسُراها وهي مشماسٌ خَرُودُ |
نَوَّلَتْ وهْي منيعٌ نيْلُها | وسَرتْ وهْي قطيعُ الخطْوِرُود |
غادة ٌ لو هبَّتِ الريحُ لها | آدَها من مَسّها ما لا يؤودُ |
يشهدُ الطْرفُ المُراعي أنها | سرقتْ من قدِّها الحسْنَ القُدودُ |
أمكن الخُمْصُ وقد خَاليتُها | من عِناق كاد يأباه النُّهودُ |
فاعتنقنا والحشا وَفقُ الحشا | ونبا عن صدْرها صدْرٌ ودُودُ |
وَلَعْهدي قبل هاتيك بها | وهْي زوْراء عن الوصْل حَيُودُ |
تُسأَلُ الأدنَى فتحكى أنها | من ظِباءٍ لا تَدَرَّاها الفُهُودُ |
ظبْية ٌ تَصطاد من طافتْ به | ربَّما طاف بك الظبيُ الصَّيُودُ |
وأبيها لقد اختال بها | يوم ذادت مائلي أوْدٌ أوُودُ |
أَرِجَتْ منها فلاة ٌ جَرْدَة ٌ | وأضاءتْ ووجُوه الليل سُودُ |
قلتُ لما عَبقَتْ أرْواحُها | بالملا لا دَرَّسَتْ هذي العُهود |
أَثَنَاءُ ابنُ يَزيدٍ بيننا | أم نسيمٌ بثَّه رَوْضٌ مَجُود |
أيُّ ظلٍّ من نعيمٍ فاءَ لي | ليلتي لوْ كان للظلِّ رُكودُ |
يا لها من خَلْوة ٍ أعْطيتُها | لو أحِقَّتْ أوْ عَدَا الليلَ النُّقُودُ |
أصبحتْ فقْداً وكانتْ نِعمَة ً | والعطايا حين يُسْلَبْنَ فُقُودُ |
لا كَنُعْمَى ابن يزيدٍ إنها | أَبداً حيث يلاقيها الوُجودُ |
ماجِدٌ لم يُسْتَثِبْ قطُّ يداً | وهو إن أبْدَيت بالشكر رصودُ |
رُبَّ آباءٍ مراجيحَ له | كلُّهم أرْوَعُ للمحل طَرُود |
حين يعْرى بطنُ كحْل كَلُّه | وظُهور الأرض شهباء جَرُود |
صُفُحٌ عن جار ميهمْ كَرَماً | وكذا الساداتُ تعفو وتجود |
يُطلَبُ الإغضاء منهم والندى | حيثُ لا تُنْسى حُقوقُ بل حُقودُ |
ما خَلَوْا من شرفٍ يَبْنونَهُ | مُذْ خَلتْ منهم حُجُورٌ ومُهودُ |
منْهُمُ من نُصِرَ الحقُّ به | إذ من الأوْثان للنَّاس عُبُودُ |
أيُّ قَرْنٍ باد منهم لم يكن | حَقَّهُ لو أنصفَ الدهرُ البُيُودُ |
لو تَراهم قلتَ آسادُ الشّرى | أو سُيُوفٌ حُسرَتْ عنها الغُمودُ |
شَيَّدَتْ أسْلافُهُ بنْيانه | فوْقَ نَجْدٍ لا تُضاهيه النُّجُودُ |
واتَّقَى قوْلَ المُسامِينَ له | إنما بالإِرْثِ أصبحتَ تَسُودُ |
فسعى يطلب عُلْياً أهلِه | سَعْيَ جِدٍّ لم يخالطُهُ سُمودُ |
سالكاً مِنْهاجَهُمْ يَتْلُو الهُدى | صائبَ السيرة ِ ما فيه حُيُودٌ |
كلَّما استَهْضمتَه اسْتَحْمَشْتَهُ | مِثلَ ما يسْتَحْمِشُ النارَ الوقودُ |
وَعَرَتْهُ هِزَّة ٌ تَابى له | أَن يُرَى فيه عن المجد خُمُودُ |
أيها السائل عن أخلاقه | في الجدا ذَوْبٌ وفي الدِّين جُمودُ |
كمْ مَرى الدنيا له إبْساسُهُ | واستجاب الدَّرُّ والدنيا جَدُودُ |
لا كقوم هامد معروفُهُمْ | بل هُمْ موْتى عن العُرفِ هُمُودُ |
معشر فيهم نُكولٌ إن نَوَوْا | فِعْلَ خيرٍ وعلى الشر مُرودُ |
ليتهمْ كانوا قُروداً فحَكْوا | شِيم الناس كما تَحْكي القرودُ |
ولقد قلتُ لدهري إذ غدا | وهو للأخيْار ظلاَّم ضَهُودُ |
يسْلَم الوغْدُ عليه وله | إن رأى حُرَّاً هريرٌ وشُدُودُ |
يا زماناً عُكسَتْ أحواله | فسُروج الخيل تعلوها اللُّبُودُ |
إن يُجرْني ابنُ يزيد مرّة ً | منك لا يُلْمِمْ بِعَيْنَي سُهُودُ |
الثُّماليُّ ثِمالُ المُرْتَجَى | مُطلِقُ الأصفاد وَالطَّلْقُ الصّفُودُ |
أضحت الأزْدُ وأضحى بينها | جبلاً وهْيَ رِعانٌ ورُيودُ |
ناعشاً مَنْ حَيّ منهُمْ ناشراً | من أجنَّتْهُ من القوم اللُّحودُ |
قل لمن أنكر بغْياً فضلَهُ | مثل ما أنكَرَت الحقَّ يَهودُ |
إنما عاندت إذ عاندتَهُ | حظَّك الأوفَرَ فابعَدْ وثمود |
وانْهَ مَنْ يُحْصى حَصاه إنه | ضَعْفُ ما ضمَّ من الرمل زَرودُ |
يا أبا العباس إني رَجُلٌ | فيَّ عمَّنْ عاند الحقَّ عُنودُ |
ويميناًإنك المرْءُ الذي | حُبُّهُ عندي سواءٌ والسُّجودُ |
لم أزَلْ قِدْماً وقلبي ويدي | ولساني لك مُذْ كنتُ جُنودُ |
شاهدٌ أنك بحرٌ زاخرٌ | لك من نفسك مَدٌّبل مُدودُ |
يُجْتَنَى دُرُّكَ رَطباً ناعماً | فلنا منه شُنوفٌ وعُقُودُ |
غير أن البحر ملحٌ آسنٌ | ولأنتَ المشْرَبُ العذْبُ البَرودُ |
ولئن أقعدني عنك الذي | ساقني نحوك ما اختِيرَ القُعودُ |
أنا صادٍ ذادني عن مشْرَبٍ | سائغٍ يشفي الصَّدى دهْرٌ كَنودُ |
فَتَنَهْنَهْتُ عليماً أنَّني | إن تطعَّمْتُك بدْءاً سأعودُ |
ألْحَظُ الرِّيَّ وحشْوي غُلَّة ٌ | غير أن ليس يُواتيني الوُرودُ |
ومن البَرْح لحاظي مشرباً | أنا مشغوفٌ به عنْهُ مَذودُ |
فأعِرْني سبباً يُوردُني | بحْرَكِ الغَمْرَ أعانتْك السُّعودُ |
وْهو أن تنهض لي في حاجتي | نهضة ً يُكوى بها الجارُ الحسودُ |
وتُخلَّيني لما أمتاحُهُ | منك فالأشْغال بالحال قيودُ |
أزلِ السَّدَّ الذي قد عاقني | عنك زالت دون ما تهوى السُّدودُ |
يا أَخا النَّهْض الذي ما مثله | حين لا تنهض بالقوم الجُدودُ |
لي مديحٌ قلتُه في سَيِّدٍ | لم تزل تُهْدي له الشعرَ الوُفودُ |
من حَبير الشّعْر من أَسْمَعُهُ | فوعاه قال روضٌ أو بُرودُ |
كلما أنشدَه في محفلٍ | ذَلِقُ المقْوَل جيَّاشُ شَرودُ |
هيلَت الأسماعُ من لفْظٍ له | واقْشعرّتْ لمعانيه الجُلودُ |
ولَّدَتْهُ فِطْنَة ٌ إنسيَّة ٌ | تدَّعيها الجنُّ غرّاءٌ وَلُودُ |
يتلظَّى بين وَصْلَيْ شاعرٌ | لُدُّ قَوْل الشعر والشعر لَدودُ |
أذْعَنَ المدْحُ له في شاعرٍ | يغْزُر المنطق فيه ويجودُ |
فجرى في القول وامتدَّ له | وتناهى حين ردَّتْهُ الحُدودُ |
فاستمعْ شعري فإن أحْمَدْتَهُ | حين يرعى الفكرُ فيه وَيَرودُ |
فاحْتَقبْ حمدي بإسْماعَكَهُ | مَلكاً يملكهُ حلْمٌ وجودُ |
ليَ في مَدْحيَ فيه أمَلٌ | وبلاغٌ وله فيه خلودُ |
عارضٌ أمطرِ غيري وَدَعتْ | رائدي منْهُ بُروقٌ ورُعودُ |
العَلاء المبتَنى شُمّ العُلا | فوق ما أَثَّل قحطانُ وهُودُ |
وابن من حقَّق تأْويلَ اسمه | فله في كل علياءَ صُعودُ |
حاجتي ثقْلٌ وقد حُمّلْتَهَا | فاحْتملْها لا تكاءَدْكَ كَؤودُ |
وتَعلَّمْ غيرَ ما مُستَأْنفٍ | علْمَ شيء أيها العِدُّ المَكُود |
أن للمجد سبيلاً وعْرة ً | ضيِّقاً مسَلُكها فيه صَعودُ |
وبما يُولي مَسُوداً سَيدٌ | أمَرَ السيدُ فانقادَ المسُودُ |
وبأن أَحْسَنَ ذا أذعنَ ذا | قَلَّ ما قِيد بلا شيء مَقودُ |
ليس تُثْنيَ بالأباطيل الطُّلَى | لا ولا تُوطأ بالهزْل الخُدودُ |
بل بأن يُنْصب حُرٌّ نفسَه | وبأن يسهر والناس رُقودُ |
وبأن يَلْقى بضاحي وجْهِه | أوْجُهاً فيها عُبُوسٌ وصُدودُ |
وبأن يقرع بَابَيْ سَمْعِهِ | ما يقول الكَزُّ والهَشُّ الرَّقودُ |
كل ما عدَّدْتُ أثمانَ العُلا | ولمَا يُبْتاعُ منهنَّ نُقُودُ |
فاتَّخِذْ عندي لك الخيرُ يداً | ترتهنْ شكري بها ما اخضرَّ عُودُ |
من أياديك التي لو جحدَتْ | مرة ً قام لها منه شهود |
تُجتَلى في غُمَّة ِ الكفْر كما | يُجتلى في ظُلمة ِ الليل العَمودُ |
وتألَّفْني تَألَّف صاحباً | بي أَلوفاً شكره شكْرٌ شَرودُ |
واستَعِنْ في حاجتي واندبْ لها | من به رَاقَتْ على الناس عَتودٌ |
يَسْعَ في الحاجة حُرٌّ ماجد | لا حَسودٌ لأخيه بل حَشودٌ |