إن المنِيَّة َ لا تبقي على أحدِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إن المنِيَّة َ لا تبقي على أحدِ | ولا تهابُ أخا عز ولا حَشَدِ |
هذا الأميرُ أتتهُ وهوَ في كنفٍ | كاللّيل من عُدَدٍ ما شئتَ أو عدَدِ |
من كلِّ مُستَعذِبٍ للموتِ دَيْدَنُهُ | بَزُّ الكُماة ِ ولبسُ البيض والزَّرَدِ |
مُعتادة ٌ قَنَصَ الأبطال شِكَّتُهُ | يرى الطَّرادَ غداة الرَّوعِ كالطَّرَدِ |
كأنه اللَّيْثُ لا تثني عزيمتَهُ | إلاَ عَزيمتُهُ أو جرعة ُ النَّفَدِ |
ولم تزلْ طوعَ كَفَّيهِ يُصَرِّفُها | بين الأنام ولا تعْصِيه في أَحَدِ |
حتى أتاه رسولُ الموت يُؤذِنُهُ | أن البقاء لوجه الواحد الصَّمَد |
لله من هالِكٍ وافَى الحِمامُ بِهِ | أُخرى الحياة ِوأخرى المجدِ في أمدِ |
كم مُقْلة ٍ بعدَه عَبْرَى مُؤرَّقَة ٍ | كأنَّما كُحِلَتْ سَمَّاً على رمدِ |
جادتْ عليه فأغنتْ أن يُقال لها | ياعينُ جودي بدمعٍ منك مُطَّردِ |
إنْ لا يكن ظُفُرُ الهَيجَا مَنِيَّتَهُ | فأكرمُ النَّبْتِ يذوِي غير مُحتصَدِ |
أما ترى الغَرْسَ لا تَذوي كَرائمُهُ | ألا على سُوقِها في سائر الأبدِ |
لِمِيتة ِ السَّيْفِ قَومٌ يشرفونَ بها | لَيسوا من المجْدِ في غاياتِه البُعَدِ |
عزُّ الحياة وعزُّ الموت ما اجتمعا | أسنى وأبنى لِبيت العزِّ ذي العُمُدِ |
مَوتُ السَّلامة للإنسان نَعْلَمُهُ | وإنَّما القِتْلَة ُ الشَّنعاءُ للأسَدِ |
لم يُعمِل السَّيْفَ ظُلماً في ضرائبه | فلم يسلطْ عليه سيفُ ذي قَوَدِ |
لا تبعدَنَّ أبا العباس من مَلِكٍ | وإنْ نأيتَ وإن أصبحت في البَعَدِ |
غادرتَ حوضَ المنايا إذْ شَربتَ بِهِ | عذْبَ المذاق كذوب الشَّهْد بالبَردِ |
وإن فَضْلة َ كأسٍ أنتَ مُفْضِلُها | لَذاتُ بَرْدٍ على الأحشاء والكَبدِ |
ما متَّ بل مات أهلُ الأرض كلُّهمُ | إذ بنتَ منهم وكنت الروح في الجسدِ |
فأنت أولى وإن أصبحت في جَدَثٍ | بأن تُعَزَّى بأهل الوعث والجُدُدِ |
كم من مصائبَ كان لدهرُ أخْلَقَها | أضحى بك النَّاسُ في أثوابها الجُدُد |
من بين باكٍ له عينٌ تساعده | وبين آخر مَطويٍّ على كمدِ |
فَعَبْرَة ٌ في حُدُور لا رُقُوء لها | وزفرة ٌ تملأ الأحشاء في صَعَدِ |
سوَّيْتَ في الحُزن بين العالمينَ كما | سوَّيْتَ بينهُم في العيشة الرَّغَدِ |
بثَثْتَ شَجْوَكَ فيهم إذ فُقدْتَ كما | بثثت رفْدَكَ فيهم غَيْرَ مُفْتَقَدِ |
عَدْلاً حياة وموت منك لو وُزِنا | هذا بذاك لم يَنْقُصْ ولم يَزدِ |
قدْ كنتَ أنْسَيْتَهُمْ أن يذْكُروا حَزَناً | فَاليوم ينسون ذكرَ الصبر والجلدِ |
نَكَأتَ منهم كُلُوماً كان يَكلِمُها | رَيْبُ الزمان فتأسوها بخَيْرِ يَدِ |
عجبت للأرض لم تَرجُفْ جوانبها | وللجبال الرَّواسي كيفَ لمْ تَمدِ |
عجبتُ للشمس لم تُكسفْ لمهلِكِهِ | وهو الضِّياء الذي لولاه لم تقدِ |
هَلاَّ وَفَتْ كوفاء البدر فادَّرَعَتْ | ثوبَ الكُسُوف فلم تُشْرقْ على بلدِ |
لا ظُلْمَ لَوْ شاهدَتْ من حال مَصْرَعه | ما شاهدَ البدرُ لم تشرق ولم تكَدِ |