أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهُج
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهُج | طريقان شتى مستقيم وأعوجُ |
ألا أيُّهذا الناس طال ضريرُكم | بآل رسول اللَّه فاخشوا أو ارْتجوا |
أكُلَّ أَوانٍ للنبي محمدٍ | قتيلٌ زكيٌ بالدماء مُضرَّجُ |
تبيعون فيه الدينَ شرَّائِمة ٍ | فلله دينُ اللَّه قد كاد يَمْرَجُ |
لقد ألحجوكم في حبائل فتنة | ولَلْملحِجُوكُم في الحبائل ألْحَجُ |
بني المصطفى كم يأكل الناس شِلْوكم | لِبَلْواكُم عما قليل مُفَرَّجُ |
أما فيهمُ راعٍ لحق نبيه | ولا خائفٌ من ربه يتحرجُ |
لقد عَمَهُوا ما أنزل اللَّه فيكُم | كأنّ كتاب اللَّه فيهم مُمَجْمَجُ |
ألا خاب من أنساه منكم نصيبَه | متاعٌ من الدنيا قليلٌ وزِبرجُ |
أبعدَ المكنَّى بالحسين شهيدِكم | تُضيء مصابيحُ السماء فَتُسْرَجُ |
شَوى ً ما أصابت أسهمُ الدهر بعده | هوى ما هوى أو مات بالرمل بَحرَجُ |
لنا وعلينا ولا عليه ولا له | تُسَحْسِحُ أسرابُ الدموع وتَنْشِجُ |
وكيف نُبكِّي فائزاً عند ربه | له في جنان الخلد عيش مُخَرْفجُ |
وقد نال في الدنيا سناءً وصِيتة ً | وقام مقاماً لم يقمه مُزَلَّجُ |
فإن لا يَكن حياً لدينا فإنه | لدى اللَّه حيٌّ في الجنان مُزَلَّجُ |
وكنَّا نرجِّيه لكشف عَماية | بأمثاله أمثالُها تتبلَّجُ |
فساهَمَنَا ذو العرش في ابن نَبيِّه | ففاز به والله أعلى وأفلجُ |
مضى ومضى الفُرَّاط من أهل بيته | يؤُمُّ بهم وِرْدَ المنية منهجُ |
فأصبحتُ لا هم أبْسَؤُوني بذكره | كما قال قبلي في البُسُوء مُؤَرِّجُ |
ولا هو نسَّاني أسايَ عليهمُ | بلى هاجه والشجوُ للشجو أَهْيجُ |
أَبيتُ إذا نام الخَليُّ كأنما | تَبطَّنَ أجفاني سَيَالٌ وعَوْسَجُ |
أيحيى العلا لهفي لذكراك لهفة ً | يباشر مَكْواها الفؤادَ فيَنْضجُ |
أحين تَراءتك العيونُ جِلاءها | وإقذاءَها أضحتْ مَرَاثيك تُنسَجُ |
بنفسي وإن فات الفداءُ بك الردى | محاسنُك اللائي تُمَحُّ فَتُنهَجُ |
لمن تَسْتَجِدُّ الأرضُ بعدك زينة ً | فتصبحَ في أثوابها تتبرجُ |
سلامٌ وريحانٌ ورَوحٌ ورحمة ٌ | عليك وممدودٌ من الظل سَجْسجُ |
ولا برح القاعُ الذي أنت جارُهُ | يَرِفُّ عليه الأقحوان المُفلَّجُ |
ويا أسفي ألاَّ تَرُدَّ تحية ً | سوى أَرَجٍ من طيب رَمْسك يَأرجُ |
ألا إنما ناح الحمائمُ بعدما | ثَوَيْتَ وكانت قبل ذلك تَهْزَجُ |
أذمُّ إليك العينَ إن دموعها | تَداعَى بنار الحزن حين تَوهّجُ |
وأحمدُها لو كفكفتْ من غُروبها | عليك وخَلَّتْ لاعجَ الحزن يلْعَجُ |
وليس البكا أن تسفح العينُ إنما | أحرُّ البكاءين البكاء الموَلَّجُ |
أتُمتِعُني عيني عليك بدمعة | وأنت لأذيال الرَّوامس مُدْرَجُ |
فإني إلى أن يدفن القلبُ داءه | لِيَقْتُلَنِي الداءُ الدفين لأَحوجُ |
عفاءٌ على دارٍ ظعنتَ لغيرها | فليس بها للصالحين مُعَرَّجُ |
ألا أيها المستبشرون بيومه | أظلت عليكم غُمة ٌ لا تفرَّجُ |
أكلُّكُم أمسى اطمأن مِهادُه | بأنّ رسول الله في القبر مُزْعَجُ |
فلا تشمتوا وليخسإ المرءُ منكُم | بوجهٍ كأَنَّ اللون منه اليَرَنْدَجُ |
فلو شهد الهيجا بقلبِ أبيكُم | غداة َ التقى الجمعان والخيلُ تَمْعَجُ |
لأَعطى يد العاني أو ارمدَّ هارَباً | كما ارْمَدَّ بالقاع الظليمُ المهيَّجُ |
ولكنه ما زال يغشى بنحره | شَبا الحرب حتى قال ذو الجهل أهوجُ |
وحاشا له من تِلْكُمُ غيرَ أنه | أبَى خطة َ الأمر التي هي أسمجُ |
وأين به عن ذاك لا أين إنه | إليه بِعِرْقَيْهِ الزَّكيين مُحْرَجُ |
كأني به كالليث يحمي عرينَه | وأشبالَه لا يزدهيه المُهَجْهجُ |
يَكرُّ على أعدائه كرَّ ثائرٍ | ويطعنهم سُلْكَى ولا يتخلَّجُ |
كدأْب عَليٍّ في المواطن قبله | أبي حسن والغصن من حيث يخرجُ |
كأني أراه والرماح تَنوشُه | شوارعَ كالأشطان تُدْلَى وتُخْلَجُ |
كأني أراه إذ هوى عن جواده | وعُفِّر بالتُّرْبِ الجبينُ المشجَّج |
فحُبَّ به جسماً إلى الأرض إذ هوى | وحُبَّ به روحاً إلى اللَّه تعرجُ |
أأرديتُم يحيى ولم يُطْو أَيْطَلٌ | طِراداً ولم يُدْبر من الخيل مَنْسِجُ |
تأتَّتْ لكم فيه مُنَى السوء هَيْنَة ً | وذاك لكم بالغي أغرى وألهجُ |
تُمَدُّون في طغيانكم وضلالكم | ويُسْتدرَج المغرور منكم فُيُدْرَجُ |
أَجِنُّوا بني العباس من شَنآنكم | وأوْكُوا على ما في العِيَابِ وأشْرِجوا |
وخلُّوا ولاة َ السوء منكم وغيَّهم | فأحْرِ بِهِمْ أن يغرقوا حيث لحَّجوا |
نَظَارِ لكم أنْ يَرجع الحقَّ راجعٌ | إلى أهله يوماً فتشجُوا كما شجوا |
على حين لا عُذْرَى لمُعتذريكُم | ولا لكُمُ من حُجة اللَّه مخرجُ |
فلا تُلْقِحُوا الآن الضغائن بينكم | وبينهُم إنَّ اللواقح تُنْتجُ |
غُرِرتم إذا صدَّقْتُمُ أن حالة | تدوم لكم والدهر لونان أخْرَجُ |
لعل لهم في مُنْطوِي الغيب ثائراً | سيسمو لكم والصبحُ في الليل مُولجُ |
بمَجرٍ تضيق الأرضُ من زفَراته | له زَجَلٌ ينفي الوحوشَ وهَزْمَجُ |
إذا شيمَ بالأبصار أبرقَ بيضُه | بوارقَ لا يستطيعُهُنَّ المُحمِّجُ |
تُوامضه شمسُ الضحى فكأنما | يُرَى البحرُ في أعراضه يتموجُ |
له وَقْدة بين السماء وبَيْنَهُ | تُلِمُّ بها الطيرُ العَوافي فتُهرَجُ |
إذا كُرَّ في أعراضه الطرفُ أعرضت | حِراجٌ تحارُ العينُ فيها فتحْرَجُ |
يؤيده ركنان ثَبْتان رَجْلُهُ | وخيلٌ كأَرسال الجراد وأَوْثَجُ |
عليها رجال كالليوث بسالة ً | بأمثالها يُثْنَى الأبيُّ فَيُعْنَجُ |
تدانوا فما للنقع فيهم خصاصة ٌ | تُنَفِّسه عن خيلهم حين تُرْهجُ |
فلو حصبتْهم بالفضاء سحابة | لَظل عليهم حصبُها يتدحرجُ |
كأَن الزِّجَاجَ اللَّهذمياتِ فيهمُ | فَتِيلٌ بأطراف الرُّدْيِنيِّ مُسْرجُ |
يود الذي لاَقَوْه أن سلاحه | هنالك خَلْخَالٌ عليه ودُمْلُجُ |
فيدركُ ثأرَ الله أنصارُ دينه | ولله أوْسٌ آخرون وخزْرجُ |
ويقضي إمام الحق فيكم قضاءَه | تماماً وما كلُّ الحوامل تُخْدَجُ |
وتظعن خوفَ السَّبي بعد إقامة | ظَعائنُ لم يُضرب عليهنَّ هودجُ |
وقد كان في يحي مُذَمَّرُ خطة ٍ | وناتجها لو كان للأمر مَنْتَجُ |
هنالكُم يشفَى تَبَيُّعُ جهلكم | إذا ظلت الأعناقُ بالسيف تُودَجُ |
محضْتكُم نصحي وإنِّيَ بعدها | لأعنِقُ فيما ساءكم وأُهَمْلِجُ |
مَهٍ لا تعادَوا غِرة البغي بينكم | كما يتعادى شعلة َ النار عَرْفجُ |
أفي الحق أن يُمسوا خِماصاً وأنتُم | يكاد أخوكُم بِطنة ً يتبعَّجُ |
تَمشُون مختالين في حُجراتِكم | ثقالَ الخُطا أكفالُكم تترجرجُ |
وليدُهُم بادي الطَّوى ووليدكم | من الريف ريَّانُ العظام خَدَلَّجُ |
تذودونهم عن حوضهم بسيوفكم | ويَشْرع فيه أَرتبيلُ وأبلجُ |
فقد ألجمتهم خِيفَة ُ القتل عنكُم | وبالقوم حاجٌ في الحيازم حُوَّجُ |
بنفسي الأُلَى كظَّتهُم حسراتُكُم | فقد عَلِزُوا قبل الممات وحَشرجوا |
ولم تقنعوا حتى استثارت قُبُورَهم | كِلاَبُكُم منها بهيم ودَيْزجُ |
وعيرتموهم بالسَّواد ولم يزل | من العَرَبِ الأمحاض أخضرُ أدعجُ |
ولكنكم زرق يزين وجوهَكم | بني الرُّوم ألوانٌ من الرُّومِ نُعَّجُ |
لئن لم تكن بالهاشميين عاهة ٌ | لَما شَكْلُكُم تالله إلا المُعلْهجُ |
بآية ِ ألا يبرحَ المرءُ منكُم | يُكَبُّ على حُرِّ الجبين فيُعفَجُ |
يبيت إذا الصهباءُ رَوَّتْ مُشَاشَه | يُساوِره علجٌ من الروم أعلجُ |
فيطعنه في سَبَّة السوء طعنة ً | يقوم لها من تحته وهو أفحجُ |
لذاك بني العباس يصبر مثلُكم | ويصبر للموت الكميُّ المدجَّجُ |
فهل عاهة ٌ إلا كهذي وإنكم | لأَكذبُ مسؤول عن الحق يَنهجُ |
فلا تجلسوا وسط المجالس حُسَّراً | ولا تركبوا إلا ركائِب تُحْدَجُ |
أبى اللَّه إلا أن يَطيبوا وتخبثوا | وأن يسبقوا بالصالحات وتُفْلَجُوا |
وإن كنتُمُ منهم وكان أبوكُم | أباهم فإن الصَّفْو بالرَّنق يمزجُ |
أَروني امرأ منهم يُزَنّ بأُبْنَة ٍ | ولا تنطقوا البهتانَ فالحق أبلجُ |
لعمري لقد أَغرى القلوبَ ابنُ طاهر | ببغضائكم ما دامت الريح تَنْأَجُ |
سعى لكُم مَسعاة َ سوء ذميمة ً | سعى مثلَها مستكره الرِّجْلِ أعرجُ |
فلن تعدموا ما حنَّت النيِّبُ فتنة ً | تُحَشُّ كما حُشَّ الحريقُ المؤجَّجُ |
وقد بدأت لو تُزْجَرُون بريحها | بوائجُها من كل أوب تبوَّجُ |
بني مصعب ما للنبي وأهله | عدوُّ سواكم أفْصِحُوا أو فلَجْلِجُوا |
دماءُ بني عبَّاسكم وعَلِيِّهِمْ | لكم كدماء الترك والروم تُهْرَجُ |
يلي سفكَها العورانُ والعرجُ منكُم | وغوغاؤكم جهلاً بذلك تَبْهَجُ |
وما بكُم أن تنصروا أوليائكم | ولكنْ هَناتٌ في القلوب تَنجنجُ |
ولو أمْكَنَتكُمْ في الفريقين فرصة ٌ | لقد بُيِّنَتْ أشياءُ تلوَى وتُحْنَجُ |
إذن لاستقدتم منهما وِتْر فارسٍ | وإن وَلَّياكم فالوشائجُ أوشجُ |
أبى أن تُحِبُّوهُم يدَ الدهرِ ذكرُكُم | لياليَ لا ينفكُّ منكم متوَّجُ |
وإني على الإسلام منكم لخائفٌ | بوائقَ شتى بابُها الآن مُرتَجُ |
وفي الحزم أن يستدرِك الناسُ أمركم | وحبلُهُم مستحكِمُ العقْدِ مدْمجُ |
نَظَارِ فإن اللَّه طالبُ وتره | بني مصعب لن يسبق اللَّه مُدْلجُ |
لعل قلوباً قد أطلتم غليلها | ستظفر منكم بالشفاء فتُثلجُ |