أرشيف المقالات

الإمام الكامل المعصوم!

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
الإمام الكامل المعصوم!

أبى اللهُ أن يَجمع الكمالَ كلَّه إلَّا في نبيِّه المعصوم، فمن ادَّعى بعد ذلك من الآحاد والجماعات كمالَ أمره، فقد افترى بهتانًا عظيمًا، ولذلك قيل: لو كمَّل كلٌّ منهم نقصَ نفسه بكمالِ صاحبه، لاكتمل أمرُه، ولكنَّ حِكمةَ الله غالبة!
 
لا إمام لنا إلَّا من ارتضاه الله إمامًا للعالَمين؛ فهو الإمام الذي لم تُؤْثَر له هَفوة، ولم تُعْرف له زَلَّة، ولم يَختلِف على إمامته أحدٌ من المسلمين!
 
فأمَّا سائرُ العلماء والمشايخ من أهل العلم والتزكية، فبَشَرٌ يُصيبون ويخطئون، ويعتريهم ما يعتري سائر البشَر من الآفات والنَّقائص، فنأخذ منهم وندَع، ونتَّفق عليهم ونَختلِف، ونقدِّم منهم ونؤخِّر، ونَعذر المخطئ منهم، ونتَّبع المصيب، ونَحترم الأحياءَ، ونترحَّم على الأموات، ولا نَحمِل في قلوبنا غِلًّا لحيٍّ منهم ولا لِميت، فالعاقبة عند الله، ولا ندري بِمَ يُختم لنا ولهم، والسَّعيدُ سعيد الآخرة، والقيامة مَوعدنا جميعًا، يفصل الله بيننا بالحقِّ، وهو أحكم الحاكمين!
 
وايْمُ الله، لأنْ أخِرَّ من السماء، فتَخطفني الطير، أو تهوي بي الرِّيحُ في مكانٍ سَحيق، أحبُّ إليَّ مِن أن ألقى اللهَ وفي قلبي ضغينة لِمسلم خالفتُه أو خالفني!
 
ووالله - غيرَ حانثٍ - كم خالفتُ مَن أُحِبُّ مِن شيوخي، عند علمي منه بما ينكره عليه الشرعُ ويأباه، مع الأدَب التامِّ والاحترام له، وأَرْضَى من تلامذتي بذلك، فلستُ إلهًا ولا ابن إلهٍ، إنَّما أنا عبدٌ وابن عبدٍ، ناصيتي بيد الله!
 
وإن آل الأمرُ إلى خصومة - ولستُ أحبُّ ذلك - فأقول ما قال يَحيى القطان - وقد قيل له: أما تَخشى أن يكون هؤلاء الذين تركتَ حديثَهم خصماءك يوم القيامة؟ - فقال: لأَن يكونوا خصمائي أحبُّ إليَّ من أن يكون خَصْمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: لم حدَّثتَ عنِّي حديثًا يُرى أنَّه كذب؟!
 
ولو أنَّ الناس قصدوا الحقَّ لهداهم اللهُ إليه، ولم يَختلفوا عليه، ولكن الله عليم بأحوال العِباد، ومُجازيهم بنيَّاتهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، ولكن أكثر النَّاس لا يعلمون!
 
وقاصِد الحقِّ رفيق ليِّن، خاضع هيِّن، و((ما كان الرِّفق في شيء إلَّا زانَه، وما نُزع من شيء إلَّا شانَه))، و((إنَّ الله يعطي على الرِّفق ما لا يُعطي على العنف))؛ كما أخبر الذي لا يَنطق عن الهوى.
 
فتدبَّر يا أخي ما أقول لك؛ عسى الله أن يَقذِف نورَ الحقِّ في قلبي وقلبك، فيهديني إليه وإياك، والسلام.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢