أحمدُ اللَّه مُبدِئاً ومُعيدا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أحمدُ اللَّه مُبدِئاً ومُعيدا | حمدَ من لم يزل إليهِ مُنيبا |
أنا في خِطَّتي وأهلي ومالي | وكأني أمسيتُ فرداً غريبَا |
من وعيدٍ نما إليَّ عن القا | ضي فما يستقر قلبي وَجيبا |
أوحشَتْني مخافتَيهِ فأصبح | تُ حريباً من كل أُنسٍ سليبا |
مع أمني من أن يُقارفَ جوراً | في قضاءٍ معاقباً أو مُثيبا |
ولَعَمري لئن أمنتُ أميناً | إنّ في الحق أن أَهابَ مَهيبا |
أنا في غُمة ٍ من الأمرِ غَمَّا | ءَ أُطيلُ التصعيدَ والتصويبا |
ولَمَا ذاك خِيفتي جَنَفَ القا | ضي ولا أنَّني غدوتُ مُريبا |
غير أني يسوؤني أنّ قَرْماً | شبَّ في صدره عليَّ لهيبا |
وأرى ما يُرقُّ سِتري لديهِ | خُطة ً تُخلقُ الخَلاقَ القشيبا |
وحقيقٌ بأن يَشُحَّ على الست | ر لديه من كان منّا لبيبا |
ملأَتْني تُقاتُهُ اللَّهَ أمناً | وارتقاباً كسا عِذاري مَشيبا |
لو يُلمُّ الذي ألمَّ بِرُكني | منه بالشاهقاتِ أضحت كثيبا |
أيُّها الحاكم الذي إن نَقُلْ في | ه نَقُلْ مُكثراً ومطيبا |
والذي لا يخافُ مادِحُهُ الإث | مَ لدى مدحِهِ ولا التكذيبا |
والذي لم يزل يجاري ذوي الفض | لِ فيستَتبِعُ الثناءَ جنيبا |
يملأُ القلبَ صامتاً وتراهُ | يملأُ الصدرَ سائلاً ومجيبا |
إن قَضَى طبَّقَ المفاصلَ أو | ساءَلَ أعيا أو قال قال مصيبا |
مالكٌ بعد مالك وكذا الأن | جمُ يتلو العقيبُ منها العقيبا |
كُلَّ يومٍ يُعلِّمُ الناسَ علماً | زائداً كلَّ راغب ترغيبا |
شرقَتْ شمسُهُ لمسترشديهِ | حين لم يألُ غيرُهَا تغريبا |
والذي لم يزل لجارٍ وراجٍ | جبلاً عاصماً ومرعى خصيبا |
كلما استنجداهُ واستمجداه | سألا حاتماً وهزَّا شبيبا |
يشهدُ اللَّهُ أنّ دينيَ دينٌ | يرتضيهِ شهادة ً ومَغيبا |
لم أعانِدْ بهِ الطريقَ ولا أضْ | حى لدين المعاندينَ نسيبا |
وكفى شاهداً بذاك مليكٌ | لم تزل عينُهُ عليَّ رقيبا |
فإن ارتبتَ باليمن وما حقْ | قُ يمينٍ حلفتُها أن تُريبا |
فاسألِ ابنيكَ ذا العلاء أبا العبْ | بَاس واسأل أبا العلاء النجيبا |
النقييَّن ظاهراً والنقيي | ن ضميراً والمُعْجِزَيْن ضريبا |
الشبيهين في الطهارة بالما | ء إذا فُتِّشا وبالمسك طيبا |
الصريحين في الصلاح إذا ما | خَلَّطَ الناسُ رائباً وحليبا |
اللذين اغتدى وراحَ بعيداً | منهما الغَيُّ والرشاد قريبا |
وإذا ما ثنا امرىء كان تاري | خاً جعلنا ثناهُما تشبيبا |
فهما يشهدان لي بالذي قُلْ | تُ وما يشهدان لي تغبيبا |
شاهدي من تَرَاهُ عَدْلاً وتَلْقى | منهُ وَجْهاً إذا أتاكَ حَبيبا |
وإذا كان شاهدي بَضعة ً منْ | ك فحسبي أَمِنتُ أن تستريبا |
وعسى قارِفِي يكونَ ظَنيناً | وعسى عائبي يكونَ مَعيبا |
مَنْ عَذيري من معشر لا أَلبَّا | ءَ وأعيَوْا أن يَقبلوا تلبيبا |
ليس يألونَ كُلَّ ما أصلح اللّ | هُ فساداً وما بنى تخريبا |
قاتِلي الصالحينَ إما افتراساً | ظاهراً منهُمُ وإما دَبيبا |
من سِباعٍ ومن أفاعٍ وكلٌّ | مُفسدٌ ما استحنَّتِ النِّيبُ نيبا |
غلب الجهلُ والسَّفاهُ عليهم | فتراهم يُزندقون الأديبا |
أنزل اللَّه في التَّنابز بالأل | قاب نهياً فأفحشوا التلقيبا |
لقَّبوا المؤمنين بالكفر ظُلماً | وأطالوا عليهمُ التَّأليبا |
واستحلّوا محارمَ اللَّه بالظَّنْ | نّ ولم يرْهبوا له ترهيبا |
فِعْلَ من لا يرجو النشورَ إذا ما | ت ولا يَتَّقي الإلهَ حسيبا |
والمُحِلُّو محارمَ الله أولى | أن يُرى السيف من طُلاهُمْ خضيبا |
فاقتُلِ الوالغين في مُهج الأب | رار تقتلْ كلباً عَقوراً وذيبا |
إنهم مَنْ أتاك بالأمسِ يغزو | ك فلا تُبقيَنَّ منهم عَريبا |
حملوا حملة ً على الدين تحكي | حملة َ الروم رافعين الصليبا |
وأرادوا بك العظيمة لكن | أوسع اللَّهُ سعيَهم تخييبا |
وكأن الغوغاءَ لما تغاوَوْا | فرموا دارَكم قَضَوا تحصيبا |
زعموا أن ذاك غزو وحج | تبَّب اللَّه أمرهم تتبيبا |
وثب الشِّعرُ وثبة ً فاستحلوا | رَجْمَ قاضيٍ وكان ذاك عجيبا |
ما لهم لا سقاهُمُ اللَّه غيثاً | بل عذاباً من السماء صَبيبا |
ما على حاكمٍ من الشعر أم ما | ذا عليهِ إن كان عاماً جديبا |
أإليهِ أمرُ السحابِ أم التس | عيرُ تَبّا لذاك رأياً عَزيبا |
هكذا ظُلْمُهُمْ لكلّ بريءٍ | دعْ مقالي وسائِل التجريبا |
شيعة ٌ للضلال ذاتُ نقيبٍ | قُبِّحت شيعة ً وخابَ نَقيبا |
ليس ينفكُّ قادحاً في تقيٍّ | قائماً بالهناتِ فيه خطيبا |
فاحصدِ الظالمينَ بالسيف حصداً | إنَّ في حصدهم لرَيْعاً رغيبا |
فإن ارتبتَ في العقوبة بالقت | ل فأدِّبْ وأحسنِ التأديبا |
أنا راجٍ بعدل قاضيَّ أمناً | ومَحلاً لديه بل تقريبا |
بل خصوصاً به يُنفِّلُني التأ | هيلَ منه ويفرضُ الترحيبا |
قلتُ للسائلي بكم أيها الرا | ئدُ صادفتَ مُسترداً عشيبا |
في ذُرا قِبة ٍ غدتْ لبني حم | ادٍ الأكرمين مُرداً وشيبا |
وُتِدَتْ بالحجا ولم تعدِم العِل | مَ عماداً ولا التُّقى تطنيبا |
قُبة ٌ أصبحت نجومُ المعا | لي لأعالي سمائها تذهيبا |
ولَكَمْ غُمة ٍ أظلَّت فكانت | لي إلى ما أحبُّهُ تسبيبا |
وخِناقٍ قد ضاق بي فتولَّى | ضِيقُهُ قَطْعَهُ فعاد رحيبا |
إن لي ناصراً يُذبِّبُ عنّي | كان مذ كنتُ يحسن التذبيبا |
يا سَميَّ النبي ذي الصفح والتا | بعَ مَسعاتَهُ التي لن تخيبا |
قل كما قال يوسفُ الخيرِ يا يو | سُفُ للمُرتجيك لا تثريبا |
وتصفَّحْ وجوهَ قولي وقلِّبْ | جانبيهِ وأنعِمِ التقليبا |
والمجازاة ُ بذلُ وُدّي ونَصْري | ودعائي لك القريبَ المُجيبا |
ومديحٌ يضمُّ لفظاً فصيحاً | غيرَ مُستكرهٍ ومعنى ً جليبا |
هذَّبَتْهُ رياضة ٌ من مُجيدٍ | في مُجيدٍ يفوقُهُ تهذيبا |
فاتقِ اللَّه أيُّها الحاكمُ العا | دلُ فيمن يُضحي ويمسي نخيبا |
إنّ من رُعتَهُ وإن أنت لم تق | تلْهُ قتلاً قتلتَهُ تعذيبا |