أرشيف الشعر العربي

لاعداكِ الغيثُ يا دارَ الوصالِ

لاعداكِ الغيثُ يا دارَ الوصالِ

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
لاعداكِ الغيثُ يا دارَ الوصالِ كلُّ منهلّ العرى واهى العزالي
غدقٌ كلُّ ثرى هاجرة ٍ تحته يضحكُ عن برد الظِّلالِ
موقظٌ تربك من غير ضرارٍ ممرضٌ ريحك من غير اعتلالِ
بليالٍ سلفت من عيشنا آه والهفي على تلك الليالي
إذ يد الدهر يمينٌ والصِّبا واسعُ الشوط وجيدُ الدهر حالي
وإماءُ الحيِّ ممّا اختضبت أرضهم بيضُ الطُّلى خضرُ النعالِ
وشبابي ما عليه في الهوى أمرُ سلطانٍ ولا تعزير والي
والغواني آذناتٌ لفمي ويدي مرتسناتٌ في حبالي
كلّ هيفاءَ يميني طوقُها فحمة َ الليل وقرطاها شمالي
أجتني ريحانة َ الحب بها غضّة ً ما بين غصنٍ وهلالِ
ضمّة تلهى عن النوم إلى لثمة ٍ تسلى عن العذب الزلالِ
رخوة المفصلِ لينٍ مسّها صعبة ٍ مزجك جورا باعتدالِ
لك منها جلسة ٌ أو لفتة ٌ بنتُ دعصٍ فوقها أمّ غزالِ
حكمتْ في الحسن حتى ختمتْ سمة الرقّ على عنقِ الجمالِ
غفلة ٌ للدهر كانت تحت سترٍ من سواد الشعر مسدولٍ مذالِ
لم أكن أنكرُ حالا من زماني قبلَ أن غيَّر جورُ الشيب حالي
أقمر الليلُ فقالوا رشدا قلت يا شوقي إلى ذاك الضلالِ
حكمَ الدهرُ فما أنصفنا حاكما يصرفُ حقّاً بمحالِ
وأبو الألوان لا يبقي على صغة ٍ فينا ولا حذوِ مثالِ
إن وفى يوما فللغدرِ وإن ضمَّ شملا فلصدعٍ وزيالِ
وهو مغرى ً بيَ من بين بنيهِ سفها مالك يا دهرُ ومالي
أبثأرٍ ضاع تبغيني لابل حسدَ الفضلِ وقصدا للكمالِ
هل ترى تسطيع أن تأخذَ عزِّي وإبائي عند ما تأخذُ مالي
أنا ذاك المخذمُ القاطعُ لا صدئي نقصٌ ولا فرطُ انفلالي
أغرِ بي ما شئت قد يوغلُ قطعا عاطلُ الجفنِ وقد ينكلُ حالي
ليَ في دفعك نفسٌ أيُّ نفسٍ ورجالٌ وزَرٌ أيُّ رجالِ
جنَّة ٌ دونيَ لا ينفذها لك كيدٌ بنصالٍ ونبالٍ
هم لنصري أسرة ُ العزِّ القدامى وهمُ أربابُ نعمايَ الأوالي
كيفما طوَّفتَ بي صدَّك عني بيديه كالئٌ منهم ووالي
لم تغيِّر رأيهم في لمِّ شعثي غيرُ الدهرِ وفي سدّ اختلالي
بعدُ روحُ المجدِ فيهم حيَّة ٌ والمعالي عندهم بعدُ معالي
حملوا غدرك يا دهرُ فما أنكروا عادة َ صبرٍ واحتمالِ
ثقِّلوا منك على سوقٍ خفافٍ بوسوقٍ تظلعُ البزلَ ثقالِ
كلّ شخصٍ عقرُ أهوالك في جنبهِ أوفى على عودٍ جلالِ
فإنه يا باحثُ محفارك عنهم إنّما تنكتُ منهم في جبالِ
أنفسٌ ترخصُ في سوق الوغى ومروّاتٌ وأحسابٌ غوالي
ودبى الأرضِ إذا قيل اركبوا ورواسيها إذا قيل نزالِ
طردوا الأعداء ذبّاً بالعوالي وبأقلامٍ كأطرافِ العوالي
وأغصُّوا كلَّ ريقٍ وفمٍ بجراحٍ ألجمته وجدالِ
كلّ مجرٍ سعيُ أيّوب له في ظلام الخطب شعشاعُ الذُّبالِ
يقتفي ثمّ يرى في خطوه سعة ً توفي على ذاك المثالِ
كأبي طالبَ طود من كثيبٍ فرعَ الأصلَ وشمس من هلالِ
درجوا واستحفظوه مأثراتٍ أنشرتْ أعظمهم تلك البوالي
عزماتٌ بالمعالي صبَّة ٌ وبنانٌ عبقاتٌ بالنوالِ
وكماءِ الكرمِ أخلاقٌ إذا ما القذى دبَّ إلى الماء الزُّلالِ
رجحَ الحلمُ به واعتدلت فيه من بعدُ كريماتُ الخلالِ
ساكنُ الجأش وإن نفَّره ال خطبُ صبَّارٌ لإلحاح السؤالِ
كلّما راجعته مجتديا أحمدَ الروضَ الرَّبابُ المتوالي
لم يخن عهدا ولا وسوس في وعدهِ العاجلِ شيطانُ المطالِ
يسبقُ القولَ إذا قال نعم في رهانِ الجودِ شوطاً بالفعالِ
أكسد المدحُ فبعناه رخيصا وهو فيه سنة َ الجدبِ يغالي
ورأى الفضلَ يتيما فكفى أبَ صدقٍ وحبا أمَّ عيالِ
يا يميني في الملمّات إذا لم أجدْ أختا يمينا لشمالي
والذي كان ذراه منفقي من سرايا الدهر خلفي ومآلي
لعبت بعدكمُ بي لعبها نوبُ الدهر وأحداثُ الليالي
لم أجد مذ شطَّت الدارُ بكم نشطة ً تفلت جنبي من عقالي
أكلَ الدهرُ الذي أسمنتم بالندى والفضلِ من جاهي ومالي
وانتقى عظمى لماّ لم يجدْ فوهُ لحماً ليَ من فرط هزالي
وغدا الناسُ بغيصاً وعدوّاً فيكمُ لي من صديقٍ وموالي
ساءهم حفظيَ فيكم وعكوفي جانبَ الغيب عليكم واشتمالي
وعلى ما رابهم أو رابني من زماني ما بقيتم ما أبالي
أنا راضٍ أن أرى أعيانكم وبكم عن سائر الأعواض سالي
حوّل الناسُ وجوها عنكمُ وتساقوا فيكمُ كأسَ التقالي
وأبتْ نفسي على النأي فما اس طاع تحويلي ولا رام انتقالي
كبدي تلك عليكم حرقة ٌ والهوى ذاك وغرٌّ كاللألي
يتناصعن بأوصافكمُ بين مصنع طربِ السمع وتالي
لا يبالين افتقارا من غنى ً وافتراقا بين معزولٍ ووالي
كالمصابيح وأعداؤكمُ كمدا منها وغيظا فياشتعالِ
فاحفظوا عنّي فإنّي قلّما خاب بشراي ولا كذّبَ فالي
ساحباتٍ للتهاني أبدا كلَّ ذيلٍ في السعاداتُ مذالِ
مخبراتٍ أنّ ظلَّ العزّ من فوقكم يسبغُ من بعد الزوالِ
وبأنَّ الدهرَ عبدٌ تائبٌ جاء يرجو منكمُ عفوَ الموالي

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (مهيار الديلمي) .

غالِ بها فيما تسامُ واشترطْ

يا دار لهوي بالنُّجيل من قطنْ

تركتك يا زمانُ قلى ً فدعني

آنسَ برقاً بالشَّريفِ لامعاً

تظنُّ ليالينا عودا


ساهم - قرآن ٣