عسى معرضٌ وجههُ مقبلُ
مدة
قراءة القصيدة :
9 دقائق
.
عسى معرضٌ وجههُ مقبلُ | فيوهب للآخر الأوّلُ |
أرى الدهرَ طامنَ من تيهه | وعُدّل جانبه الأميلُ |
وخودع عن خلقه في العقوق | وما خلتُها شيمة ً تنقلُ |
أصفت جمّة الماء بعد الأجون | وقرَّ وكان نبا المنزلُ |
حمى السرحَ أغلبُ وارى الزناد | أسودُ الشرى عنده أشبلُ |
بعينين لا يسألان السهاد | متى الصبحُ إن رقد المهملُ |
له عطنٌ لا تشمُّ الدما | ءَ فيه ذئابُ الغضا العُسَّلُ |
فأبلغْ حبائبنا بالنُّخيلِ | رسولا وما صغراً ترسلُ |
صلونا فقد نسخ الهجرَ أم | سِ أمرٌ له اليوم ما يوصلُ |
وقد قسمَ النَّصفَ حرُّ اليمي | ن في كلّ مظلمة ٍ يعدلُ |
وطرّحْ لحاظك هل بالشُّريفِ | ركائبُ يحفزها المُعملُ |
عوائمُ في الآل عوم السفي | ن يطردها عاصفٌ زلزلُ |
وأين ببابلَ منك الحمو | لُ موعدها النَّعفُ أو حوملُ |
وقفنا وأتعبَ ليَّ الرقاب | بسقط اللِّوى طللٌ يمثلُ |
فلا حافظٌ عهد من بان عنك | فيبكي ولا ناطقٌ يسألُ |
سقيتَ محلاًّ وأحيت رباك | مدامعُ كلِّ فتى يقبلُ |
ولا برحتْ تضع المثقلاتُ | من المزن فوقك ما تحملُ |
وفي الركب من ثعلٍ من يدُ | لّ إلا على سهمه المقتلُ |
يطفن بلفَّاء منها القضيبُ | ومنها كثيبُ النقا الأهيلُ |
محسّدة العين سهلُ اللحا | ظِ يصبغها مثله الأكحلُ |
مهاوى قلائدها إن هوينَ | بطاءٌ على غررٍ تنزلُ |
تفوت النواسجَ أثوابها | فليس لها مئزرٌ مسبلُ |
أحقّاً تقنَّصني بالحجا | ز في شكَّتي رشأٌ أعزلُ |
حبيبٌ رماحُ بغيضٍ تبي | تُ دون زيارته تعسلُ |
لقد أحزنتْ لك ذاتُ البرينَ | لواحظَ كانت بها تسهلُ |
رأت طالعاتٍ نعين الشبابَ | لها وهو أنفس ما تثكلُ |
فما سرَّها تحت ذاك الظلا | م أنّ مصابيحه تشعلُ |
عددتُ سنيَّ لها والبياضُ | لدعواي في عدِّها مبطلُ |
وأقبلتُ أستشهدُ الأربعين | لو أنّ شهادتها تقبَلُ |
وقالوا رداءٌ جميلٌ عليك | ألا ربّما كرهَ الأجملُ |
وويل امّها شارة ً لو تكو | ن صبغا بغير الردى ينصلُ |
وما الشيب أوّل مكروهة | بمحبوبة أنا مستبدلُ |
تمرَّنَ جنبي بحمل الزمان | فكلّ ثقيلاته أحملُ |
فردَّ يدي عن منالِ المنى | وكفِّي من باعه أطولُ |
وتعقل ناشطَ عزمي الهمو | مُ والماءُ يحبسه الجدولُ |
وما الحظّ في أدبٍ مفصحٍ | ومن دونه نشبٌ محبلُ |
تراضى الفتى رتبة ٌ وهو حي | ث يجعله مالهُ يجعلُ |
وقد يرزق المالَ أعمى اليدي | ن فيما يجودُ وما يبخلُ |
ويستثقل الناسُ ما يحمل ال | فقيرُ وحملُ الغنى أثقلُ |
حمى الله للمجد نفساً بغير | سلامتها المجدُ لا يحفلُ |
وحيّا على ظلمات الخطو | ب وجها هو البدرُ أو أكملُ |
يندّ القذى إن تلاقت عليه | جفونٌ برؤيته تكحلُ |
وتقبلُ بالرزق قبل السؤال | أسرَّتهُ حين تستقبلُ |
إلى الروض تحت سماءِ الوزي | ر تعترض العيسُ أو ترحلُ |
مصاييف تشربُ جرّاتها | إذا عاقها عن سرى ً منهلُ |
غواربها بعضاضِ القتو | د من بزّ أوبارها تنسلُ |
يصيح بهنّ الرجاءُ العني | فُ هبْ إن ونى السائقُ المهملُ |
تضيع على المقل الضابطا | ت أخفافها فرطَ ما تجفلُ |
فتحسبُ منهنّ تحت الرحال | كراكرَ ليست لها أرجلُ |
إذا غوّثت باسمه في الهجير | وفى الظلُّ وانجبس الجندلُ |
فحطّت وقد لفَّ هامَ الربى | من الليل مطرفهُ المخملُ |
وقد سبقتنا إليه النجوم | فمثلَ مغاربها تنزلُ |
كأن الثريّا لسانٌ علي | ه يثنى معي أو يدٌ تسألُ |
إلى خير مرعى ً جميمٍ يُلسُّ | وأعذبِ ماءِ حياً ينهلُ |
ومن سبقَ الناسَ لا يغضبون | إذا أخّروا وهو الأوّلُ |
من القوم تنجد أيمانهم | إذا استصرخ البلدُ الممحلُ |
رحابُ الذَّرا وجفانِ القرى | إذا بلّت الموقدَ الشمألُ |
بنى الملكَ فوقهمُ عزُّه ال | قدامى وغاربه الأطولُ |
وداموا الزمانَ وليدا وشاب | وهم شعرُ مفرقه الأشعلُ |
لهم غررٌ أردشيريَّة | تضيء وستر الدجى مسبلُ |
ترى خرزَ الملك من فوقها | مياسمَ والناسُ قد أغفلوا |
أولئك قومك من يعزهم | فكعبُ مناقيره الأسفلُ |
ولي تابعاً لك يوم الفخا | ر من باب مجدهمُ مدخلُ |
وترمي القبائلُ عن قوسهم | وأرمي ولكنك الأفضلُ |
وما تلك تسوية بيننا | وفي الظبية العين والأيطلُ |
ويومٍ تواكلُ فيه العيونُ | عمائمُ فرسانه القسطلُ |
تعارضُ فيه الكماة ُ الكماة َ | فمتنٌ يحطَّمُ أو كلكلُ |
تورّطته خائضا نقعه | بما شاء أبطالهُ تجدلُ |
ترى عاره درنا لا يماط | بغير الدماء فلا يُغسلُ |
بنيتَ حياضا من الهام في | ه تشرعُ فيها القنا الذُّبلُ |
وعدتَ بأسلاب أملاكه | تقسَّم في الجود أو تنقلُ |
وتحتك أحوى يطيش المراح | به أن يقرَّ له مفصلُ |
كأنّ الأباريق طافت علي | ه أو مسَّ أعطافه أفكلُ |
شجاه غناءُ الظُّبا في الطُّلى | فمن طربٍ كلّما يصهلُ |
إذا قيل في فرسٍ هيكلٌ | تبلَّغ ينصفهُ الهيكلُ |
جرى المجهدون فلم يلتبس | بنقعك حافٍ ولا منعلُ |
إذا فات سعيك شأوَ الرياح | فمن أين تلحقك الأرجلُ |
يعجُّ النديُّ خصاماً فإن | نطقتَ أرمَّ لك المحفلُ |
ويختلفُ الناسُ حتى إذا | قضيتَ قضى القدرُ المنزَلُ |
بسطتَ يدينِ يداً تأخذُ الن | فوسَ بها ويداً تبذُلُ |
فيمناك صاعقة ٌ تتّقى | ويسراك بارقة ٌ تهطلُ |
وقد أصلح الناسَ في راحتيك | أخوك الندى وابنك المقصلُ |
سقيتَ فأطفأ لهبَ البلا | د ماءُ أناملك السلسلُ |
ولم يُرَ أنوأَ من قبلها | مواطرُ أسماؤها أنملُ |
فداك وتفعلُ ما لا تقول | ممَنٍّ يقولُ ولا يفعلُ |
يلومك في الجود لمّا عرف | تَ من شرف الجود ما يجهلُ |
وما غشّ سمعك أشنا إلي | ك من ناصح في الندى يعذلُ |
سللتَ على المال سيفَ العطاءِ | فلاحيك في الجود مستقتلُ |
أعيذك بالكلمات التي | بهنّ تعوَّذَ من يكملُ |
فلا يسع الجوُّ ما قد وسعتَ | ولا تحمل الأرضُ ما تحملُ |
إذا الخلفاء انتدوا والملو | كُ عدّوك أشرفَ ما خُوّلوا |
وقام أعزّهم من جلستَ | لنظم سياستهِ تكفلُ |
رددتَ العمائم لما وزرتَ | تخاطبُ تيجانهم من علُ |
ليهنِ الوزارة َ أن زُوّجتك | على طول ما لبثتْ تعضلُ |
غدت بك محصنة ً لا تحلُّ | لبعلٍ سواك ولا تبذلُ |
وتعلمُ إنْ نازعت للرّجا | ل محصنة ٌ أنّها تقتلُ |
وكانت بما تعدم الكفءَ في | حبال بعولتها تزمُلُ |
لئن جئتها عانسا قد أبرّ | على سنّها العددُ الأطولُ |
ففي معجزاتك أن الشبابَ | لها عاد؛ ماضيه مستقبلُ |
وإن كنتَ آخرَ خطّابها | فإنك محبوبُها الأوّلُ |
فلا عريتْ دولة ٌ ألبستك | شفاءً وأدواؤها تمطَلُ |
ضفا فوقها رأيُك السمهريُّ | وقد صاح بالضارب المقتلُ |
وجلّلتها نافيا شوبها | كما جلّل الجُمّة َ المرجلُ |
وضاحك بغدادَ بعد القطو | ب من عدلك العارضُ المسبلُ |
تعرفَ مذ دستها تربُها | كما عرَّفَ الرّيطة َ المندلُ |
طلعتَ عليها طلوعَ الصِّبا | وليلُ ضلالتها أليلُ |
وكم طفقتْ بك مصر تطول | عليها وتكثرها الموصلُ |
ولسنا هناك ولكنّه | يعزُّ بك الخاملُ المهملُ |
أنا العبد كثَّرتَ حسّاده | على ما تقولُ وما تفعلُ |
ملأتَ عيابَ المنى بالغنى | له واستزادك ما يفضلُ |
سوى شعبة ٍ ظهرها للزما | ن من حاله كاشفٌ أعزلُ |
تروّعها حادثاتُ الخطوب | وتحذر منك فلا تنبُلُ |
فهل أنت منتشلي من نيو | ب دهرٍ يدمِّي ولا يدمُلُ |
ومن عيشة ٍ كلّ أعوامها | وإن أخصبَ الناسُ بي ممحلُ |
يكالح سرحى ثراها القطوبُ | ومسرح روّادها مبقلُ |
أجرني بجودك من أن أذلَّ | وانصرْ دعائي فلا أخذَلُ |
وصن بك وجهي عمّن سواك | فما مثل وجهيَ يستبذلُ |
فكم راش مثلُك مثلي فطار | وإن كان مثلك لا يفعلُ |
وقدما وفى لزهيرٍ وزا | د من هرمٍ واهب مجزلُ |
فسار به الشعرُ فيما سمع | تَ من مثلٍ باسمه يُرسلُ |
وحسّان أمست رقاه الصعا | بَ من آل جفنة َ تستنزلُ |
فأوقرَ منهم وسوقا تنو | ء منها البكارُ بما تحملُ |
تعرَّفَ ريحَ عطاياهمُ | وقد جاء يحملها المرسلُ |
وأبصر نعماءهم نازحين | وبابُ لواحظهِ مقفلُ |
وشدَّ الحطيئة ُ منْ آل لأيٍ | بعروة ِ أملسَ لا يُسحلُ |
تنادوه بين بيوت ابن بدر | فعلَّوه عنهنّ واستثقلوا |
وجازوه يغتنمون الثناءَ | فبقَّى لهم فوق ما أمَّلوا |
وقام يزيدُ على جبنه | فدافع ما كرهَ الأخطلُ |
ملوك مضوا بالذي استعجلوا | وطاب لهم ذخرُ ما أجَّلوا |
وما فيهمُ جامعٌ ما جمعتَ | إذا أنتَ حصَّلت أو حصَّلوا |
وإن أبطأ الحظُّ فالمهرجا | نُ إلى حظّه ناهضٌ قلقلُ |
هو اليوم جاءك في الوافدي | ن معنى ً وإن عزَّه مقولٌ |
تجلَّى بفضلِ قبولٍ حباه | به وجهُ دولتك المقبلث |
وما زال قدماً عريقَ الجما | ل والعامَ منظره أجملُ |
يمينا لما بعدَ هذا المقا | م أصرمُ منّى ولا أنبلُ |
يلجلج عنك اللسانُ السلي | طُ وتضحى حديدته تنكُلُ |
وقد ركب المادحون الصعابَ | ولكنِّي الفارسُ المرجلُ |
وما كلّفوا عدَّ سرحِ النجوم | ومثقالَ ما تزن الأجبلُ |
أحلتَ القرائحَ تحت القلوب | سوى أنني القُلَّب الحُوَّلُ |
رمى الشعراءُ عناني إلى ّ | ففتُّ وأرساغهم تشكلُ |
وسرَّهمُ أنهم يعملون | بزعمهمُ وأنا أعملُ |
ولو منعَ الجبنُ بالسيفِ كان | أحقَّ بضرب الطُّلى الصيقلُ |
ببسطك لي سال وادي فمي | ولاينني الكلمِ الأعضلُ |
فسوّمتها مهرة ً لا يعضُّ | بغيرِ يدي شدقها مسحلُ |
محرّمة َ السرج إلا علي | ك تشرفُ منك بمن تبعُلُ |
كأنّ عبيدا تمطَّى بها | ومسّح أعطافها جرولُ |