جرتْ لها ببابلٍ يمينا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
جرتْ لها ببابلٍ يمينا | سوانحٌ غرّاً لها وعينا |
لا يتوقَّى عورَها وعضبها | من عيَّف الأعينَ والقرونا |
فأبصرتْ حقّاً مناها في الحمى | وظنَّهابحاجرٍ يقينا |
وأصبحتْ ترعى الخصيبَ قبلَ أن | تبلغه وتنهلُ المعينا |
عازفة ً رافعة ً رءوسها | على الظَّما أن ترد الأجونا |
نرجو بترك رزقها الناحل أن | تأكل من رزقِ غدٍ سمينا |
موائرا تخلع من مراحها | على الرُّبى الأرسانَ والعهونا |
خابطة ً أشناقها بسوقها | تحسبُ فرطَ حرصها جنونا |
كأنَّ خرقاءَ الرياح شرَّعتْ | في لجَّة ِ الالِ بها سفينا |
فبلغتْ أدعو لها وبلَّغتْ | وخانني من لم يقل آمينا |
وأنتَ إن كنتَ رفيقا فأعدْ | ذكرَالحمى أطيبَ ما غنّينا |
أعدْ فمن آية ِ سكّان الحمى | وذكرهم أن تطربَ الحزينا |
يا جمعَ اللهُ قلوباباللّوى | بدَّدها اتباعها العيونا |
وسرَّ حيّاً بالشُّريف أقسموا | لا فكَّ فادٍ عندهم رهينا |
أمنتهم على الهوى فلم يكن | مودعُ قلبي منهمُ أمينا |
يا حبّذا لحيِّهم بادية ٌ | وهبتُ فيها للجفاءِ اللينا |
وحبَّ بعدَ الظلِّ في أن أصطلي | هاجرة ً وأصلا دخينا |
والأرضُ مسّت تربها رياطهم | حتى ظننتُ رامة ً دارينا |
جلوا دجاها ومشوا صباحها | يطارحون الهيفَ الغصونا |
هم قوَّدوني وبرأسي نخوة | أن أستميح اللَّحزَ الضنينا |
وهم أذالوا الشيبَ في مفارقي | بالصدِّ لا عدِّي له الخمسينا |
ما أجلبَ الدهرُ عليَّ بالأذى | إلاّ أصابَ منهمُ معينا |
أعدايَ أهوى قربهم كأنّهم | عضوٌ دوٍ أكرهُ أن يبينا |
لا يبعد اللهُ الوفاءَ صاحباً | كان ولا أطمعُ ان يكونا |
أعيت يدي حبالُ كلّ ناكثٍ | أفتلُ وهو يقطعُ القرينا |
ولو سبرتُ الناسَ أو أعلقتها | مزرّعيّاً علقتْ متينا |
إذاً لقامَ من عليٍّ دونها | خرقٌ يرى كلَّ عليٍّ دونا |
غضبانُ أن يأكل ضيمٌ جارهُ | أو أن يبيتَ زاده ممنونا |
إذا دعاه المجدُ قام ناهضا | فحمل الألوفَ والمئينا |
جرى على واشجة ٍ من عرقه | لغاية ٍ أتعبتِ الساعينا |
وبلغ الكمالَ نفسا وعُلاً | من قبل أن يبلغه سنينا |
مباركٌ عمّته ولثمهُ | تلوثُ خدّ البدرِ والجبينا |
تحسبُ من حيائه ورفدهِ | وجهاً مميها ويداً لبونا |
تلقى السعودَ حيثما لقيته | تزجرُ منها طيرها الميمونا |
أوفى على مرقبة ٍ من عزمهِ | مرقى النسورِ تطلبُ الوكونا |
وهبَ من لسانه بصعدة ٍ | تغدر كلّ خصمٍ طعينا |
من حاملُ الحاجة ِ عنّى راكبا | إلى العلا طريقها المسنونا |
يقطعُ ما بيني وبين أربي | على دنوِّ الدار هذا البينا |
يطوي السرى نهاره بليلهِ | جلدَ المطا والعيسُ قد ونينا |
حرّاً إذا استودعتهُ وصيَّة ً | كان عليها الحازمَ المأمونا |
قلْ للعميد مبلغاوإنما | تسمعُ منه السامعَ الأذينا |
قد أخذ الشوقُ إليك جهدهُ | من قلبي النزاعَ والحنينا |
وملَكَتْنيقبلَ أن تبتاعني | منك صفاتٌ طفنَ بي عِزينا |
وجاءت الأنباءُ عنك فنشت | أنفاسنا أعطرَ ما يأتينا |
في كلّ يومٍ خبرٌأنك من | لا تلدُ الأرضُ له قرينا |
وأنَّ للفضل ومن متَّ به | منك مكانَ شعفٍ مكينا |
محاسنٌ آثارها شاهدة ٌ | أنّ الرُّواة َ عنك يصدقونا |
ونحن في دارٍ يرى المجدُ بها | أعمى وحظُّ أهلها مجنونا |
إما لئيما يرتقى بشرِّه | فيها وإما فاضلا مسكينا |
ولا صديقَ غيرُ ذي صنائع | أحسنُ ما يُحسنُ أن يخونا |
فلا تسلْ عن نزواتِ كبدي | إلى علاك كلّما سمِّينا |
وعن طماحِ مقلتي لنظر | إليك لا شزرا ولا مشفونا |
فأقتضي من قربكم لبانة ً | ماطلني الدهرُ بها الديونا |
فهل لذا الخاطب أن تُنكحَه | مودَّة ً حنَّ إليها حينا |
يمهرُها الصونَ فإن أولدها | أولدها بمدحك البنينا |
يعجبك اليومَ صديقا وغداً | ما عاش في الدهر أخاً خدينا |
وجاليا وصفك في معارضٍ | يبقين والأيامُ قد فنينا |
كلّ موشَّى حوكها موشَّع | تشري رخيصا بردها الثمينا |
لو جدتَ بالشباب في ثوابها | كان سواك الخاسرَ المغببونا |
وإن لويتَ عنقاً عن مثلها | جاءتك تسترفد آخرينا |
كان عليك نصرها حقّاً بما | كنتَ بحاجات الندى ضمينا |
تركتُها ساعية ً بنفسها | وراءَ قومٍ غيرِ عاطفينا |
رشتُ لهم منها سهاما فضلوا | بحدِّها قومهمُ الماضينا |
فملأتْ عرضَ الفلا بذكرهم | ونبذوا حقوقها ناسينا |
فهل رضيتَ لهمُ ما أصبحوا | به من الحرمان لي راضينا |
وإن أبيتَ فانتصر مستقبلا | لأخواتٍ حادثاتٍ حينا |
اقض بحكم المجد لي عليهمُ | وظهر لها سرَّ الندى المكنونا |
لم نعصِ أسبابَ الندى في مدحكم | فكيف تعصون السماحَ فينا |