أروم الوفاءَ الصعبَ بالمطلبِ السهلِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أروم الوفاءَ الصعبَ بالمطلبِ السهلِ | وأرتاد جود الحبِّ في منبتِ البخلِ |
وآمنُ خوّانَ الضّمان وأقتضي | ديونيَ مقتولَ المواعيد بالمطلِ |
إلى كم وفي صبري على هجركم دمي | أعينكم يا هاجرين على قتلي |
فظنتُ فلا قلبي يقرُّ على الأذى | إباءً ولا عيني تنام على الذلِّ |
متى سقتِ العينُ الربوعَ فلا تزل | ربوعكمُ من بخل جفنيَ في محلِ |
أأستاق بالبيداء جسما أرثُّه | وأُبلي وقلبي مستعار بلا شغلِ |
وأحلو ولي بين الضلوع مرارة ٌ | لصماءَ منكم لا تمرُّ ولا تُحلي |
وأترك في بغدادَ من لا يبيعني | بمال ولا يرتاح دوني إلى أهلِ |
غدرتم وقد ترقا دموعٌ كما جرت | ويبردُ شوقٌ نافرٌ بعد ما يغلي |
ومالي وفخر الملك جارى نصره | بنفس كنفس لا أضنّ ولا أغلي |
وعلَّم عزّاً كلَّ قلبٍ ووسَّمتْ | يداه ببسط الجود كلَّ يدٍ غفلِ |
رأى غير معقول على الغيب رأيه | وجاد فخيط المزن ليس بمنحلِّ |
وأعجز قولَ السائلين نوالُه | وإن كان حظِّي منه يمشي على مهلِ |
أرى عارضاً قد طبّق الأرضَ ماؤه | وعتم وربعي منه ليس بمتبلِّ |
وجارين لو مسُّوا غباري تجمّلوا | وقد وصلوا بعدي وقد وصلوا قبلي |
ولم أغنِ عنهم غير من طال نبته | وطاب ولم أذهب إلى نابت البقلِ |
أتوسع قدّامي وحاش قياسكم | خطى قدمٍ لو قد حذت ما حذت نعلي |
وأُلقي ضياعاً لا لساني ولا يدي | ببسط وقبض لا لعقدٍ ولا حلِّ |
شرائط نعماكم وإحسان جودكم | ترى جذبكم ضبعي وحملكم ثقلي |
فإنكم لو تنفضون عيابكم | لعزَّ على التفتيش أن تجدوا مثلي |
فلا تحملوا سرَّ الأمور وغيبها | على ظاهرٍ تحت القناعة مختلِّ |
وكم من حسام قاطع بفلوله | وآخر نابٍ بالطلاوة والصقلِ |
ومنتخبات إن دهى الشعرَ هجنة ُ ال | أبوّة راحت وهي مخبورة ُ الأصلِ |
إذا ما رأيتَ النجم منها مشرقا | شهدتَ ولم ينسب أبا أنه نجلي |
خدمتُ قريباً قائماً فمشافها | بها وبعيداً قبلُ بالكتب والرسلِ |
فلم أحظَ من إحسانها واحتوائها | على كلّ معنى دقّ أو منطق فصلِ |
وهل نافعي يوماً وحظّيَ قاعدٌ | إذا نهضت بي همّتي أوسعت رجلي |
ولمّا مننتم بالندى فعطفتم | عليّ وأعلقتم بمعروفكم حبلي |
حماني نداكم صفوه وحلاله | خبيثُ اللسان دونكم كدرُ الفعلِ |
إذا مضغ الأعراضَ كان عدوُّه | ومولاه في فيه خليقين بالأكلِ |
أأعدُله هيهات أظلمه إذن | ومن لم ير الإحسانَ لم يُصغ للعذلِ |
أمانيُّ لي فيكم أمات نشاطها | فلا كان من قبل الأمانيِّ في حلِّ |
وما والذي أحيا بك الجودَ بعدما | لها الناسُ عنه واطمأنّوا إلى الثُّكل |
جزعتُ لوفر أخطأتني سماؤه | وصابت بطلٍّ أرضَ غيريَ أو وبلِ |
فإني على عضّ الزمان وحمله | صليبُ قناة الصبر جلدٌ على الثّقلِ |
أحبّ الجدا يأتي جميلا منوِّها | وأقلي الغنى المجنوبَ في رسن الذلِّ |
ولكن يظنّ الناسُ أنك مانعي | لزهدك في مدحي وشكِّك في فضلي |
ويقضون فيّ أنّني غيرُ موضعٍ | بطرحك أمري للصنيع ولا أهلِ |
ومن كان في أيّام ملكك خاملا | ففي أي ملكٍ يستريش ويستعلي |
نحلنا ملوكا قبلك المدحَ فانتفت | خلائقُ غشٍّ لن تصحّ على النَّحلِ |
وكنّا حلى دولاتهم فتضاءلتْ | على الطوق عنقٌ عوِّدت حلقَ الغُلِّ |
فما استعذبوا طعم الثناء ولا رأوا | مفارقة ً بين السماحة والبخلِ |
ولا فطنوا أن يجلسوا ووفودُهم | يميسون في الألطاف منهم وفي الفضل |
فسوّوا بحكم اللؤم في المنع بيننا | وعمّوا كما سوّيت في الجود والبذلِ |
علاً عشيت أيامهم عن شعاعها | فمرّوا وخلَّوها لأيّامك النُّجلِ |
نشرتَ أساطير الكرام فشوهدت | أخابيرُ كانت تسترابُ مع النقلِ |
فأحييتهم بالجودِ ثم فضحتهم | بفضلٍ وكانوا من جنابك في قتلِ |
أبنيِّ ونوِّهْ بي فربَّ صنيعة ٍ | زكا لك فرعاها ولم تشق بالأصلِ |
بقيتَ بلا بعدٍ تراعي انتظاره | كما أنت إن عدّ الملوكُ بلا قبلِ |
يَعُدُّ لك الأعيادَ متصل العرى | من العمر منظومُ العلائق في الشملِ |
مدى الدهر ما لبَّوا فطافوا فحلّلوا | عن البدنِ يومَ النحر مثنيّة َ العقلِ |
وما نسلوا للنفر داعين من منى | رعى الله فخر الملك للحرثِ والنسلِ |
تمدّ بحبلٍ غيرِ منتقض القوى | وتسكن عزّاً غيرَ منتقلِ الظلِّ |