عجلتَ بحطّك فيها الرِّحالا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عجلتَ بحطّك فيها الرِّحالا | أثرها أمنتُ عليك الكلالا |
وقُدها محدّبة ً كالقسيِّ | من الضّال تسبي الفيافي نضالا |
كما انتحل الشدنيُّ الحنينَ | بطونا خماصا وسوقاً خدالا |
ركائب من لا يخاف النها | ر يعلى ولا طارقَ الليل عالا |
أعذني فقد كدّني في اللئا | م سومي بها حاجة ً لن تنالا |
وإنّ بواسطَ جودا يكون | لرأسٍ عقالا ورجلٍ شكالا |
ومجدا إذا المجد كان الغريبَ | لقيتَ به منه حيّاً حلالا |
وإلا فصفْ أنت حالي وقل | إن الدهرُ دون منى النفس حالا |
أيا جامعاً فرقَ الخافقين | أوانسَ كنَّ شماساملالا |
خلتْ تتوافقُ فيها البلادُ | فهاهي فيك اختصاما تقالى |
وإنّ لبغدادَ دينا عليك | وقد ضعفتْ أن تطيق المطالا |
وفيها وفي أهلها عزّة ٌ | أساء الولاة ُ لها الإبتذالا |
تسرَّعْ لإصلاح قومٍ ترى | خلالَ أمورهمُ الاختلالا |
سوامٌ تطاولَ نومُ الرعا | ة عن هديهم فتفانوا ضلالا |
تداركْ بعدلك أرماقهم | فما أبق النارُ إلا الذُّبالا |
غرائس إحسانك الأولون | بجودك أعطوا الحيا والظِّلالا |
ومذ لم تزل تبعث المكرما | تِ بينهمُ وتبثُّ النوالا |
وترعى لهم حرمة َ الإختلاطِ | بهم والمزارَ لهم والوصالا |
عبيدٌ وأنت بحكم الوفاء | تخالهمُ لك عمّاً وخالا |
ودار ندى ً لك بل ندوة ٌ | نحرت البدورَ بها لا الفصالا |
مراتع يرتادها القانصو | ن صادوا غزالتها والغزالا |
تفاني الملوكُ على حبّها | وعقَّ لها ابنٌ أباه قتالا |
أما اشتقت مغنى الهوى حيثُ طاب | ومنبتَ غصنِ الهوى حيثُ طالا |
أما آن من نازحٍ أن يحنَّ | وللوصل من هاجرٍ أن يُذالا |
وبعدك قد أنكرتْ حسنها | وحالت على الطِّيب حالا فحالا |
وكانت بعيدا عن الحادثات | فقد أخذ الدهرُ منها ونالا |
أعرها بقربك من دائها | شفاءً وإن كان داءً عضالا |
وكذِّب على الرغم من حاسديك | أحاديثَ تحسبُ منها المحالا |
ومعتبرين بعجز الولا | ة عنها نكولا ومنها نكالا |
يسوّون في البطش كلتا اليدين | وينسون فضلَ اليمين الشِّمالا |
فظنّوك تعيا بحمل العراق | كأنْ لم يروك حملتَ الجبالا |
وأنزلتَ بالعصم العازبا | ت عنها وما طاولتك النزالا |
وكم زاحمتها صروفُ الزما | ن قبلُ فكانت عليها ثقالا |
ولو لم تكن في العلق السماءَ | لما كان غنمك منها هلالا |
سريتَ إليه فكنتَ السّرارَ | له ولبدرٍ أبيه الكمالا |
جديد التجارب غرّ اللقا | ءِ ما ردّدته الحروب انتقالا |
وأعجبه عددٌ زاده | غداة َ تولَّى هزيماً خبالا |
رأى حربك النارَ تذكي فسا | قَ حشدا ليُطفئها واحتفالا |
ولم يدرِ مختبطا أنّها | بفضل الوقود تزيد اشتعالا |
بعثتَ سيوفا إذا الدهرُ زلَّ | جئن به صاغراً فاستقالا |
فداويته من سقام العقوقِ | وعلّمته الصبرَ والإحتمالا |
وبدّلتَ من حلقاتِ الدروعِ | خفافاً له الحلقاتِ الثقالا |
فقصَّر مشيته مكرها | نتيجة َ أدهمَ بالأمسِ حالا |
تؤمل رجلاه جدوى يديه | إذا رفع الخيطَ فترا فشالا |
ومذخورة من كنوز الزما | ن جرّ عليها السنينَ الطّوالا |
وأودعها الحقَّ مستظهرٌ | توثّق ما اسطاع جهداً وعالى |
أقام الكواكبَ حرّاسيها | عيوناً له لا تخاف اغتيالا |
وباعَ بها نفسه والنفوسَ | زماناً فأرخصَ منها وغالى |
شجاً قائماً في حلوقِ الملوك | إذا حلموا أبصروه خيالا |
إلى أن بعثتَ لها آية ً | نسختَ بهديك فيها الضلالا |
وعلّمتَ فيها البخيلَ السماح | وحسّنت للكادح الإتكالا |
فلا حصَّن الناسُ من بعدها | مآلاً ولا ادخروا قطُّ مالا |
وكائن ببغدادَ من آملٍ | ومن زاجرٍ فيك فالا ففالا |
ومن عاطشٍ فمه فاغرٌ | يراقب واديك من أين سالا |
يعدّ النهارَ بساعاته | يسائلُ عنك الضحى والزوالا |
ومثليَ من خادمٍ خاملٍ | ولو طاول النجم بالفضل طالا |
ومن جامعٍ حسناتِ الخلال | وقد قبّح الفقر تلك الخلالا |
لعلّك تحي الحظوظَ الرفاتَ | وتُسمن هذي الجدودَ الهزالا |
تلاشى مع الكرماء الثناءُ | فلا قول معناه أن لا فعالا |
وما زال مسئولهم جافيا | وحاشاك حتى جفونا السؤالا |
سكتُّ طويلا إلى أن وجدتُ | مقاماً أصدَّق فيه مقالا |
لسانٌ حسامٌ ولا مضربٌ | فلو ذاب سيفٌ لذاب انفلالا |
أعدَّ لوصفك آياتهِ | ليُظهر صفوا له وانتخالا |
وقدَّمَ مستقبلا هذه | شبيه مدحك واقتبالا |
تزاحمُ حولك وفدَ الثناء | وإن عدمت في الزحام المنالا |
فلا تجعلنْ كثرة َ الزائرين | لها فترة ً وعليها اعتلالا |
فمن كان لا غيره في الزما | ن كان الأنامُ عليه عيالا |