أولى لها أن يرعوي نفارها
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أولى لها أن يرعوي نفارها | وأنْ يقرَّ بالهوى قراراها |
وأن ترى ميسورة ٌ خبطاتها | منْ مرجٍ منشوطة ً أسيارها |
ترعى وتروى ما ضفا وما صفا | وللرَّعاة ِ بعدها أسآرها |
حتى تروحَ ضخمة ً جنوبها | بخصبها شاكرة ًأوبارها |
وكيفَ لا وماءُ سلع ماؤها | مقلوَّة ً والعلمانِ دارها |
ودونها منْ أسلاتِ عامرٍ | جمرة ُ حربٍ لا تبوخُ نارها |
وذمّة ٌ مرعيَّة ٌ أسندها | إلى حفاظِ غالبٍ نزارها |
لا شلها مما تطورُ همَّة ٌ | لطاردٍ فيهِ ولا عوَّارها |
كأنَّها بينَ بيوتِ قومها | نواظرٌ تمنعها أشفارها |
نعمْ سقى اللهُ بيوتاً بالحمى | مسدلة ً على الدُّمى أستارها |
وأوجهاً يشفُّ منْ ألوانها | عنصرها الكريمُ أو نجارها |
سواهماً ما ضرَّها شحوبها | ومنْ صفاتِ حسنها استمرارها |
لمْ أرَ ليلاً في الحياة ِ أبيضاً | إلاَّ بأنَّ تطلعَ لي أقمارها |
كمْ زورة ٍ على الغضا تأذنُ لي | فيها بيوتٌ لمْ تصلْ زوَّارها |
وليلة ٍ سامحني رقيبها | عمداً وأخلى مجلسي سمَّارها |
فبتُّ أجني ثمرَ الوصلِ بها | منْ شجراتٍ حلوة ٍ ثمارها |
وخلوة ٍ كثيرة ٍ لذاتها | قليلة ٍ على الصِّبا أوزارها |
لم يتوصَّمني بريبٍ سرُّها | صوناً ولمْ يقدرْ عليَّ عارها |
وأمُّ خشفٍ طيبٍ حديثها | بينَ الوشاة ِ طاهرٍ إزارها |
باتتْ تعاطيني على شرطِ المنى | نخبة َ كأسٍ ريقها عقارها |
سكرى وفي لثاتها جمَّارهاال | سَّاقي وعطرى نشرها عطَّارها |
يعرفني بينَ البيوتِ ليلها | بمبسمٍ ينكرهُ نهارها |
الحبُّ لا تملكني فحشاؤهُ ال | قصوى ولا يسمعني أمَّارها |
وطرقُ العلياءِ لا تعجزني | سعياً ولا توحشني أخطارها |
وقولة ٍ لا ترتقى هضبتها | ولا تخاضُ غزراً غمارها |
عوصاءَ للألسنِ عنْ طريقها | تعتعة ُ الزَّالقِ أو عثارها |
كنتُ إلى الفضلِ أبا عذرتها | وللرِّجالِ القالة ِ اعتذارها |
قمتُ بها تمدَّني من خلفها | دافعة ٌ ما كسعتْ أعيارها |
كأنَّني منْ فضلِ إيمانِ بني | عبد الرَّحيمِ واقفاً أمتارها |
أرسلتها محكمة ً سيَّارة ً | لا لغوها منها ولا عوارها |
وكيفَ لا وإنَّما آثارهمْ | قصَّتْ وعنهمْ رويتْ أخبارها |
سقى الحيا ذكرَ ملوكٍ كلَّما | ماتَ النَّدى أنشرهُ تذكارها |
وزادَ عزِّاً أنفساً تحلقتْ | فوقَ السُّها وما انتهتْ أقدارها |
تزدادحرصاً كلَّما زادتْ ندى ً | ترى المعالي أنَّهُ قصَّارها |
وإنْ قستْ أيدي الغمامِ والتوتْ | فقيلَ في يمينها يسارها |
فعضدُ اللهُ أكفَّاً سبطة ً | تفدى ببوعِ غيرها أشبارها |
ما ضرَّ أرضاً تستميحُ صوبها | أنَّ السَّماءَ لحزتْ أمطارها |
دوحة ُ مجدٍ بسقتْ غصونها | منْ حيثُ طابَ وزكى قرارها |
شقَّ لها في فارسٍ إماؤها | حرَّ التُّرابِ وهمْ أحرارها |
مطعمة ٌ مورقة ٌ لا ظلَّها | يضوى ولا يغبُّكَ استثمارها |
كلُّ زمانِ عامها ربيعها | لا جدبُ شهباءَ ولا إعصارها |
وحسبها أنَّ الوزيرَ فلقٌ | أبلجٌ ممَّا قدحتْ أنوارها |
شُجِّرَ منها وهو حكمُ العلا | قطبٌ على سعودهِ مدارها |
ما برحتْ يبعثها استعلاؤها | على عضاهِ المجدِ واشتهارها |
كأنَّها كانتْ ترى مذ بدأتْ | أنَّ إليهِ ينتهي فخارها |
وللمعالي في القتى إمارة ٌ | واضحة ٌ منْ قبلها منارها |
إلى عميدِ الدَّولة ِ اشتطَّتْ بنا | موائرٌ لا تقتفى آثارها |
تنشرُ منْ أخفافها أجنحة ٌ | وخيدها على الثَّرى مطارها |
كلُّ طريقٍ نفضتْ إلى العلا | فهي وإنْ تطاولتْ مضمارها |
لا تتوقَّى شوكة َ الأرضِ ولو | ذابَ على حرِّ الظِّرابِ رارها |
تسفرُ في الحاجاتِ وهي عدَّة ٌ | على بلوغِ ما ابتغى سفَّارها |
تدلهً في الشُّبهاتِ سرجٌ | هنَّ على جرحِ الفلا مسبارها |
لا تعرفُ الغذرَ على غضِّ السُّرى | إذا المطايا عذرتْ أبصارها |
تمضي حنايا ذبُّلاً شخوصها | سهامها تنفضُ أو أوتارها |
حتى إذا شرعنَ في حياضهِ | خالفَ منْ غيرادها إصدارها |
تلقاهُ خفَّاً فإذا تروَّحتْ | فكالهضابِ فوقها أوقارها |
يصوِّتُ الجودُ بها إلا كذا | عنِ الملوكِ فليعدْ زوَّارها |
على نداكَ شرفُ الدينِ ربتْ | فصالها وبزلتْ بكارها |
وعندكَ الفاسحُ منْ أعطانها | والأمنُ إنْ أرهقها حذارها |
موسمُ فضلٍ لا تبورُ سوقهُ | ودارُ عزٍّ لا يزلُّ جارها |
وأعطياتٌ وحلومٌ عجبتْ | منها جبالُ الأرضِ أو بحارها |
قدْ درتْ الدُّنيا على جهلاتها | أنَّكَ خيرُ منْ حوتْ أقطارها |
الكوكبُ المفردُ منْ أبنائها | إنْ خيَّرتْ لمْ يعدكَ اختيارها |
تكثَّرتْ بواحدٍ منكَ كما | قللَّها منَ الورى إكثارها |
وأيقنتْ دولة ُ آلِ باسلٍ | أنَّكَ يومَ بطشها جبَّارها |
وأنَّ ما تنظمُ من تدبيرها | مريرة ٌ لغيركَ انتسارها |
إذا قربتَ خافها أعداؤها | وإنْ نأيتَ خافها أنصارها |
غادرتها منذُ اعتزلتَ بينها | لها نبوُّ العينِ وازورارها |
يلاثُ قبحاً لا عفافاً وتقى ً | على صفاحِ وجهها خمارها |
مطروحة ً للضَّيمِ لا يمنعها | قنا المحامينَ ولا شفارها |
تمدُّ للخطبِ يداً مقبوضة ً | لا سيفها فيها ولا سوارها |
واجتمعتْ على تنافي بينها ال | أهواءُ فيكَ واستوتْ أقدارها |
واعترفتْ لكَ العدا اعترافنا | بالحقِّ إذ لمْ يغنها إنكارها |
وآمنتْ انَّكَ فينا آية ً | باقية ٌ وحسنُ استبصارها |
ولو رأتْ وجهَ الجحودِ جحدتْ | وإنَّما ضرورة ٌ أقرارها |
يا منْ بهِ استحليتُ طعمَ عيشتي | من بعدِ ما قضَّ فمي إمرارها |
وردَّ أيَّامي على إصرارها | منيبة ً يخجلني أعتذارها |
ومنْ تحرَّمتُ بهِ فلمْ يضعْ | ذمامُ آمالي ولا ذمارها |
في كلِّ يومٍ نعمة ٌ غريبة ٌ | أوهبها كأنَّني أعارها |
تأتي وما أنصبني تطاولٌ | لها ولا عذَّبني انتظارها |
محلَّياً منْ عطلي لبوسها | وراقعاً منْ خللي نضارها |
أقربُ ما يكونُ مني وصلها | إذا نأتْ أو بعدتْ ديارها |
فما يضرُّ حسنَ حظِّي منكمُ | تصاعدُ العيسِ ولا انحدارها |
لكنَّ شوقاً حرَّهُ في أضلعي | جناية ٌ لا يملكُ اغتفارها |
ولوعة ٌ إذا تنفستُ لها | عنْ كبدي حرَّقني أوارها |
فهلْ لهذا الدَّاءِ منْ راقية ٍ | ينفثُ في عقدتهِ سحَّارها |
أمْ هلْ يكونُ منْ لطيفِ برِّكمْ | زيارة ٌ تقضى بكمْ أوطارها |
وإنَّها على النَّوى لآية ٌ | معجزة ٌ عندكمْ احتقارها |
لا قلِّصتْ عنكمْ ظلالَ ملككمْ | نوائبُ الدَّهرِ ولا أقدارها |
ولا أحالَ منْ قشيبِ عزِّكمْ | مرورُ أيَّامٍ ولا تكرارها |
وحالفتكمْ نعمة ٌ صحيحة ٌ | عهودها طويلة ٌ أعمارها |
وخمَّرتْ أوجهها عن غيركمْ | دولة ُ دنيا لكمْ أسفارها |
عمنْ يعادي مجدكمْ زوالها | وعندكمْ برغمهِ استقرارها |
وسائراتٌ بالثَّناءِ لا يرى | مستعفياً منْ دأبٍ سيَّارها |
لا تخلقُ الظَّلماءُ في بسطتها | قبضاً كأنَّ ليلها نهارها |
تطوى الفيافي لا خفاراتِ لها | إلاَّ الذي تضمنهُ أسطارها |
تشتاقها الأرضُ وبعدُ لمْ تصلْ | لأنَّها تسبقها أخبارها |
يخالها النَّادي إذا اجتازتْ بهِ | لطيمة ً مرَّ بها عطَّارها |
تحملُ آثاماً بمدحِ غيركمْ | حتى تحطَّ بكمْ أوزارها |
تهدي لكَ الأعيادُ منها طرفا | جواهراً تحتَ فمي بحارها |
بما توحدتُ بهِ لمْ تفترعْ | لا عونها قبلُ ولا إبكارها |
ودَّتْ تميمُ وفحولُ وائلٍ | منْ قبلها لو أنَّها أشعارها |