متى رفعتْ لها بالغورِ نارُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
متى رفعتْ لها بالغورِ نارُ | وقرَّ بذي الأراكِ بها قرارُ |
فكلُّ دمٍ أراقَ السَّيرُ فيها | بحكمِ السَّيرِ مطلولٌ جُبارُ |
فهل بالطَّالعينَ بنا الثَّنايا | انوقُ ليلُ نظرتهِ نهارُ |
لعلَّكَ انْ ترى عيناكَ قبلي | مواقدَ والزَّفيرُ لها شرارُ |
وبعضُ المصطلينَ وإنْ نآني | وأوحدني أخو ثقة ٍ وجارُ |
يريدُ عواذلي عنهُ التفاتي | بآية ِ شطَّ أو بعدَ المزارُ |
وما عصبُ النَّوى عيني عليهِ | بأوَّلِ ما طوى القمرُ السُّرارُ |
أمنتكَ يا فراقُ وربَّ يومٍ | حذرتُ لو أنَّهُ نفعَ الحذارِ |
أخذتَ فلمْ تدعْ شيئاً عليهِ | يخافُ أسى ً ولا يرجى اصطبارُ |
حبيبٌ خنتني فيهِ ودارٌ | وللنَّاسِ الأحبَّة ُ والدِّيارُ |
أمرتجعٌ ويا نفسي عليهِ | برامة َ ذلكَ العيشُ المعارُ |
وثوبُ شبيبة ٍ ما فاضَ حتى | تقلَّصَ منهُ وانشمرَ الإزارُ |
لكلِّ سليبة ٍ بدلُ وفوتٌ | لما سلبَ المسائحُ العذارُ |
ظلامٌ هبَّ فيهِ وليتها لم | تلحْ هذي الأدلَّة ُ والمنارُ |
وربَّ سميرِ ليلٍ ودَّ ألاَّ | يضيءَ على جوانبهِ النَّهارُ |
ألا يا صاحبي حرقي نجاءً | يفوتكما بي اليومَ الوقارُ |
خذاني حيثُ لا النّظرُ استراقٌ | لريبتهِ ولا النَّجوى سرارُ |
وزمَّا بالمطامعِ أنفَ غيري | فبي عنها وإنْ خدعتْ نفارُ |
كفى بالحرصِ عيباً أنْ أولي | جداهُ منى ً وغايتهُ انتظارُ |
وما أنسى بآملٍ طوالٍ | تناولهنَّ أيامٌ قصارُ |
يقولُ المرءُ ما يهوى ويرجو | ويفعلُ فعلهُ الفلكُ المدارُ |
وأنْ ظمئتْ ركابٌ أو أُجيعتْ | فأفرعَ شعرها الوبرُ المطارُ |
فخيرٌ منْ مراعيها بذِلٍّ | عضاضٌ بالحناجرِ واجترار |
وإلاَّ فابغيا شرفَ المعالي | بها إن كانَ للظُّلمِ انسفارُ |
وضمَّاً بالخطيرِ غريبتيها | فثمَّ العزِّ يمنعُ والجوارُ |
وماءٌ فاضلٌ عنها وبقلٌ | تبزَّلُ في كمائمهِ البكارُ |
ردا المجدَ التليدَ بها وعوذا | بأغلبَ حبلُ ذمَّتهِ مغارُ |
ببحرِ ندى ً يفيضُ وبدرِ نادٍ | وإن رغم البدورُ أو البحارُ |
جوادٌ لا يزلُّ بهِ عثارٌ | وجارٍ لا يشقُّ له غبارُ |
تمنى النَّاسُ أصغرَ همَّتيهِ | فماتتْ دونها الهممُ الكبارُ |
وطارَ بهِ فأنعلهُ الثريا | فؤادٌ لا يطيرُ بهِ الحذارُ |
ونفسٌ حرَّة ٌ لا يزدهيها | حلى الدُّنيا وزخرفها المعارُ |
يبيتُ الحقُّ أصدقَ حاجتيها | وكسبُ العزِّ أطيبَ ما يمارُ |
إذا التفتتْ إلى الدُّنيا عيونٌ | فلفتتها إباءٌ واحتقارُ |
من الوافينَ أحلاماً وعهدا | إذا هفت الحبا ووهى الذمارُ |
كرامٌ لا يرونَ العسرَ فقرا | وفي العرضِ الغنى والافتقارُ |
إذا عزَّوا بأرضٍ أوطنوها | وإن ضيموا بها ركبوا فساروا |
كفوا بدلالة ِ الكافي عليهمْ | بحرصٍ ما أدعى لهمْ الفخارُ |
مضوا سلفاً وجاءَ يزيدُ مجدا | كما أوفى على السُّحبِ القطارُ |
توحَّدَ من بني الدُّنيا ركوبٌ | صعائبها إذا كرهَ الخطارُ |
سعى فحوى الكمالَ وهمْ قعودٌ | وأنجدَ يطلبُ الدُّنيا وغاروا |
وأشرفُ شيمة ٍ ظلفٌ وأمرٌ | يطاعُ وعفَّة ٌ معها اقتدارُ |
وعفَّ فباتَ يحلبهنَّ مذقا | وأخلافُ الزَّمانِ لهُ غزارُ |
حميتَ الملكَ مقتبلاً وكهلا | يخافُ منَ الدَّنيَّة ِ أو يغارُ |
ولمْ تدخلْ غريباً خارجيِّاً | لهُ بسواهُ نهضُ وانتصارُ |
وقوَّمتَ الأمورَ وهنَّ ميلٌ | لها في كفِّ جابرها انكسارُ |
وكلُّ دعيِّ فضلٍ مستطبٍّ | لهُ بالعجزِ شغلٌ واعتذارُ |
وسعتَ النَاسَ إحساناً وعطفا | كأنكَ رأفة ً بهمْ ظؤارُ |
وصرتَ حلى الملوكِ وأيَّ كفٍّ | لهمْ مدَّتْ فأنتَ لها سوارُ |
تشيرُ بكَ العلا نصحاً عليهمْ | إذا ما خانَ رأيُ مستشارُ |
بكَ انتصرتْ يدي وعلا لساني | وصمَّمَ ناظري وبهِ ازورارُ |
وكنتُ أطيعُ مضطرَّاً زماني | فأصبحَ لي على الزَّمنِ الخيارُ |
برعيكَ فيَّ حقِّ الفضلِ صحَّتْ | قناة ٌ كلُّها وصمٌ وعارُ |
وجدتَ فعدتُ بعدَ جفوفِ عودي | وفي أغصانِ أيكتي اخضرارُ |
عرفتَ توحدي فغرستَ منِّي | غصوناً ذا الثَّناءِ لها ثمارُ |
محاسنُ لا يراها فيَّ إلاَّ | بصيرٌ كيفَ ينتقدُ النُّضارُ |
وردتُ نداكَ عذباً لم يكدَّر | لهُ حوضٌ ولمْ تنزفْ غمارُ |
على الإعسارِ تعطيني كثيرا | ويعطى النَّاسُ ما بلغَ اليسارُ |
ومنْ آياتِ جودكَ أنْ غنينا | بهِ وإلى القليلِ بكَ افتقارُ |
فعشْ يبلغكَ ما تجزى القوافي | وما يسدى بهنَّ وما ينارُ |
بكلِّ غريبة ِ المعنى علوقٍ | إذا قرتْ فليسَ لها نفارُ |
تسيرُ بعرضكَ المجلوِّ فيها | مسيرَ الشَّمسِ مهلتها بدارُ |
لها في الجوِّ رافعة ً صعودُ | وفي مهوى الرِّياحِ لها انحدارُ |
كأنَّ فتيقَ منشرها يمانٍ | تنفَّسَ في حقائبهِ العطارُ |
يسوقُ المهرجانُ إليكَ منها | عرائسَ والنَّشيدُ لها نثارُ |
مبشِّرة ً بأنَ اللهُ عينٌ | عليكَ منَ الرَّدى الجاري وجارُ |
وأنَّكَ خالدٌ لا اللَّيلُ يفني | مداكَ منَ البقاءِ ولا النَّهارُ |