سلمتِ وما الديارُ بسالماتٍ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
سلمتِ وما الديارُ بسالماتٍ | على عنتَ البلى يا دارَ هند |
و لا برحتْ مفوفة ُ الغوادي | تصيب رباكِ من خطإٍ وعمدِ |
بموقظة ِ الثرى والتربُ هادٍ | و مجدية ِ الحيا والعامُ مكدي |
على أني متى مطرتكِ عيني | ففضلٌ ما سقاكِ الغيثُ بعدي |
أميلُ إليكِ يجذبني فؤادي | و غيركِ ما استقام السيرُ قصدي |
و أشفق أن تبدلكِ المطايا | بوطأتها كأنَّ ثراك خدي |
أرى بكِ ما أراه فمستعيرٌ | حشاي وواجدٌ بالبين وجدي |
و ليتكِ إذ نحلتِ نحولَ جسمي | بقيتِ على النحول بقاءَ عهدي |
و ما أهلوكِ يومَ خلوتِ منهم | بأولِ غدرة ٍ للدهر عندي |
سلي الأيام ما فعلت بأنسي | و عيشٍ لي على البيضاء رغدِ |
و في الأحداج عن رشإٍ حبيبٍ | على لونيه من صلة ٍ وصدَّ |
يماطلُ ثم ينجزُ كلَّ دينٍ | و لم ينجز بذي العلمين وعدي |
تبسمّ بالبراق وصاب غيث | فلو ملكَ الفداءُ لكنتُ أفدي |
ثناياه وفاه ولا أغالي | بما في المزن من برقٍ وبردِ |
ألاَ من عائدٌ بياضِ يومٍ | لعيني بين أحناء و صمدِ |
و عينٍ بالطويلع بارزاتٍ | على قسماتهنّ حياءُ نجِد |
نظرنَ فما غزالتهُ بلحظٍ | و مسنَ فما أراكتهُ بقدَّ |
و بلهاء الصبا تبغي سقاطي | إذا حللتها هزلتْ بجدي |
تعدُّ سنيَّ تعجبُ من وقاري | و لم يجتزْ مراحَ العمر عدي |
فما للشيب شدَّ على ركضا | فطوح بي ولم أبلغ أشدي |
يعيرني ولم أره شآني | تنبه حظه بخمولِ جدي |
و ودَّ على غضارة حلتيهِ | مكانَ الرقع من أسمال بردى |
و ما ورقُ الغنى المنفوضُ عني | بمعرٍ من حسام المجدِ غمدي |
حملتُ وليس عن جلدٍ بقلبي | حمولة َ واسع الجنبين جلدِ |
تبادهني النوائب مستغرا | فأدفعها بعزمة ِ مستعدّ |
يزلُّ الحوفُ عن سكنات قلبي | زليلَ الماءِ عن صفحاتِ جلدي |
دع الدنيا ترفَّ على بنيها | و تجلبْ بالجفاء عليّ وحدي |
وفرْ أموالهم تنمو وتزكو | فليس كنوزها ثمنا لحمدي |
لعل حوائل الآمال فيهم | تطرقُ من أبي سعدٍ بسعدِ |
فتى عقدتْ تمائمهُ فطيما | على أكرومة ٍ ووفاءِ عقدِ |
و ربته على خلق المعالي | غرائزُ من أبٍ عالٍ وجدَّ |
فما مجت له أذنٌ سؤالا | و لا سمحتْ له شفة ُ بردَّ |
إذا اخضرت بنانُ أبٍ كريم | فصبغتها إلى الأبناء تعدي |
تطاولَ للكمال فلم يفتهُ | على قربِ الولاد مكانُ بعدِ |
و تمَّ فعلق الأبصارَ بدرا | و لم يعلقْ له شعرٌ بخدَّ |
رآه أبوه وابن الليث شبل | لسدة ِ ثغرة ٍ وهو ابن مهدِ |
فقال لحاسديه شقيتمُ بي | و هذا ابني به تشقونَ بعدي |
جرى ولداتهِ فمضى وكدوا | لو أنَّ الريحَ مدركة ٌ بكدَّ |
إذا سبروه عن عوصاءَ أدلى َ | بها فنجا على غررِ التحدي |
دعوا درجَ الفضائل مزلقاتٍ | لماضٍ بالفضائلِ مستبدَّ |
و ما حسدُ النجومِ على المعالي | و لو ذابَ الحصا حسدا بمجدي |
أبا سعدٍ ولو عثروا بعيبٍ | مشوا فيه بحقًّ أو تعدى |
و قد تسري العيوبُ على التصافي | فكيفَ بها على حنقٍ وحقدِ |
و لكن فتهم فنجوتَ منهم | نجاءَ اللحن بالخصمِ الألدَّ |
و ملككَ الفخارُ فلم تنازع | بقلًّ في الندى ولا بحشدِ |
أبٌ لك يحلمُ العلياءَ طولا | و خالٌ في عراص المجد يسدي |
و لم يعدلْ أبا لك يعربياً | زميلٌ مثلُ خالك في معدَّ |
جزيتك عن وفائك لي ثناءً | يودّ أخي مكانك فيه عندي |
و لولا الودُّ عزّ عليك مدحي | و لولا الفضلُ عزّ عليك ودي |
بني عبد الرحيم بكم تعالت | يدي وورى على الظلماء زندي |
و إن أودى بنيسابور قومي | فجدكمُ من الأملاك جدي |
و أصدقُ ما محضتُ القومَ مدحي | إذا ما كان مجدُ القوم مجدي |
تفاعيني لترديني الليالي | فأذكركم فتنهسني بدردِ |
و أزحمُ فيكمُ نكباتِ دهري | بعصبة ِ غالبٍ وبني الأشدَّ |
لذلك ما حبوتكمُ صفايا | ذخائرُ خيرُ ما أحبو وأهدي |
طوالعُ من حجابِ القلب عفوي | بهنَّ يبذُّ غاية َ كلَّ جهد |
تجوبُ الأرض تقطعُ كلَّ يوم | مدى عامين للساري المجدَّ |
يرينَ وبعدُ لم يروين حسنا | كأنّ سطورهن وشوعُ بردِ |
إذا روت رجالكمُ كهولا | سأرن لصبية ٍ منكم ومردِ |
و لولاكم لما ظفرت بكفءٍ | يسرُّ ولا سعت قدما لرشدِ |
و لكن زفها الأحرارُ منكم | فما اشقيت حرتها بعبدِ |
فضلتم سؤددا وفضلتُ قولا | فكلٌّ في مداه بغير ندَّ |
بكم ختم الندى وبيَ القوافي | بقيتم وحدكم وبقيتُ وحدي |