أغشُّ بآمالي كأنيَ أنصحُ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
أغشُّ بآمالي كأنيَ أنصحُ | و أبقى َ لأشقى َ بالبقاء وأفرحُ |
و أصبو إلى وجهٍ من الدهر مسفرٍ | ضحوكٍ ووجهي في الخمار مكلحُ |
و يعجبني إملاء يومٍ وليلة ٍ | و ما الموتُ إلا غابقٌ أو مصبحُ |
مطلتُ بديني والغريمُ مصممُ | و أحسنتُ ظني والمسيءُ مصرحُ |
تدمى المنايا الناسَ حولي وإنما | دمي ذاك في أثوابهم يتنضحُ |
و أسلو إذا أبصرتُ جلديَ أملسا | و ما صحة ٌ في الجلدِ والقلبُ يجرحُ |
إذا مرَّ يستقري من الهالكُ الردي | يميلُ في أبنائه ويرجحُ |
تطامنتُ أرجو أن أفوتَ لحاظه | فأخفي وعينُ الموت زرقاءُ تلمحُ |
و قد غرني ليلُ الشباب فأين بي | أضلَّ وفجرُ الشيب عريانُ مصبحُ |
و أقرب شيء من قضيبٍ جفوفهُ | إذا الورقاتُ الخضرُ ظلتْ تصوحُ |
تتيمَ بالعمرِ الجذاعُ وخانهم | فما ليَ أرجو وده حين أنزحُ |
و قد كان قدامى مدى منه يرتجى | هو اليومَ ملقى ً من ورائيَ يطرحُ |
حسوتُ بمرَّ الدهر حبا لحلوه | فطورا يصفى لي وطورا يصبحُ |
إذا برني في صاحبٍ بزَّ صاحبا | أغنى بشعري تارة ً وأنوحُ |
أبيحُ الترابَ أوجها كان مسخطي | على الشمس منها الساهمُ المتلوحُ |
و أحثو بكفيّ أو أشقُّ حفيرة ً | يهال على قلبي ثراها ويصرخُ |
ترى الحق مطروفا وتعشى لواحظٌ | يراقصها هذا السرابُ الملوحُ |
يودُّ الفتى أن البسيطة َ دارهُ | و ما فوقها مالٌ عليه يروحُ |
و سيعة ُ بطنٍ جلَّ ما هو محرزٌ | و مطرحُ جنبٍ جهدَ ما يتفسحُ |
تبايعنا الدنيا منى ً بنفوسنا | فتوكسُ غبنا والمبايع مصلحُ |
فلا نحن من فرط الخسارة ِ نرعوي | و لا هي ترضى فرطَ ما هي تربحُ |
فما لكِ يا دنيا وأنتِ بطينة ٌ | و نحن خماصٌ تبخلين ونسمحُ |
ألا طرقتْ لا يملأ الليلُ صدرها | و لا تتحاشى صارخا حين تصبحُ |
مغلغلة ً لا طودَ يعصمُ ما ارتقت | و لا موئلٌ من حيث تهبطُ أبطحُ |
وصولاً إلى البيت الذي تستضيفه | و لا موقدٌ يوري ولا كلبَ ينبحُ |
لها من قرى ما استصلحتْ وتخيرتْ | حشايا توطى أو صفايا تذبحُ |
أصابت صريحَ المجد من حيث ينتمي | و غضت لحاظَ الفضل من حيث تطمحُ |
و حلت فحكت بركها من محمدٍ | بجانب ركنٍ لم يكن قبلُ ينطحُ |
قويمٍ على عرك الخطوب فما له | و قد زحمته زحمة ٌ يتطوحُ |
سلا مقعصَ الأقران من أيَّ طعنة ٍ | تقطرَّ عن ظهر الكفاية يطرحُ |
و قاطعِ مثناة ِ الحبال حرانهُ | بأيّ زمامٍ قيدَ يعنو ويسمحُ |
و من هزَّ من بين الوسائد طودهُ | و في دسته ثهلانُ لا يتزحزحُ |
و قولا وإن لم يخرق التربَ صائحٌ | إليه ولم يفهم صدى الأرض موضحُ |
أبا حسنٍ أما الرجاءُ فخائب | و أما الرجا فيما نعاك فمنجحُ |
حملتُ الرزايا جازعا ثمّ صابرا | على ذاك حسنُ الصبر بعدك يقبحُ |
و واصلتُ من أحببتُ ثم فقدتهُ | فما نازلٌ إلا وفقدك أبرحُ |
ذكرتك إذ غصّ النديُّ فلم يشرْ | نصيحٌ ولم ينطق لسانٌ مفصحُ |
و لا أضمرتْ صدقا معاقدُ حبوة ٍ | جثا بفخارٍ ربها يتبجحُ |
و قد غاض بحرٌ كان فكرك مده | و أرتجَ بابٌ كان في فيك يفتحُ |
و قد جاء نجمٌ من جمادى بليلة ٍ | بليلٍ يريك الطولُ أن ليس تصبحُ |
يسائلُ عن أطناب بيتك ضيفها | ردائدَ خطفِ البرقِ فيما تلوحُ |
تعيفَ طيرا بارحاتٍ يسرنهُ | بفقدك قد كانت ميامينَ تسنحُ |
فبات صعيدُ الأرضِ والريحُ زادهُ | شقياً بما يستافُ أو يتنقحُ |
بليلة بؤسٍ فات معتامها القرى | كما فاتها منك المصلى المسبحُ |
و للأمر كنتَ الليثَ إما حفظتهُ | تعاوتْ تعاطاه ثعالبُ تضبحُ |
رعى بعدك الشقُّ الذي كنت حامياً | له وعتا الخرقُ الذي كنت تنصحُ |
و خلى َ للعجز التنافسُ واستوى | على الجهل سرحٌ سائمٌ ومسرحُ |
و قام رجالٌ كان فضلك مقعدا | لهم فتراءوا للعلا وترشحوا |
بلا عائبٍ تزري على سيئاتهم | محاسنهُ والنقصُ بالفضل يفضحُ |
لئن حرصوا فيما عمرت تعافهُ | فربتَ ساعٍ للدنية يكدحُ |
تمالوا على ما كنتَ تأباه أوحداً | و منوا بما استضعفته وتمدحوا |
و ما ازدحموا أن القذى بعدك انجلى | عن الماء لكن يشربون وتقمحُ |
فداكَ وهل حيٌّ فداءٌ لميتٍ | قصيرُ الخطا يكبو بما كنتَ تجمح |
تعجبَ لما ساد من حظَّ نفسه | و قد يدرك الجدُّ الدنيَّ فيفلحُ |
و لما رأيتَ الدهرَ ضاقت ضلوعهُ | بحملك وهي للئام تفسحُ |
أنفتَ من الدنيا الذليلة ِ عارفا | إذا عيشة ٌ ضامتك فالموت أروحُ |
و ذكرنيك الودُّ أحليتَ طعمه | و أصفيتَ فهو الآن يقذي ويملحُ |
ضربتُ عن الإخوان صفحا مؤملا | بأن الردى لي عنك وحدك يصفحُ |
و أغنيتني وداً ورفدا بحاجة ٍ | من اليوم ما أرتادُ أو أتمنحُ |
أعلل نفسي عنك لو أن مسقما | يفيق بنوعٍ من جوى ً أو يصبحُ |
و أرقعُ أيامي أروم صلاحها | و قد فسد العيشُ الذي كنت تصلحُ |
سألتُ بك الأيام أرجو مسرة ً | فلما أبت إلا التي هي اترحُ |
ضحكتُ إلى ناعيك أحسب أنه | و قد جدَّ إكبارا ليومك يمزحُ |
عفا ربعُ أنسي منك ضيقا وما عفا | بساحة ِ قلبي منزلٌ لك أفيحُ |
به ساكنٌ من طيبِ عهدك عامرٌ | يريح عزيبَ الحزن من حيث يسرحُ |
إذا ذبلت فيه على الصبر جمرة ٌ | خمودا ورى زندٌ من الذكر يقدحُ |
و ذاك اللسانُ الرطبُ لا زال في فمي | هو اليومَ يرثي مثله أمس يمدحُ |
يقول وإن لم يغنِ عنك وإنما | ملأتَ إناءً نعمة ً فهو يرشحُ |
و لو ردَّ قبلي الموتُ بالشعر أو مضى | شبا لسنٍ أو عاش في الدهر مفصحُ |
نجا لائذا بالعزّ في غير قومه | و قد سبق الناسَ الغريبُ المقرحُ |
و مستنزلُ النعمان عن سطواته | ينتقي من عذرة ٍ وينقحُ |
و عروة ُ لم يصغِ الردى لنسيبه | و لم يعطَ في قيسٍ مناه الملوحُ |
و غير غيلانُ المهاري بعنسهِ | فلم تنجه من عدوة الموتِ صيدحُ |
و لكنه شرطُ الوفاء وغمة ٌ | على الصدر باستخراجها أتروحُ |
ذممتُ فؤادي فيك والحزنُ محرقٌ | و عاتبتُ جفنَ العين والدمعُ مقرحُ |
و ما عجبٌ للدمع أن ذلَّ عزه | فما جمّ إلا أنه لك ينزحُ |
و أقسمُ ما جازاك قلبٌ بما طوى | غليلا ولا قولٌ يطولُ فنشرحُ |
و لا كان في حكم الوثيقة أن أرى | عليك الثرى كلاَّ وجسميَ ريحُ |
و ما أنا إلا قاعدٌ عن فضيلة ٍ | إذا قمتُ فيها مائلا أترنحُ |
سقاك وإن كان الثرى بك غانيا | عن السحب غادٍ بالحيا متروحُ |
حمولٌ لماء المزن تطفو لصوبه | فواغرُ أفواهِ الجواءِ فتطفحُ |
إذا خار ضعفا أو تراخى حدتْ به | مواقرُ من نوءِ السماكين دلحُ |
يجفلُ طردُ الريح فيها كأنها | سفينٌ جوارٍ أو مراسيلُ جنحُ |
شجاعٌ كأنتَ أو جوادٌ بمائه | فإن عاقه ضنٌّ فعينيَ تسفحُ |
ليعلمَ قبرٌ بالمدينة أنني | من الغيثِ أوفيَ أو من الغيثِ أسمحُ |