بكَرَت عليك مُغيرة ُ الأَعرابِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
بكَرَت عليك مُغيرة ُ الأَعرابِ | فاحفَظْ ثيابَك يا أبا الخطَّابِ |
وَرَدَ العراقَ رَبيَعَة ُ بنُ مُكَدَّمٍ | و عُتيبَة ُ بنُ الحارثِ بنِ شِهابِ |
أَفَعِنْدَنَا شَكٌّ بأنهما هما | في الفَتْكِ لا في صِحَّة ِ الأنسابِ |
جلَبا إليكَ الشِّعْرَ من أوطانِه | جَلْبَ التِّجارِ طرائفَ الأجلابِ |
فبدائعُ الشُّعراءِ فيما جَهَّزوا | مقرونة ٌ بِغَرائبِ الكُتَّابِ |
تبّاً لقومٍ لا تَزَالُ حُلومُهم | و عقولُهم في ضِلَّة ٍ وتَبابِ |
لهما من الحَظِّ الصَّوارمُ والقَنا ؛ | و من الطُّروسِ نفيسة ُ الأسلابِ |
شَنَّا على الآدابِ أقبحَ غارة ٍ | جَرحَتْ قلوبَ محاسنِ الآدابِ |
فحَذارِ من حركاتِ صِلَّي قَفرة ٍ | و حَذارِ من حَركاتِ لَيْثَيْ غابِ |
لا يسلُبانِ أخا الثَّراءِو إنما | يتَناهبانِ نتائجَ الألبابِ |
إنْ عَزَّ موجودُ الكلامِ عليهما | فأنا الذي وقفَ الكلامُ ببابي |
أو يَهبُطا من ذَلَّة ٍفأنا الذي | ضرُبَتْ على الشَّرَفِ المُطِلِّ قبابي |
كم حاولا أَمَدِي فطالَ عليهما | أن يُدرِكا إلاّ مثارَ تُرابي |
عَجْزاً ولم تقِفِ العبيدُإذا جرَتْ | يومَ الرِّهانِمواقفَ الأربابِ |
و لقد حَمَيْتُ الشِّعْرَو هو لمَعشَرٍ | رِمَمٍسوى الأسماءِ والألقابِ |
و ضربْتُ عنه المُدَّعينَو إنما | عن صُورَة ِ الآدابِ كان ضِرابي |
فغدَت نَبيطُ الخالدية ِ تَدَّعي | شِعري وتَرفُلُ في حَبيرِ ثيابي |
أشياخُ عُمْرِ الزَّعفرانِ تراهُمُ | حولَ الصليبِ حَوانيَ الأَصلابِ |
نَزَلُوا ذَرَمَّة َ بين غَضِّ نواظرٍ | لم تَسْمُ مُذْ خُلِقَتْ وذُلِّ رِقابِ |
وَطَنَ المُحرَّمَة ِ الجسومِ نجاسة ً | في خيرِ صُحفٍ نُزِّلَتْ وكِتابِ |
من كلِّ أشقرَ باحثٍ خُرطُومُه | عن رِزقِهفتراه في إكْتابِ |
خُزرِ العُيونِ خَفِيَّة ٍ أصواتُها | تُكْسي الرؤوسَ شوائلَ الأذنابِ |
يحمي جَوانبَ سَرْحِها إيرادُها | فيبيتُ عنها مُشْرَعَ الأنيابِ |
رُعِيَتْ لشيخِ الخالدية ِ بُرهة ً | بل كان يَرعاها على الأحقابِ |
أَسعيدُإنَّك لو بَصُرْتَ بهاشمٍ | في العُمرِ غيرَ مُبجَّلِ الأصحابِ |
مَحْضَ المَذَلَّة ِ راكباً عُكَّازَة | رَثَّ المعيشة ِ شاحبَ الجِلبابِ |
لحلفْتَ أنَّكَ لا تُطيلُ عِمامة ً | مصقولة َ العَذَباتِ والأهدابِ |
نفقُوا بآلاتِ الخَنا وتوهَّمُوا | أنَّ الزَّمانَ جَرى بهم وكَبَا بي |
قَومٌإذا قَصَدُوا الملوكَ لمطلَبٍ | نُقضَتْ عمائمُهُم على الأبوابِ |
من كلِّ كَهْلٍ يستطيرُ سِبالُه | لَوْنَيْنِ بينَ أناملِ البَوَّابِ |
مُفضٍ على ذُلِّ الحِجابِ يَرُدُّه | دامي الجبينِتَجهُّمُ الحُجَّابِ |
و مُفَهَّهَيْنِ تعرَّضا لِحِرابَتي | فتعرَّضَتْ لهما صدورُ حِرابي |
نَظَرا إلى شِعري يروقُ فَترَّبا | منه خُدودَ كواعبٍ أترابِ |
شرباه فاعترفا له بعُذوبَة ٍ | و لرُبَّ عَذْبٍ عادَ سَوطَ عَذابِ |
في غارة ٍ لم تَنْثَلِمْ فيها الظُّبا | ضَرْباًو لم تَنْدَ القَنا بخِضابِ |
تركَتْ غرائبَ مَنْطِقي في غُربَة ٍ | مَسبِيَّة ً لا تَهْتَدي لإيابِ |
جَرحى وما ضُرِبَتْ بحَدِّ مُهَنَّدٍ | أسرَى وما حُمِلَتْ على الأقتابِ |
لَفْظٌ صقَلْتُ متونَهفكأنَّه | في مُشرقاتِ النَّظْمِ دُرُّ سِخابِ |
و كأنما أجريْتُ في صفَحاتِه | حُرَّ اللُّجَينِ وخالصَ الزِّريابِ |
أغربْتُ في تحبيرِهفرُواتُه | في نُزهَة ٍ منه وفي استغرابِ |
و قطعتُ فيه شبيبة ً لم تَشتغلْ | عن حُسْنِه بِصَباً ولا بتصابي |
فإذا ترقرَقَ في الصَّحيفة ِ ماؤُه | عَبِقَ النَّسيمُفذاكَ ماءُ شبابي |
يُصغي اللبيبُ له فيَقسِمُ لُبَّه | بين التعجُّبِ منه والإعجابِ |
جِدٌّ يَطيرُ شَرارُهو فُكاهَة ٌ | تَستعطِفُ الأحبابَ للأحبابِ |
أَعزِزْ عليَّ بأن أرى أشلاءَه | تدْمَى بِظِفْرٍ للعدوِّ ونابِ |
أَفَنٌ رماه بغارة ٍ مأفونة ٍ | باعَتْ ظِباءَ الرُّومِ في الأَعرابِ |
أَأُخَيَّ قد عزَّيْتَني بحسيبة ٍ | منه فَعَزِّ بها ذوي الأحسابِ |
عَزِّ الأكارِمَ أنها حَسَبُ النَّدى | فاضَتْ أنامِلُهم بغيرِ حِسابِ |
هم نافسوا في حَليِه وبُرودِه | وَ هُمُ أُثيبُوا عنه خيرَ ثَوابِ |
و سَقَوه محتَفِلَ الحَيا رَيَّانَه | و رأوا ذُنوباً سقيَه بذنابِ |
إني أحذِّرُ مَنْ يقولُ قصيدة ً | غرّاءَ خِدْنَيْ غارة ٍ ونِهابِ |
ذِئبَينِ إذ نَظَرا إلى سيَّارَة ٍ | بَعَثا لها يوماً كيومِ دُؤَابِ |
عِلْجَينِ إذ حَنَّ النَّواقِسُ صرَّحا | بالشَّوقِ أو حَنَّا حَنينَ النَّابِ |
شَغَفاً بذي القُربانِ يصدُقُ أنه | ينشقُّ من نَسَبٍ إليه قُرابِ |
و رضى ً عن الإنجيلِ يُظْهِرُ فيهما | غَضَباً على الفُرقانِ والأحزابِ |
إني نَبَذْتُ على السَّواءِ إليكما | فتأهَّبا للفادحِ المُنتابِ |
نُصِبَتْ مجانيقُ الهجاءِو إن رأَتْ | لكما ضُؤولَة َ مَنصِبٍ ونِصابِ |
و إذا نَبذْتُ إلى امرىء ٍ ميثاقَه | فليَستعِدَّ لسطوتي وعِقابي |
حاولتُما جبلاً كأنَّ رِعانَه | فَوقَ السَّحابِ الغُرِّ غُرُّ سحابِ |
فإذا أصابَكما غِضابُ سِهامِها | غَيرتْ مدى الأيام غيرَ غِضابِ |
و جريتُما في غِرَّة ٍفنَكصتُما | من سَوءَة ِ العُقبَى على الأعقابِ |
و رميتُما المِسكَ الذَكيَّ بِغَيْبَة ٍ | و ذَكاؤه يُربي على المُغتابِ |
فَلْتَلْفَحَنَّكُما سمائمُ مَنطِقي | و لتُغْرِقَنَّكُما سُيولُ شِعابي |
و لْتَسرِيَنَّ مع الجَنوبِ إليكما | مغموسة ً في الشَّرْي أو في الصَّابِ |
و لْتَطْلُعَنَّ من الفِجاجِ كأنها | غُرَرُ الجيادِ لواحِقُ الأقرابِ |
و لأَضْرِبَنَّكُما على ما خُنْتُما | بصوارمٍ للشِّعرِ غيرِ نَوَابِي |
متواتراتٍ لا تغُبُّكماو هل | للصُّبحِ راعي الليلِ من إغبابِ |
تشتقُّ أجبالُ الشَّقيقِفإن سَرَت | ذاتَ اليمين خطَتْ غِمارَ الزَّابِ |
نبلٌ أُغلغلُ منكما مسمومة ً | بمكامنِ الأحقادِ والأطرابِ |
فأُريكما الدنيا به مُغبرَّة ً | حتى يُظَنَّ اليومُ يومَ ضَبابِ |
فلْتَعْلَماإن لم تَهُبَّ عليكما | أبداًنسيمَ جِنايتي وجَنابي |
وَ لْيَحْذَرِ الكذّابُ تِربُكُما يداً | باتتْ تَحنُّ إلى طَلَى الكذَّابِ |
فَلَكَمْ عدوٍّ قد أطلْتُ عَذابَه | بِكُلومِ رَيِّقَة ِ الكلامِ عِذابِ |
وشَّيْتُها قبلَ الحُتوفِ كما ارتدى | بالوَشْيِ ظهرُ الحيَّة ِ المُنسابِ |
لولا أبو الخطَّابِ طالَ تنكُّري | للخَطْبِ يظلِمُنيو ساءَ خِطابي |
و هَبَتْ شمائلُه الجزيلَو أَبرأَتْ | يُمناه من نَدَبِ الزَّمانِ إهابي |
و كفاكَ أنَّ الدَّهرَ أَعْتَبَنِي به | فَكَفَيْتُ عَتْبي عندَه وعِتابي |