بلغا القاصدين أن الليالي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بلغا القاصدين أن الليالي | قبضت جملة العلى بالكمال |
وقفا في مدارس النقل والعق | ل ونوحا معي على الأطلال |
سائلاها عسى يجيب صداها | أين ولى مجيب أهل السؤال |
أين ولى بحر العلوم وأبقى | بين أجفاننا الدموع لآلي |
أين ذاك الذهن الذي قد ورثنا | عنه مافي الحشا من الأشعال |
أين ذاك البحث الذي يحرس الح | فل على غير أهبة ٍ واحتفال |
أين ملك الأقلام يوم انتصارٍ | كعوالي الرماح يوم نزال |
ينقل الناس عن حديث هداها | طرق العلم عن متون العوالي |
و تفيد الجنى من اللفظ حلواً | حين كانت نوعاً من العسّال |
أين تلك الأوصاف تنفح طيباً | رخصت عنه فنون الغوالي |
يالها من رزية ٍ في حشا الاس | لام من وقعها كحد النصال |
يالها وقعة على الرمل أبقت | للبرايا لواعجاً كالجبال |
نقصت بهجة الحياة فلا ين | كر تأثير للنقص بعد الكمال |
و انطوى مبسم العلوم وأغضت | مقلة البحث دونها والجدال |
و كحلنا الجفون بالسهد حتى | بات منها الكرى على أميال |
أيها الراحل الذي عطلت من | بعده القاصدون شدّ الرحال |
كنت غوث الوجود حقاً ولكن | ليس في الناس عنك من إبدال |
كنت دون الأنام عوناً على خف | ض حياة ٍ لنا بتمييز حال |
فليمت من يشا ويذهب من شآ | ء فإنا بعدها لا نبالي |
كم ليمناك عندنا من أيادٍ | ليس فيها لواصفٍ من شمال |
كم لها من فتوة ٍ وفتاوٍ | قاضيات مآرب السوآل |
هي مثل الأطواق عند عفاة ٍ | وهي للملحدين كالأغلال |
غاب علم التفسير عنا وهمت | كتب الفقه فيك بالأعوال |
و دموع الحديث سلسلها الحز | ن وأنكى في القلب جرح النصال |
و أرى النحو واجماً ليس منه | قلب زيد وقلب عمرٍو بخال |
قصرت في الكلام مرتبة الأس | ماء واعتل سائر الأفعال |
ليت شعري لمن أعزي على الخط | ب وحال الأنام طرّا كحالي |
أترى هل علمت يا ابن عليّ | أن دمعي من الأسى متوالي |
أنت في جنة النعيم مقيم | وفؤادي عليك بالنار صالي |
أنت جارٌ للشافعي وقلبي | مالكي الأهواء والأهوال |
يا ضلالي من بعد ذاك المحيا | وافتقاري من بعد ذاك النوال |
قربا مربط الكآبة مني | نفحت حرب لوعتي من جمال |
لو نسيت الفضائل ما كن | ت بناسٍ صنائع الأفضال |
كيف أنسى ذاك الندى وهو عندي | مستجدّ أمام عيني وبالي |
كيف أنشيء من المقال بديعاً | زال من كان عارفاً بمقالي |
زال عني ذاك الثنا فقضي قل | بي فرض الاحزان عند الزوال |
و اعتزلت الورى وليس عجيباً | بعد ما مات قامع الاعتزال |
أي قلب لم يرم بعد سراه | بفنون الأوجاع والأوجال |
أي دنيا يصفو لها أمل المر | ء وهذي مصارع الآمال |
أي خلق من المنية يحمي | وهي تسري إليه مسرى الخيال |
أي تاج وللأهلة في الأف | ق قسيّ ترمي الورى بنبال |
جاد مثواك يا محمد غيث | باسم البرق مستهل الغزال |
و سلام على الفضائل في لح | دك والفضل والندى والمعالي |