أما وتلفت الرشاء الغرير
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أما وتلفت الرشاء الغرير | ولين معاطف الغصن النضير |
لقد عبثت لواحظه بعقلي | فياويل الصحيح من الكسير |
غزالٌ كالغزالة في سناها | تحجبه الملاحة بالستور |
شديد الظلم حلّ صميم قلبي | كذاك الظلم يوقع في الأسير |
تبسم ثم حدّث باللآلي | فأعجز بالنظيم وبالنثير |
وأسكر لحظة من غير ذوقٍ | فيا لله من لحظٍ سحور |
وأجفانٌ مؤنثة ٌ ولكن | تقابلنا بأسياف ذكور |
وخدّ لاح فيه خيال دمعي | فقل في الروض والماء النهير |
شجاني منه أمرد ما شجاني | وثنى بالعذار فمن عذيري |
ومن لي فيه من ليلٍ طويلٍ | أكابده ومن جفنٍ قصير |
لحى الله الوشاة فان تدانو | ولحّ الظبي عنا في النفور |
وعزّ لقاؤنا والربع دانٍ | كما أبصرت تفليج الثغور |
فربَّ دجى ً لنا فيه عناقٌ | تغوص به القلائد في النحور |
زمانُ العيشِ مبتسمُ الثنايا | ووجهُ الأنس وضاح السرور |
ووصل معذبي جناتُ عدنٍ | لباسي فيه ضمّ كالحرير |
تروم يداي في خصريه مسرى ً | ولكن ضاق فترٌ عن مسير |
وتعيي الكفّ عن كشحٍ هضيمٍ | فأرفعها إلى ردفٍ وثير |
وأستر ثغره باللثم خوفاً | على ليلي من الصبح المنير |
سقى صوب الحيا تلك الليالي | وإن عوضتُ بالدمع الغزير |
وحي منزل اللذات عنا | وإن لم يمس منا بالعمير |
وبدراً فائزاً بالحسن يحثو | تراب السبق في وجه البدور |
يلذّ تغزلُ الأشعار فيه | لذاذة مدحها في ابن الأثير |
أغرّ إذ اجتنى وحبا العطايا | رأيت السيل يدفع من ثبير |
أخو يومين يوم ندى ً ضحوكٍ | ويوم ردى ً عبوس قمطرير |
يصوّب مقلتي كرمٍ وبأسٍ | فيقلع عن فقيد أو عقير |
كذاك المجد ليس يتم إلاّ | بمزجٍ العرف فيه والنكير |
رأيت عليّ كابن عليّ قدماً | وزيراً جلَّ عن لقب الوزير |
يسائله عن التمهيد ملكٌ | فيسأل جدّ مطلعٍ خبير |
ويبعث كتبه في كل روعٍ | كتائب نقعها شكل السطور |
فمن دالٍ ومن ألفٍ وميمٍ | كقوسٍ أو كسهمٍ أو قتير |
كأن طروسه بين الأعادي | نذيرُ الشيب بالأجل المبير |
كأنَّ حديثه في كل نادٍ | حديث النار عن نفس العبير |
يظل السائدون لدى حماه | سدى ً يستأذنون على الحضور |
مثولاً مع ذوي الحاجات منّا | فما يدرى الغنيّ من الفقير |
إلى أن يرفعَ الأستارَ وجهٌ | تراه من المهابة في ستور |
فمن رفدٍ يفيء لمستميحٍ | ومن رأيٍ يضيء لمستنير |
ومن حقٍّ يساقُ إلى حقيق | ومن جدوى تفاض على جدير |
سجية سابق الطلبات سامٍ | يظلّ على معاركة الأمور |
ذكيرٌ لا ينقب عن حلاه | تلقى المجد عن سلفٍ ذكير |
فإن تحجب فلهجة كلّ راوٍ | وان تظهر فنصب يد المشير |
كذا فليحوها قصب المعالي | سبوقٌ جاء في الزمن الأخير |
بعيد القدر من آمال باغ | قريب البرّ من يد مستمير |
يهاب سبيل مسعاه المجاري | كأنَّ الرجل منه على شفير |
و يرجع بعد جهد عن مداه | بلا حظٍّ خلا نفس نهير |
يحدث عن علاه رغيم أنف | فيتبع ما يحدث بالزفير |
و كيف ترام غاية ذي علاء | يردّ الطرف منها كالحسير |
سمي الشكر من هنا وهنا | ونبت عذراه مثل الشكير |
مكارم لا تمنع عن طلوب | كما لمع الصباح لمستنير |
فلو شاء المشبه قال سحراً | بسرعتها لإخراج الضمير |
له قلمٌ سري النفع سار | يبيت على الممالك كالخفير |
تعلم وهو في الأجمات نبتٌ | سجايا الأسد حتى في الزئير |
ألم تره إذا اعترضت أمورٌ | ورام الفرس أعلن بالصرير |
و لثمه المداد لثام ليل | فأسفر عن سنا صبح منير |
و أنشأ في الطروس جنان عدن | فحل بطرسه شرب الخمور |
و جاوره الحيا المنهل حتى | تصبب منه كالعرق الدرير |
تصرف حكمه بمنى حكيم | بأدواء العلى يقظٍ بصير |
من القوم الذين لهم صعودٌ | إلى العلياء أسرع من حدور |
تبيت الناس في سلم وتمسي | تحارب عنهم كرّ العصور |
صدورٌ فيهمُ لله سر | كذا الاسرار تودع في الصدور |
رست أحلامهم وسرت لهاهمُ | فاكرم بالجبال وبالصخور |
و لي لفظٌ رقيق الورد جزل | كما نبع الزلالُ من الصخور |
سما شعري وعاد على علاهم | فلقبناه بالفلك الأثيري |
و أحسن ما سرى بيت لطيف | يصاغ ثناه في بيت كبير |
أأندى العالمين ندى وأجدى | على العافين في الزمن العسير |
عذرنا فيك دهراًزاد حباً | لما ميزت منه على الدهور |
اذا أحصى الضعيف عليه ذنباً | أتت يمناك بالكرم الغفور |
و دولة مالك نثلت جفيراً | فكنت أشد سهم في الجفير |
حميت رواقها وبنيت فيها | بيمنك كل سطر مثل سور |
و سكنت البسيطة من هياج | فما يهنر فرعٌ في دبور |
و لم يعجزك في الأيام شيءٌ | تحاوله سوى مرأى نضير |
لتهنك حجة ٌ غراء يحلو | تذكرها على مر الدهور |
جنيتم كل ضامرة لعيش | فرار الورق قدام الصقور |
كأن الأرض تحتكم سماءٌ | تجلت بالأهلة والبدور |
سرى تطوى به الفلوات طيا | و نعم الذخر في يوم النشور |
تقول بطاح ُمكة َ يوم لحتم | ألا لله من وفد جهير |
ألستم خير من ركب المطايا | و أعلا القادمين سنا نور |
يطوف عليكم الرضوان فيها | طوافكمُ على البيتِ الطهور |
و يعبق بينكم في النحر عرفٌ | كأن المسك بعض دم النحير |
و تمكث بالحجاز سيولُ رفدٍ | فما تهفو إلى نوء مطير |
اذا كرمت مساعي المرء حثت | لبذل الوفر في جمع الأجور |
فيا بشرى لمصرَ وساكنيها | مصيرك نحوها أزكى مصير |
و عودك في سما التدبير بدراً | يفرع من ركوب هلال كور |
و عيناً للزمان تجيل رأياً | تبسم عنه أرجاء الثغور |
أطلت مديحه وأجدت فيه | وما حابيته وزن النقير |
و قمت بجاهه أشكو الليالي | كما تشكو الرعية للأمير |
و أعجب كيف أظمأ من غمام | وقد شمل الجليل مع الحقير |
و كيف ظلاله تسعُ البرايا | وشخصي قائمٌ وسطَ الهجير |
و ما في السحب مثل ندى يديه | ولا في الأرض مثليَ من شكور |
رعاك الله دارك شكوَ عبدٍ | تمسك منك بالعدل السفير |
فمثلك من أغاث حليف بيتٍ | فأحيي بعضَ سكانِ القبور |
ولا تنظر إلى حقي ولكن | الى مافيك من كرمٍ وخير |
أتيتك محرماً من كل صنع ٍ | فدم يا كعبة ً للمستجير |
و جمع في زمانك كل عصر | كجمع العام أفراد الشهور |