حجبت ولم أحسب سنا البدر يحجب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حجبت ولم أحسب سنا البدر يحجب | ولا خلتهُ في باطنِ الأرضِ يغرب |
وأورثت عيني جود كفكَ فانبرت | تسحّ بأنواء الغمام وتسكب |
يذكرني بدر السماءِ سميه | فها أنا أرعى كلّ بدرٍ وأرقب |
ومذ آثرت فيكَ الكواكب حكمها | صددت فما يرعى بجفنيّ كوكب |
يقولون إن الشهب في كبد السما | لها أسدُ يردي الأنامَ وعقرب |
دعِ الأسدَ الأفقي يفترسُ الورى | ودع عقرب الأفلاك للخلق يسلب |
عليكَ خشيتُ الخطب قبل أوانهِ | وحاذرتُ صرف الدهر وهو مغيّب |
وما حسبت كفّي نوالك كثرة | ولكن لمحذور الردى كنتُ أحسب |
لمن يستجدّ الفكر بعدكَ مدحة ً | يفضضُ في ألفاظها ويذهب |
لمن نترجى بعد بابك إنه | لبذل الندى بابُ صحيحُ مجرب |
لمن تلتجي العافونَ بعد عوارفٍ | عوارف ما تسعى اليه وتطلب |
على شرفِ الاخلاق بعدكَ والوفا | سلامٌ كوجه الروض والروضُ معجب |
مضت صدقاتُ السر بعدك وانقضت | فيا أسفاً للسرّ بالصدر يذهب |
مضى رونقُ الآداب بعد وضوحه | وغيّب ذاك المنظر المتأدب |
ألا في سبيل الله ساكن ملحدٍ | وأوصافه في الأرض تملى وتكتب |
فتى ً كرمت أنسابه وخلالهُ | فآلاؤه إرثٌ لديهِ ومكسب |
سرى غير مسبوق ثناهُ وكيف لا | وعنبره في نفحة الذكر أشهب |
فمن مبلغ شيبان يوم ترحلت | عُلاه بأن الأفق بالشهب أشيب |
وأنّ بني الآمال أعوز رعيهم | وضاعوا فلا أمٌّ هناك ولا أب |
فقدناهُ فقدانَ الربيعِ فدهرنا | جمادى وزال المستماح المرجب |
أخا أدبٍ بين المكارم والتقى | على شرف الدارين يسعى ويدأب |
فلو لم تجدنا غرّ نعماه جادنا | بفضل دعاهُ وابلُ الغيثِ يسكب |
مضى حيث تنأى عنه كلّ ذميمة ٍ | وأعمالهُ بالصالحاتِ تقرّب |
وأيامه بدرية ٌ لا يضيرها | بوادرُ ما تأتي وما تتجنب |
تجاهدُ فيها النفس والعيش ممكنٌ | وزبرج هذا العيش شيءٌ محبب |
لحى الله دنيا لا تكون مطية ً | إلى دركِ الأخرى تزمّ وتركب |
عجبت لمن يرجو الرضا وهو مهملٌ | وتسويفنا مع ذلك العلم أعجب |
وماهذه الأيامُ إلا مراحلٌ | وأجدر بها تقضي قريباً وتقضب |
إذا كانت الأنفاسُ للعمرِ كالخطا | فإنّ المدى أدنى مغالا وأقرب |
أساكن جناتِ النعيم مهنأً | وتاركنا في حسرة ٍ نتلهب |
سقى عهدك الصوبُ الملثّ فطالما | سقانا ملثّ من نوالك صيب |
ولا أغمدت أيدي النوائب غربها | فما في حياة ٍ بعد موتكَ مرغب |