نعم هذه حزوي وتلك زرود
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
نعم هذه حزوي وتلك زرود | فهل ذلك العيش النضير يعود |
وهل تقتضي فيها لبانات عاشق | وتذكر أيمان لنا وعهود |
وهل لليال قد مضت ثم عودة | وهل لي من بعد الصدور ورود |
وهل أجتني زهر اللقا من أحبتي | على حين أغصان الشباب تميد |
وهل أبلغن ممن أحب على الهوى | ورغم النوى ما أشتهي وأريد |
سقى الله أكناف العقيق سحائبا | يبيت عليها ودقهن يجود |
ولله دهر قد مضى لي بالغضا | وعيش قضى بالرقمتين حميد |
جنيت به روض المنى وهو يانع | وقد غاب عنا كاشح وحسود |
وما أنس لا أنس الحمى فسقى الحمى | وأهليه صخاب الرعود ركود |
يمثلهم شوقي لعيني وبيننا | جبال عوال أو مهامه بيد |
هم نقضوا عهدي جهارا وعهدهم | لدي على طول البعاد أكيد |
وغيداء أما جفنها فهو فاتر | ضعيف وأما قلبها فشديد |
إذا أعلمت سود اللحاظ حسبتها | لدى الفتك أيقاظا وهن رقود |
تكلفني فوق الذي بي من الهوى | على أن وجدي ما عليه مزيد |
وتوعدني بالوصل سرا وكم لها | وعود مطال بعدهن وعود |
فإياك من وعد الغواني بوصلها | فهن اللواتي وعدهن وعيد |
خليلي هل تدنو الديار لمغرم | تمالت عليه أعين وقدود |
أما قلتما لي إذ وقفنا على الحمى | نكرر تسال الربى ونعيد |
أفق فبحزوي أو زرود خيامهم | أما هذه حزوى وتلك زرود |
وأمركما لي بالتصبر ضلة | ألا إن أمرا رمتماه بعيد |
ومن لي بالصبر الجميل وقد أتت | لقتلي من حشد الغرام جنود |
وما تركت جهدا عزائم سلوتي | ولكن شيطان الغرام مريد |
وإن كنت لا أستطيع صبرا على النوى | فإني على حمل الهوى لجليد |
يقل اصطباري والغرام بحاله | ويبلى شبابي والغرام جديد |
فليس كمثلي في المحبين مغرم | ولا مثل عز المكرمات مجيد |
فتى ساد أبناء المكارم كلهم | وما الناس إلا سيد ومسود |
فتى أقعدته كاهل المجد والعلى | جحاجح من أبناء أحمد صيد |
غدا وزمام الدهر طوع يمينه | يصرفه أنا يشا ويريد |
إذا ما داعي المطالب ماله | يلبيه منه طارف وتليد |
فدع حاتما إن شيم بارق نائل | فما لأخي جود سواه وجود |
وفارس عبد لو توهم بأسه | لذاب لو أن القلب منه حديد |
أعز الهدى مر في الزمان بما تشا | فأنت لعمري في بنيه وحيد |
تظن الكرام المجد ما يبتنونه | وليس سوى ما تبتني وتشيد |
فكم من فخار أنت دون الورى له | نهضت وأبناء الزمان قعود |
ومكرمة بكر بنيت أساسها | وهم عن بناء المكرمات رقود |
ورب رفيع الذكر أخملت ذكره | فكل عميد مذ نشأت عميد |
وأتعبت أهل السبق في حلبة العلى | بما رحت منها تبتدي وتعيد |
وكم أظهرت أوصافك الغر للورى | براهين مجد ما لهن جحود |
وكم نقصت للنيل يوما أصابع | وبحرك ما ازداد النوال يزيد |
شمائل تزري بالصبا وبلاغة | وبأس يذيب الراسيات وجود |
وما لست أحصي من فضائل جمة | غدت وهي في جيد الفخار عقود |
على أقعدت عجزا سواك كأنها | جوامع في أعناقهم وقيود |
وسمعا لها مصقولة اللفظ حلوة | يقصر عنها جرول ولبيد |
إذا أنشدت حلت غراما حبى النهى | وكادت لها الشم الجبال تميد |
أبثك شوقا لي إليك مضاعفا | لنيرانه بين الضلوع وقود |
تحمل قلبي من فراقك لوعة | يقلقل رضوى بعضها ويؤود |
فما طرق القلب الجريح لبعدكم | هدو ولا الطرف القريح هجود |
وسل عن ودادي سر قلبك إنه | لعمري على ما أدعيه شهيد |
عسى من قضى بالبين بيني وبينكم | يرد لنا ما قد مضى ويعيد |
سقى الغيث ريا سوحك الرحب إنه | لجنة عدن لو يكون خلود |
ولا زال معمور الفنا بك دائما | يحل به بعد الوفود وفود |
وما دمت لا تخشى الليالي فإنما | طوالعها مهما بقيت سعود |
فما لمخوف مع وجودك صولة | ولا لتصاريف الزمان طريد |
وإنكم آل المطهر في الورى | جواهر والمجد المؤثل جيد |