كأني بنفسي وهي في السكرات
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كأني بنفسي وهي في السكرات | تعالج أن ترقى إلى اللهوات |
وقد زم رحلي واستقلت ركائبي | وقد آذنتني بالرحيل حداتي |
إلى منزل فيه عذاب ورحمة | وكم فيه من زجر لنا وعظات |
ومن أعين سالت على وجناتها | ومن أوجه في التراب منعفرات |
ومن وارد فيه على ما يسره | ومن وارد فيه على الحسرات |
ومن عاثر ما إن يقال له لعا | على ما عهدنا قبل في العثرات |
ومن ملك كان السرور مهاده | مع الآنسات الخرد الخفرات |
غدا لا يذود الدود عن حر وجهه | وكان يذود الأسد في الأجمات |
وعوض أنسا من ظباء كناسه | وأرامه بالرقش والحشرات |
وصار ببطن الأرض يلتحف الثرى | وكان يجر الوشي والحبرات |
ولم تغنه أنصاره وجنوده | ولم تحمه بالبيض والأسلات |
ومما شجاني والشجون كثيرة | ذنوب عظام أسبلت عبراتي |
وأقلقني أني أموت مفرطا | على أنني خلفت بعد لداتي |
وأغفلت أمري بعدهم متثبطا | فيا عجبا مني ومن غفلاتي |
إلى الله أشكو جهل نفسي فإنها | تميل إلى الراحات والشهوات |
ويا رب خل كنت ذا صلة له | يرى أن دفني من أجل صلاتي |
وكنت له أنسا وشمسا منيرة | فأفردني في وحشة الظلمات |
سأضرب فسطاطي على عسكر البلى | وأركز فيه للنزول قناتي |
وأركب ظهرا لا يؤوب براكب | ولا يمتطى إلا إلى الهلكات |
وليس يرى إلا بساحة ظاعن | إلى مصرع الفرحات والترحات |
يسير أدنى الناس سيرا كسيره | بأرفع منعي من السروات |
فطورا تراه يحمل الشم والربا | وطورا تراه يحمل الحصيات |
ورب حصاة قدرها فوق يذبل | كمقبول ما يرمى من الجمرات |
وكل صغير كان لله خالصا | يربي على ما جاء في الصدقات |
ولكنه يرجى لمن مات محسنا | ويخشى على من مات في غمرات |
وما اليوم يمتاز التفاضل بينهم | ولكن غدا يمتاز في الدرجات |
إذا روع الخاطي وطار فؤاده | وأفرخ روع البر في الغرفات |
وما يعرف الإنسان أين وفاته | أفي البر أم في البحر أم بفلاة |
فيا إخواتي مهما شهدتم جنازتي | فقوموا لربي واسألوه نجاتي |
وجدوا ابتهالا في الدعاء وأخلصوا | لعل إلهي يقبل الدعوات |
وقولوا جميلا إن علمتم خلافه | وأغضوا على ما كان من هفواتي |
ولا تصفوني بالذي أنا أهله | فأشقى وحلوني بخير صفات |
ولا تتناسوني فقدما ذكرتكم | وواصلتكم بالبر طول حياتي |
وبالرغم فارقت الأحبة منكم | ولما تفارقني بكم زفراتي |
وإن كنت ميتا بين أيديكم لقى | فروحي حي سامع لنعاتي |
أناجيكم وحيا وإن كنت صامتا | ألا كلكم يوما إلي سياتي |
وليس يقوم الجسم إلا بروحه | هو القطب والأعضاء كالأدوات |
ولابد يوما أن يحور بعينه | ليجزى على الطاعات والتبعات |
وإلا أكن أهلا لفضل ورحمة | فربي أهل الفضل والرحمات |
فما زلت ارجو عفوه وجنانه | وأحمده في اليسر والأزمات |
وأسجد تعظيما له وتذللا | وأعبده في الجهر والخلوات |
ولست بممتن عليه بطاعتي | له المن في التيسير للحسنات |