حتى متى الرجعى إلى الغفار
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
حتى متى الرجعى إلى الغفار | وإلى متى التسويف بالأعذار |
وعلام تحجم أن تتوب فينمحي | درن الذنوب بماء الاستغفار |
يا هل لنفس السوء عن إيغالها | في مهمة العصيان من زجار |
حادت عن السنن القويم وقصرت | عن واجبات أوامر الجبار |
في الغي مرسلة العنان كأنها مرتابة بجزاء تلك الدار | |
فتنت بجمع الفانيات وحبها | ولهت بزخرف وشيها الغرار |
تنساب في شهواتها من غير ما | نظر إلى النفاع والضرار |
واستبدلت بتلاوة القرآن نقر | الطار والأوتار في الأسمار |
لم يثنها عن سوء عاداتها مشيب | الرأس بل ركنت إلى الإصرار |
وإذا استقامت للفروض تكاسلت | عمّا يناط بها من الأذكار |
وإذا أتت عملاً حميداً مرة | بالعجب تفسده والاستكبار |
أين التضرّع والتذلّل والخضوع | وأين دمع الخاشعين الجاري |
كيف الخلاص وما الوسيلة للنجاة | سوى الحبيب المصطفى المختار |
نور الإله نجيه في عرشه | غوث الخليقة غيثها المدرار |
نعم الملاذ بسيد الكون العريض | الجاه ثم بحضرة المحضار |
عمر الذي بجنابه يستنجد الغرقى | فينقذهم بإذن الباري |
ان يستجر بحماه من عصفت به | ريح الخطوب وزعزع الأخطار |
يدركه أسرع ما يكون ممزقا | سحب الكروب وعاصف الأعصار |
أوتاه حيران ولاذ به اهتدى | بضياء ذاك الكوكب السيّار |
مبدي العجائب في جهاد النفس | من صمت ومن جوع ومن إيثار |
صوم الهواجر دابه والجد في | سهر الدجى وتبتّل الأسحار |
الواسع العلم اللدني المحيط | بمضمرات الأطلس الدوار |
الراسخ القدمين وهو القائد الحزبين | أهل القرب والأبرار |
وعليه برد جلالة ومهابة | يعنو لها متمرد الكفار |
وله الخوارق والكرامات التي | فصمت عرى الرهبان والأحبار |
ظهرت ظهور الشمس رابعة النهار | منيرة في شاسع الأقطار |
أنّى تعد وكيف تحصى كثرة | أيعد طش هواطل الأمطار |
فله التصرف في الوجود منفذا | ما شاءه بمشية القهّار |
أله نواميس الطبيعة سخرت | أم طاوعته سوابق الأقدار |
وبلا يزال العبد أعدل شاهد | بالحق يخرس ألسن الانكار |
وبرب أشعث تضمحل وتنمحي | شبه الجحود ووقفة المحتار |
والحس يشهد أن للمحضار آيات | يراها الناس بالأبصار |
الوارث القطبية الكبرى عن | المختار ثم وصيّه الكرّار |
وعن الشهيدين اللذين تكفل الباري | لجدّهما بأخذ الثار |
وعن الأئمة فالأئمة والنجوم | الزهر من آبائه الأطهار |
من كل طود أو خضم زاخر | أو كوكب في الأفق سام ساري |
حتى انتهت أحوالهم وعلومهم | وجميع ما حملوا من الأسرار |
كسباً وإرثاً للخليفة بعدهم | عمر الشْجاع الفارس المغوار |
حمّال أثقال الأمانة كافل | بوظيفة التبشير والإنذار |
فاضت على الجم الغفير هباته | ومن البحار مشارع الأنهار |
وبسرّه المكنون أسرى في جبين | العيدروس سواطع الأنوار |
ورقى به الشيخ العليّ ذرى العلا | وبأوجها ألقى عصا التسيار |
ولنا به آل الشهاب تعلق | ورعاية محمودة الآثار |
وعناية الآباء يالأبناء لا | تنفك عند تقلب الأطوار |
يا رافع الأعلام يا من جاهه | عند المهيمن شامخ المقدار |
أدرك حماك مدينة الأجداد من | مرض سرى في الدار والديار |
فتريم أضحت غير ما غادرتها | بتكاثر الأغرار والأغيار |
وطريقة الأسلاف فيها أصبحت | مهجورة الإيراد والإصدار |
وتكاد تعزب عن ربها دولة | العلم الشريف بصولة الدينار |
طمعت بمنصبها الضرائر إذ رأت | ما نابها والنور غير النار |
وإلى اجتماع سراتها لصلاحها | لم يلف من داع ولا أمّار |
فاضرع لربك أن يعيد لها الذي | فقدت فتصبح مطمح الأنظار |
قم يا شجاع الدين واجبر صدعها | عار عليك وقوعها في العار |
حرمتها وضمنت أمن ربوعها | يا كعبة الحجاج والزوار |
فرض حمايتها عليك كما وعدت | وأنت سلطان الحماة الجار |
فاهزم بخيل الله خيل من اعتدى | واحم الذمار بمجرك الجرار |
وارفع أذى متمردي جيرانها | الغاوين واقطع شأفة الأشرار |
وعليك بعد المصطفى وأخيه | والزهراء والحسنين صلّى الباري |
والعترة الأطهار أقمار السرى | ومهاجري الأصحاب والأنصار |