لقد حازني وجد بمن حازه بعد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لقَد حازَني وَجْدٌ بمَنْ حازَهُ بُعْدُ | فيَا لَيْتَني بُعدٌ ويا لَيتَهُ وَجْدُ |
أُسَرّ بتَجديدِ الهَوَى ذِكْرَ ما مضَى | وإنْ كانَ لا يَبقَى له الحجرُ الصّلدُ |
سُهادٌ أتانا منكِ في العَينِ عِنْدَنَا | رُقادٌ وقُلاّمٌ رَعَى سَرْبُكمْ وَرْدُ |
مُمَثَّلَةٌ حتى كأنْ لمْ تُفارِقي | وحتى كأنّ اليأسَ من وَصْلكِ الوَعدُ |
وحتى تَكادي تَمْسَحينَ مَدامعي | ويَعْبَقُ في ثَوْبيَّ من رِيحِكِ النَّدُّ |
إذا غَدَرَتْ حَسناءُ وفّتْ بعَهدها | فمِنْ عَهدِها أن لا يَدومَ لها عَهدُ |
وإنْ عَشِقَتْ كانتْ أشَدّ صَبابَةً | وإن فَرِكتْ فاذهبْ فما فِركها قَصدُ |
وإنْ حقَدَتْ لم يَبقَ في قَلبِها رِضًى | وإنْ رَضِيَتْ لم يَبقَ في قَلبِها حِقدُ |
كذلِكَ أخلاقُ النّساءِ ورُبّمَا | يَضِلُّ بها الهادي ويخفى بها الرّشدُ |
ولكنّ حُبّاً خامَرَ القَلْبَ في الصِّبَا | يَزيدُ على مَرّ الزّمانِ ويَشْتَدُّ |
سَقَى ابنُ عَليٍّ كلَّ مُزنٍ سقَتكمُ | مُكافأةً يَغْدو إلَيْها كمَا تَغدُو |
لتَرْوَى كمَا تُرْوي بلاداً سكَنْتِها | ويَنْبُتَ فيها فَوْقَكِ الفَخرُ والمجدُ |
بمن تَشخَصُ الأبصارُ يوْمَ رُكوبِهِ | ويُخْرَقُ من زَحْمٍ على الرّجلِ البُرْدُ |
وتُلْقي وما تَدري البَنانُ سِلاحَها | لكَثْرَةِ إيماءٍ إلَيْهِ إذا يَبدُو |
ضَرُوبٌ لهامِ الضّارِبي الهامِ في الوَغى | خَفيفٌ إذا ما أثقَلَ الفَرسَ اللِّبْدُ |
بَصِيرٌ بأخذِ الحَمدِ من كلّ مَوْضِعٍ | ولَوْ خَبَأتْهُ بَينَ أنْيابِها الأُسْدُ |
بتَأميلِهِ يَغنى الفَتى قَبْلَ نَيْلِهِ | وبالذّعْرِ من قبلِ المهنّدِ يَنْقَدُّ |
وسَيْفي لأنْتَ السّيفُ لا ما تَسُلّهُ | لضرْبٍ وممّا السّيفُ منهُ لكَ الغِمدُ |
ورُمْحي لأنْتَ الرّمحُ لا ما تَبُلّهُ | نجيعاً ولوْلا القَدحُ لم يُثقِبِ الزَّنْدُ |
منَ القاسِمينَ الشّكرَ بَيني وبَينَهمْ | لأنّهُمُ يُسدَى إلَيهِمْ بأنْ يُسدُوا |
فشُكري لهم شُكرانِ: شكرٌ على النّدى | وشكرٌ على الشّكرِ الذي وَهبوا بَعْدُ |
صِيامٌ بأبْوابِ القِبابِ جِيادُهُمْ | وأشْخاصُها في قَلبِ خائِفِهمْ تَعدُو |
وأنْفُسُهُمْ مَبْذولَةٌ لوُفُودِهم | وأموالهُمْ في دارِ مَنْ لم يَفِدْ وَفْدُ |
كأنّ عَطِيّاتِ الحُسَينِ عَساكِرٌ | ففيها العِبِدَّى والمُطَهَّمَةُ الجُرْدُ |
أرَى القمرَ ابنَ الشّمسِ قد لبسَ العُلى | رُوَيْدَكَ حتى يَلْبَسَ الشّعَرَ الخَدُّ |
وغالَ فُضُولَ الدّرْعِ مِن جَنَباتها | على بَدَنٍ قَدُّ القَنَاةِ لَهُ قَدُّ |
وباشَرَ أبْكارَ المَكارِمِ أمْرَداً | وكانَ كَذا آباؤهُ وهُمُ مُرْدُ |
مَدَحْتُ أباهُ قَبْلَهُ فشَفَى يَدي | مِنَ العُدم مَنْ تُشفَى به الأعينُ الرُّمدُ |
حَبَاني بأثْمانِ السّوابِقِ دونَهَا | مَخافةَ سَيرِي إنّها للنّوَى جُنْدُ |
وشَهْوَةَ عَوْدٍ إنَّ جُودَ يَمينِهِ | ثُنَاءٌ ثُنَاءٌ والجَوادُ بها فَرْدُ |
فلا زِلْتُ ألقَى الحاسِدينَ بمِثْلِها | وفي يدهم غَيضٌ وفي يديَ الرِّفْدُ |
وعِندي قَباطيّ الهُمَامِ ومَالُهُ | وعندَهُمُ ممّا ظَفِرْتُ بهِ الجَحدُ |
يَرومُونَ شأوي في الكَلامِ وإنّمَا | يحاكي الفتى فيما خَلا المَنطقَ القِرْدُ |
فَهُمْ في جُموعٍ لا يراها ابنُ دأيَةٍ | وهم في ضَجيجٍ لا يُحسّ به الخلدُ |
ومني استفادَ النّاسُ كُلَّ غَريبَةٍ | فجازوا بتَرْكِ الذّمّ إن لم يكنْ حمدُ |
وجَدْتُ عَليّاً وابنَهُ خيرَ قوْمِهِ | وهم خيرُ قوْمٍ واستوَى الحُرُّ والعبدُ |
وأصْبَحَ شِعري منهُما في مكانِهِ | وفي عُنُقِ الحَسْناءِ يُستَحسنُ العِقدُ |