أحاد أم سداس في أحاد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أُحادٌ أمْ سُداسٌ في أُحَادِ | لُيَيْلَتُنَا المَنُوطَةُ بالتّنادِي |
كأنّ بَناتِ نَعْشٍ في دُجَاهَا | خَرائِدُ سافراتٌ في حِداد |
أُفَكّرُ في مُعاقَرَةِ المَنَايَا | وقَوْدِ الخَيْلِ مُشرِفةَ الهَوادي |
زَعيمٌ للقَنَا الخَطّيّ عَزْمي | بسَفكِ دمِ الحَواضرِ والبَوادي |
إلى كمْ ذا التخلّفُ والتّواني | وكمْ هذا التّمادي في التّمادي |
وشُغلُ النّفسِ عن طَلَبِ المَعالي | ببَيعِ الشّعرِ في سوقِ الكَسادِ |
وما ماضي الشّبابِ بمُسْتَرَدٍّ | ولا يَوْمٌ يَمُرّ بمُسْتَعادِ |
متى لحظَتْ بَياضَ الشّيبِ عيني | فقد وَجَدَتْهُ منها في السّوَادِ |
متى ما ازْدَدْتُ من بعدِ التّناهي | فقد وقَعَ انْتِقاصي في ازْدِيَادي |
أأرْضَى أنْ أعيشَ ولا أُكافي | على ما للأميرِ مِنَ الأيادي |
جَزَى الله المَسيرَ إلَيْهِ خَيْراً | وإنْ تَرَكَ المَطَايا كالمَزادِ |
فَلَمْ تَلقَ ابنَ إبْراهيمَ عَنْسِي | وفيها قُوتُ يَوْمٍ للقُرادِ |
ألَمْ يَكُ بَيْنَنا بَلَدٌ بَعيدٌ | فَصَيّرَ طُولَهُ عَرْضَ النِّجادِ |
وأبْعَدَ بُعْدَنا بُعْدَ التّداني | وقَرّبَ قُرْبَنا قُرْبَ البِعَادِ |
فَلَمّا جِئْتُهُ أعْلَى مَحَلّي | وأجلَسَني على السّبْعِ الشِّدادِ |
تَهَلّلَ قَبْلَ تَسليمي علَيْهِ | وألْقَى مالَهُ قَبْلَ الوِسَادِ |
نَلُومُكَ يا عَليّ لغَيرِ ذَنْبٍ | لأنّكَ قد زَرَيْتَ على العِبَادِ |
وأنّكَ لا تَجُودُ على جَوادٍ | هِباتُكَ أنْ يُلَقَّبَ بالجَوادِ |
كأنّ سَخاءَكَ الإسلامُ تَخشَى | إذا ما حُلتَ عاقِبَةَ ارتِدادِ |
كأنّ الهَامَ في الهَيْجَا عُيُونٌ | وقد طُبِعتْ سُيُوفُكَ من رُقادِ |
وقد صُغتَ الأسِنّةَ من هُمومٍ | فَما يَخْطُرْنَ إلاّ في الفُؤادِ |
ويوْمَ جَلَبْتَها شُعْثَ النّواصِي | مُعَقَّدَةَ السّباسِبِ للطّرادِ |
وحامَ بها الهَلاكُ على أُنَاسٍ | لَهُمْ باللاّذِقِيّة بَغْيُ عَادِ |
فكانَ الغَرْبُ بَحْراً مِن مِياهٍ | وكانَ الشّرْقُ بَحراً من جِيادِ |
وقد خَفَقَتْ لكَ الرّاياتُ فيهِ | فَظَلّ يَمُوجُ بالبِيضِ الحِدادِ |
لَقُوكَ بأكْبُدِ الإبِلِ الأبَايَا | فسُقْتَهُمُ وحَدُّ السّيفِ حادِ |
وقد مزّقتَ ثَوْبَ الغَيّ عنهُمْ | وقَد ألْبَسْتَهُمْ ثَوْبَ الرّشَادِ |
فَما تَرَكُوا الإمارَةَ لاخْتِيارٍ | ولا انتَحَلوا وِدادَكَ من وِدادِ |
ولا اسْتَفَلُوا لزُهْدٍ في التّعالي | ولا انْقادوا سُرُوراً بانْقِيادِ |
ولكن هَبّ خوْفُكَ في حَشاهُمْ | هُبُوبَ الرّيحِ في رِجلِ الجَرادِ |
وماتُوا قَبْلَ مَوْتِهِمِ فَلَمّا | مَنَنْتَ أعَدْتَهُمْ قَبْلَ المَعادِ |
غَمَدْتَ صَوارِماً لَوْ لم يَتُوبوا | مَحَوْتَهُمُ بها مَحْوَ المِدادِ |
وما الغضَبُ الطّريفُ وإنْ تَقَوّى | بمُنْتَصِفٍ منَ الكَرَمِ التّلادِ |
فَلا تَغْرُرْكَ ألْسِنَةٌ مَوالٍ | تُقَلّبُهُنّ أفْئِدَةٌ أعادي |
وكنْ كالمَوْتِ لا يَرْثي لباكٍ | بكَى منهُ ويَرْوَى وهْوَ صادِ |
فإنّ الجُرْحَ يَنْفِرُ بَعدَ حينٍ | إذا كانَ البِناءُ على فَسادِ |
وإنّ المَاءَ يَجْري مِنْ جَمادٍ | وإنّ النّارَ تَخْرُجُ من زِنَادِ |
وكيفَ يَبيتُ مُضْطَجِعاً جَبانٌ | فَرَشْتَ لجَنْبِهِ شَوْكَ القَتادِ |
يَرَى في النّوْمِ رُمحَكَ في كُلاهُ | ويَخشَى أنْ يَراهُ في السُّهادِ |
أشِرْتُ أبا الحُسَينِ بمَدحِ قوْمٍ | نزَلتُ بهِمْ فسِرْتُ بغَيرِ زادِ |
وظَنّوني مَدَحْتُهُمُ قَديماً | وأنْتَ بما مَدَحتُهُمُ مُرادي |
وإنّي عَنْكَ بَعدَ غَدٍ لَغَادٍ | وقَلبي عَنْ فِنائِكَ غَيْرُ غَادِ |
مُحِبُّكَ حَيثُما اتّجَهَتْ رِكابي | وضَيفُكَ حيثُ كنتُ من البلادِ |