عواذل ذات الخال في حواسد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عَوَاذِلُ ذاتِ الخَالِ فيّ حَوَاسِدُ | وَإنّ ضَجيعَ الخَوْدِ منّي لمَاجِدُ |
يَرُدّ يَداً عَنْ ثَوْبِهَا وَهْوَ قَادِرٌ | وَيَعصي الهَوَى في طَيفِها وَهوَ راقِدُ |
متى يَشتفي من لاعجِ الشّوْقِ في الحشا | مُحِبٌّ لها في قُرْبِه مُتَبَاعِدُ |
إذا كنتَ تخشَى العارَ في كلّ خَلْوَةٍ | فَلِمْ تَتَصَبّاكَ الحِسانُ الخَرائِدُ |
ألَحّ عَليّ السّقْمُ حتى ألِفْتُهُ | وَمَلّ طَبيبي جانِبي وَالعَوائِدُ |
مَرَرْتُ على دارِ الحَبيبِ فحَمْحمتْ | جَوادي وهل تُشجي الجيادَ المعاهدُ |
وما تُنكِرُ الدّهْمَاءُ مِن رَسْمِ منزِلٍ | سَقَتها ضَريبَ الشَّوْلِ فيهِ الوَلائِدُ |
أهُمّ بشَيْءٍ واللّيَالي كأنّهَا | تُطارِدُني عَنْ كَوْنِهِ وَأُطارِدُ |
وَحيدٌ مِنَ الخُلاّنِ في كلّ بَلْدَةٍ | إذا عَظُمَ المَطلُوبُ قَلّ المُساعِدُ |
وَتُسْعِدُني في غَمرَةٍ بَعدَ غَمْرَةٍ | سَبُوحٌ لهَا مِنهَا عَلَيْهَا شَوَاهِدُ |
تَثَنّى عَلى قَدْرِ الطّعانِ كَأنّمَا | مَفَاصِلُهَا تَحْتَ الرّماحِ مَرَاوِدُ |
وَأُورِدُ نَفْسِي والمُهَنّدُ في يَدي | مَوَارِدَ لا يُصْدِرْنَ مَن لا يُجالِدُ |
وَلَكِنْ إذا لمْ يَحْمِلِ القَلْبُ كفَّهُ | على حَالَةٍ لم يَحْمِلِ الكَفَّ ساعِدُ |
خَليلَيّ إنّي لا أرَى غيرَ شاعِرٍ | فَلِمْ منهُمُ الدّعوَى ومني القَصائِدُ |
فَلا تَعْجَبَا إنّ السّيُوفَ كَثيرَةٌ | وَلكِنّ سَيفَ الدّوْلَةِ اليَوْمَ واحِدُ |
لهُ من كَريمِ الطبعِ في الحرْبِ مُنتضٍ | وَمن عادةِ الإحسانِ والصّفحِ غامِدُ |
وَلمّا رَأيتُ النّاسَ دونَ مَحَلِّهِ | تَيَقّنْتُ أنّ الدّهْرَ للنّاسِ نَاقِدُ |
أحَقُّهُمُ بالسّيْفِ مَن ضَرَبَ الطُّلى | وَبالأمْنِ مَن هانَتْ عليهِ الشّدائدُ |
وَأشقَى بلادِ الله ما الرّومُ أهلُها | بهذا وما فيها لمَجدِكَ جَاحِدُ |
شَنَنْتَ بها الغاراتِ حتى تَرَكْتَها | وَجَفنُ الذي خَلفَ الفَرنْجةِ ساهِدُ |
مُخَضَّبَةٌ وَالقَوْمُ صَرْعَى كأنّهَا | وَإنْ لم يكونوا ساجِدينَ مَساجِدُ |
تُنَكّسُهُمْ والسّابِقاتُ جِبالُهُمْ | وَتَطْعَنُ فيهِمْ وَالرّماحُ المَكايدُ |
وتَضربهم هبراً وَقد سكنوا الكُدَى | كما سكَنَتْ بطنَ الترابِ الأساوِدُ |
وتُضحي الحصون المشمخرّاتُ في الذرَى | وَخَيْلُكَ في أعْنَاقِهِنَّ قَلائِدُ |
عَصَفْنَ بهمْ يَوْمَ اللُّقَانِ وَسُقنَهم | بهِنريطَ حتى ابيَضّ بالسبيِ آمِدُ |
وَألحَقنَ بالصّفصَافِ سابورَ فانهَوَى | وَذاقَ الرّدَى أهلاهُما وَالجَلامِدُ |
وَغَلّسَ في الوَادي بهِنّ مُشَيَّعٌ | مُبارَكُ ما تحتَ اللّثَامَينِ عابِدُ |
فَتًى يَشْتَهي طُولَ البلادِ وَوَقْتُهُ | تَضِيقُ بِهِ أوْقاتُهُ وَالمَقَاصِدُ |
أخُو غَزَواتٍ مَا تُغِبُّ سُيُوفُهُ | رِقابَهُمُ إلاّ وَسَيْحانُ جَامِدُ |
فلَم يَبقَ إلاّ مَنْ حَمَاهَا من الظُّبى | لمَى شَفَتَيْها وَالثُّدِيُّ النّوَاهِدُ |
تُبَكّي علَيهِنّ البَطاريقُ في الدّجَى | وَهُنّ لَدَينا مُلقَياتٌ كَوَاسِدُ |
بذا قضَتِ الأيّامُ ما بَينَ أهْلِهَا، | مَصائِبُ قَوْمٍ عِندَ قَوْمٍ فَوَائِدُ |
وَمن شرَفِ الإقدامِ أنّكَ فيهِمِ | على القَتلِ مَوْمُوقٌ كأنّكَ شَاكِدُ |
وَأنّ دَماً أجرَيْتَهُ بكَ فَاخِرٌ | وَأنّ فُؤاداً رُعْتَهُ لكَ حَامِدُ |
وَكلٌّ يَرَى طُرْقَ الشّجاعَةِ والنّدى | وَلكِنّ طَبْعَ النّفْسِ للنّفسِ قائِدُ |
نَهَبْتَ منَ الأعمارِ ما لَوْ حَوَيْتَهُ | لَهُنّئَتِ الدّنْيَا بأنّكَ خَالِدُ |
فأنْتَ حُسامُ المُلْكِ وَالله ضَارِبٌ | وَأنْتَ لِواءُ الدّينِ وَالله عَاقِدُ |
وَأنتَ أبو الهَيْجا بنُ حَمدانَ يا ابنهُ | تَشَابَهَ مَوْلُودٌ كَرِيمٌ وَوَالِدُ |
وحَمدانُ حمدونٌ وَحمدونُ حارثٌ | وَحارِثُ لُقْمانٌ وَلُقْمَانٌ رَاشِدُ |
أُولَئِكَ أنْيابُ الخِلافَةِ كُلُّهَا | وَسَائِرُ أمْلاكِ البِلادِ الزّوائِدُ |
أُحِبّكَ يا شَمسَ الزّمانِ وبَدْرَهُ | وَإنْ لامَني فيكَ السُّهَى والفَراقِدُ |
وَذاكَ لأنّ الفَضْلَ عندَكَ بَاهِرٌ | وَلَيسَ لأنّ العَيشَ عندَكَ بارِدُ |
فإنّ قَليلَ الحُبّ بالعَقْلِ صالِحٌ | وَإنّ كَثيرَ الحُبّ بالجَهْلِ فاسِدُ |