غيري بأكثر هذا الناس ينخدع
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
غَيرِي بأكْثرِ هذا النّاسِ يَنْخَدِعُ | إنْ قاتَلُوا جَبُنوا أوْ حدّثوا شجُعُوا |
أهلُ الحَفيظَةِ إلاّ أنْ تُجَرّبَهُمْ | وَفي التّجارِبِ بَعد الغَيّ ما يَزَعُ |
وَما الحيَاةُ ونَفسي بَعدَمَا عَلِمَتْ | أنّ الحَياةَ كَما لا تَشتَهي طَبَعُ |
لَيسَ الجَمالُ لِوَجْهٍ صَحّ مارِنُهُ، | أنْفُ العَزيزِ بقَطعِ العِزّ يُجْتَدَعُ |
أأطرَحُ المَجْدَ عَنْ كِتْفي وَأطْلُبُهُ | وَأتْرُكُ الغَيثَ في غِمْدي وَأنْتَجعُ |
وَالمَشْرَفِيّةُ لا زَالَتْ مُشَرَّفَةً | دَواءُ كلّ كَريمٍ أوْ هيَ الوَجَعُ |
وفارِسُ الخَيْلِ مَن خَفّتْ فوَقّرَهَا | في الدّرْبِ والدّمُ في أعطافِهِ دُفَعُ |
فَأوْحَدَتْهُ وَما في قَلْبِهِ قَلَقٌ | وَأغضَبَتْهُ وَمَا في لَفْظِهِ قَذَعُ |
بالجَيْشِ تَمْتنعُ السّاداتُ كُلّهُمُ | وَالجَيشُ بابنِ أبي الهَيْجاءِ يَمتَنِعُ |
قَادَ المَقانِبَ أقصَى شُرْبِها نَهَلٌ | على الشّكيمِ وَأدْنَى سَيْرِها سَرَعُ |
لا يَعْتَقي بَلَدٌ مَسراهُ عَنْ بَلَدٍ | كالمَوْتِ لَيسَ لَهُ رِيٌّ وَلا شِبَعُ |
حتى أقامَ عَلى أرْباضِ خَرْشَنَةٍ | تَشْقَى بهِ الرّومُ والصّلبانُ والبِيَعُ |
مُخْلًى لَهُ المَرْجُ مَنْصُوباً بصارِخَةٍ | لَهُ المَنابِرُ مَشْهُوداً بهَا الجُمَعُ |
يُطَمّعُ الطّيرَ فيهِمْ طُولُ أكْلِهِمِ | حتى تَكادَ على أحيَائِهِمْ تَقَعُ |
وَلَوْ رَآهُ حَوَارِيّوهُمُ لَبَنَوْا | على مَحَبّتِهِ الشّرْعَ الذي شَرَعُوا |
لامَ الدُّمُستُقُ عَينَيْهِ وَقَدْ طَلَعَتْ | سُودُ الغَمَامِ فَظَنّوا أنّها قَزَعُ |
فيها الكُماةُ التي مَفطومُها رَجُلٌ | على الجِيادِ التي حَوْلِيُّهَا جَذَعُ |
يَذري اللُّقَانُ غُباراً في مَنَاخِرِهَا | وَفي حَناجِرِهَا مِن آلِسٍ جُرَعُ |
كَأنّهَا تَتَلَقّاهُمْ لِتَسْلُكَهُمْ | فالطّعْنُ يَفْتَحُ في الأجْوَافِ ما يسعُ |
تَهْدِي نَواظِرَهَا وَالحَرْبُ مُظلِمَةٌ | مِنَ الأسِنّةِ نَارٌ وَالقَنَا شَمَعُ |
دُونَ السَّهَامِ وَدُونَ القُرّ طَافِحَةٌ | عَلى نُفُوسِهِمِ المُقْوَرّةُ المُزُعُ |
إذا دَعَا العِلْجُ عِلجاً حالَ بَيْنَهُمَا | أظْمَى تُفَارِقُ مِنهُ أُخْتَهَا الضِّلَعُ |
أجَلُّ مِنْ وَلَدِ الفُقّاسِ مُنكَتِفٌ | إذْ فاتَهُنّ وَأمضَى منهُ مُنصَرِعُ |
وَمَا نَجَا مِنْ شِفارِ البِيضِ مُنفَلِتٌ | نَجَا ومِنْهُنّ في أحْشَائِهِ فَزَعُ |
يُبَاشِرُ الأمْنَ دَهْراً وَهْوَ مُختَبَلٌ | ويَشرَبُ الخَمْرَ حَوْلاً وهوَ ممتقَعُ |
كَمْ مِنْ حُشاشَةِ بِطْرِيقٍ تضَمّنَها | للباتِراتِ أمِينٌ مَا لَهُ وَرَعُ |
يُقاتِلُ الخَطْوَ عَنْهُ حِينَ يَطلُبُهُ | وَيَطرُدُ النّوْمَ عَنْهُ حينَ يَضْطَجعُ |
تَغدو المَنَايا فَلا تَنْفَكّ وَاقِفَةً | حتى يَقُولَ لهَا عُودي فَتَنْدَفعُ |
قُلْ للدُّمُسْتُقِ إنّ المُسْلَمينَ لَكُم | خانُوا الأميرَ فجازاهُمْ بما صَنَعُوا |
وَجَدْتُمُوهُمْ نِيَاماً في دِمائِكُمُ | كأنّ قَتْلاكُمُ إيّاهُمُ فجَعُوا |
ضَعْفَى تَعِفّ الأيَادي عَنْ مِثالِهِمِ | منَ الأعادي وَإنْ هَمّوا بهم نَزَعوا |
لا تَحْسَبُوا مَن أسرْتم كانَ ذا رَمَقٍ | فَلَيْسَ يأكُلُ إلاّ المَيْتَةَ الضبُعُ |
هَلاّ على عَقَبِ الوادي وقد طَلَعَتْ | أُسْدٌ تَمُرّ فُرادَى لَيسَ تجتَمعُ |
تَشُقّكُمْ بفَتَاهَا كُلُّ سَلْهَبَةٍ | والضّرْبُ يأخذُ منكُم فوْقَ ما يدَعُ |
وَإنّما عَرّضَ الله الجُنُودَ بِكُمْ | لكَيْ يَكونوا بلا فَسْلٍ إذا رَجعوا |
فكُلّ غَزْوٍ إلَيكُمْ بَعدَ ذا فَلَهُ | وَكُلّ غازٍ لسَيْفِ الدّوْلةِ التّبَعُ |
تَمْشِي الكِرامُ على آثارِ غَيرِهِمِ | وَأنتَ تَخْلُقُ ما تأتي وَتَبْتَدِعُ |
وَهَلْ يَشينُكَ وَقتٌ كنتَ فَارِسَهُ | وَكانَ غيرَكَ فيهِ العاجِزُ الضَّرَعُ |
مَن كانَ فوْقَ مَحلّ الشّمسِ موْضِعُه | فَلَيْسَ يَرْفَعُهُ شيءٌ وَلا يَضَعُ |
لم يُسلِمِ الكرُّ في الأعقابِ مُهْجَتَهُ | إنْ كانَ أسلَمَها الأصْحابُ وَالشِّيَعُ |
لَيتَ المُلُوكَ على الأقدارِ مُعْطِيَةٌ | فلَمْ يكُنْ لدَنيءٍ عندَهَا طَمَعُ |
رَضِيتَ مِنهُمْ بأنْ زُرْتَ الوَغى فرَأوْا | وَأن قرَعتَ حَبِيكَ البَيضِ فاستَمَعوا |
لَقد أباحَكَ غِشّاً في مُعامَلَةٍ | مَن كنتَ منهُ بغَيرِ الصّدقِ تَنتَفعُ |
الدّهْرُ مُعتَذِرٌ والسّيفُ مُنْتَظِرٌ | وَأرْضُهُمْ لَكَ مُصْطافٌ وَمُرْتَبَعُ |
وَمَا الجِبَالُ لنَصْرانٍ بحَامِيَةٍ | وَلَوْ تَنَصّرَ فيها الأعصَمُ الصَّدَعُ |
وَمَا حَمِدْتُكَ في هَوْلٍ ثَبَتَّ بِهِ | حتى بَلَوْتُكَ وَالأبْطالُ تَمتَصِعُ |
فَقَدْ يُظَنّ شُجاعاً مَنْ بِهِ خَرَقٌ | وَقَدْ يُظَنّ جَبَاناً مَنْ بِهِ زَمَعُ |
إنّ السّلاحَ جَميعُ النّاسِ تَحْمِلُهُ | وَلَيسَ كلُّ ذواتِ المِخْلَبِ السَّبُعُ |