هذي العزائم لا ما تدعي القضب
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هذي العزائم لا ما تدعي القضب | وذي المكارم لا ما قالت الكتب |
وهذه الهمم اللاتي متى خطبت | تعثرت خلفها الأشعار والخطب |
صافحت يا ابن عماد الدين ذورتها | براحة للمساعي دونها تعب |
ما زال جدك يبني كل شاهقة | حتى ابتنى قبة أوتادها الشهب |
لله عزمك ما أمضى وهمك ما | افضى اتساعا بما ضاقت به الحقب |
يا ساهد الطرف والأجفان هاجعة | وثابت القلب والأحشاء تضطرب |
أغرت سيوفك بالإفرنج راجفة | فؤاد رومية الكبرى لها يجب |
ضربت كبشهم منها بقاصمة | أودى بها الصلب وانحطت بها الصلب |
قل للطغاة وإن صمت مسامعها | قولاً لصم القنا في ذكره أرب |
ما يوم إنب والأيام دائلة | من يوم يغرا بعيد لا ولا كثب |
أغركم خدعة الآمال ظنكم | كم أسلم الجهل ظنا غره الكذب |
غضبت للدين حتى لم يفتك رضى | وكان دين الهدى مرضاته الغضب |
طهرت أرض الأعادي من دمائهم | طهارة كل سيف عندها جنب |
حتى استطار شرار الزند قادحة | فالحرب تضرم والآجال تحتطب |
والخيل من تحت قتلاها تخر لها | قوائم خانهن الركض والخبب |
والنقع فوق صقال البيض منعقد | كما استقل دخان تحته لهب |
والسيف هام على هام بمعركة | لا البيض ذو ذمة فيها ولا اليلب |
والنبل كالوبل هطال وليس له | سوى القسي وأيد فوقها سحب |
وللظبى ظفر حلو مذاقته | كأنما الضرب فيما بينهم ضرب |
وللأسنة عما في صدورهم | مصادر أقلوب تلك أم قلب |
خانوا فخانت رماح الطعن أيديهم | فاستسلموا وهي لا نبع ولا غرب |
كذاك من لم يوق الله مهجته | لاقى العدى والقنا في كفه قصب |
كانت سيوفهم أوحى حتوفهم | يا رب حائنة منجاتها العطب |
حتى الطوارق كانت من طوارقهم | ثارت عليهم بها من تحتها النوب |
أجسادهم في ثياب من دمائهم | مسلوبة وكأن القوم ما سلبوا |
أنباء ملحمة لو أنها ذكرت | فيما مضى نسيت أيامها العرب |
من كان يغزو بلاد الشرك مكتسبا | من الملوك فنور الدين محتسب |
ذو غرة ما سمت والليل معتكر | إلا تمزق عن شمس الضحى الحجب |
أفعاله كاسمه في كل حادثة | ووجهه نائب عن وصفه اللقب |
في كل يوم لفكري من وقائعه | شغل فكل مديحي فيه مقتضب |
من باتت الأسد أسرى في سلاسله | هل يأسر الغلب إلا من له الغلب |
فملكوا سلب الإبرنز قاتله | وهل له غير أنطاكية سلب |
من للشقي بما لاقت فوارسه | وإن بسائرها من تحته قتب |
عجبت للصعدة السمراء مثمرة | برأسه إن إثمار القنا عجب |
سما عليها سمو الماء أرهقه | أنبوبه في صعود أصلها صبب |
ما فارقت عذبات التاج مفرقة | إلا وهامته تاج ولا عذب |
إذا القناة ابتغت في رأسه نفقا | بدأ لثعلبها من نحره سرب |
كنا نعد حمى أطرافنا ظفرا | فملكتك الظبى ما ليس نحتسب |
عمت فتوحك بالعدى معاقلها | كأن تسليم هذا عند ذا جرب |
لم يبق منهم سوى بيض بلا رمق | كما التوى بعد رأس الحية الذنب |
فانهض إلى المسجد الأقصى بذي لجب | يوليك أقصى المنى فالقدس مرتقب |
وائذن لموجك في تطهير ساحله | فإنما أنت بحر لجة لجب |
يا من أعاد ثغور الشام ضاحكة | من الظبى عن ثغور زانها الشنب |
ما زلت تلحق عاصيها بطائعها | حتى أقمت وأنطاكية حلب |
حللت من عقلها أيدي معاقلها | فاستحلفت وإلى ميثاقك الهرب |
وأيقنت أنها تتلو مراكزها | وكيف يثبت بيت ماله طنب |
أجريت من ثغر الأعناق أنفسها | جرى الجفون امتراها بارح حصب |
وما ركزت القنا إلا ومنك على | جسر الحديد هزبر غيله أشب |
فاسعد بما نلته من كل صالحة | يأوي إلى جنة المأوى لها حسب |
إلا تكن أحد الأبدال في فلك التقوى | فلا نتمارى أنك القطب |
فلو تناسب أفلاك السماء بها | لكان بينكما من عفة نسب |
هذا وهل كان الإسلام مكرمة | إلا شهدت وعباد الهوى غيب |