لعَمري! لخَيرُ الذُّخرِ، في كلّ شِدّةٍ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لعَمري! لخَيرُ الذُّخرِ، في كلّ شِدّةٍ، | إلَهُكَ تَرجُو فَضَلُهُ وألاهُ |
فلا تُشبِهِ الوَحشيَّ خَلّفَ طِفلَهُ | لخَنساءَ، تَرعَى، بالمَغيبِ، طَلاهُ |
وإنْ نِلْتَ في دُنياكَ، للجسمِ، نعمةً | من العيشِ، فاذكُرْ دفنَهُ وبِلاهُ |
إذا اختَصَمتْ في سيّءِ الفعلِ وابنَها | فلا هيَ من أهلِ الحقوقِ، ولا هُو |
متى يصرِمِ الخِلُّ المُسيءُ، فلا تُرَعْ، | فأفضَلُ من وصلِ اللّئيمِ قِلاه |
وكم غَيّبَ الإلفُ الشّقيقُ أليفَهُ، | فرِيعَ له، الأيّامَ، ثمّ سَلاه |
وما كان حادي العيسِ في غُربة النوَى | عليّ، كَحادي النّجمِ حينَ قَلاه |
ومَن يَحلِفِ الأيمانَ باللَّهِ، ولا وَنَى | عن الودَ، يحنَثْ، أو يَضِرْه ألاه |
ومَن تُرِكَ العِلجُ المُعَرِّدُ، راتِعاً | بأفْيَحَ، يَقرُو في الخَلاءِ خَلاه |
وقد كَلأ المسكينَ، في الوِردِ، بائسٌ، | ومن كَبِدِ القوسِ الكتومِ كَلاه |
فطَلّقَ عِرْساً كارهاً، وفَلا الرّدى، | لها تَولباً، لم يَمَتَنِعْ بفَلاهُ |
فلا تُقرِ هَمَّ النفسِ، عجزاً عن القِرَى، | وأدْلجْ، إذا ما الرّكبُ مالَ طُلاه |
طوى عنك، سِرّاً، صاحبٌ، قبلَ شيبهِ، | فلَمّا انجَلَى عَنهُ الشّبابُ جَلاه |
ولا مُلكَ إلاّ للّذي عَزّ وجهُهُ، | ودامَتْ، على مَرّ الزّمانِ، عُلاه |
وقد يُدرِكُ المَجدَ الفتى وهوَ مُقتِرٌ، | كثيرُ الرّزايا، مُخلِقٌ سَمِلاه |
غَدا جَمَلاهُ يُرقِلانِ بِكُورِهِ، | وهل غيرُ عَصْرَيْ دهرِهِ جَمَلاه؟ |
وما فَتلاهُ عن سَجاياه، بعدَما | أجادَ كتاباً مُحكَماً، فتَلاه |
فإنْ ماتَ، أو غاداهُ قَتلٌ، فما هُما | أماتاهُ، في حُكمي، ولا قَتلاه |
يَدٌ حَمَلَتْ هذا الأنامَ علَيهِما، | ولَولا يَمينُ اللَّهِ ما احتَمَلاه |
وِعاءَانِ للأشياءِ، ما شَذّ عَنهُما | قَليلٌ، ولا ضاقَا بما شَمِلاه |
وجاءَ بمينٍ مُدّعٍ، جاءَ زاعِماً | بأنّهُما عن حاجَةٍ خَتَلاه |
عجبتُ لرامي النَّبلِ يَقصُدُ آبلاً، | بجَهلٍ، وقد راحَتْ لَهُ إبِلاهُ |
بَدا عارِضا خيرٍ وشرٍّ لشائِمٍ، | وما استَوَيا في الخَطبِ، إذْ وَبَلاه |
زَجَرْتُهما زجرَ ابنِ سَبعٍ سِباعَهُ، | ولو فَهِما زَجْري لمَا قَبِلاه |
تهاوَى جِبالٌ من كِنانَةِ غالِبٍ، | وأبْطَحُها لم يَنتَقِلْ جَبَلاهُ |
إذا النّسلُ أسواهُ الأبُ، اهتاجَ أنّهُ | يَمُوتُ، ويَبقَى مالُهُ وحِلاه |
فكَمْ ولَدٍ، للوالدينِ، مضيِّعٍ، | يُجازيهما بُخلاً بما نَجلاه |
طوى عنهما القوتَ الزهيدَ، نفاسةً، | وجَرّاهُ سارَا الحَزْنَ، وارتحلاه |
يَرَى فَرقَدَيّ وحشيّةٍ بَدَليهِما، | وما فَرقَدا مَسراهُما بَدلاه |
ولامَهُما عن فَرطِ حبّهما لَهُ، | وفي بغضِهُ إيّاهُما عَذَلاه |
أساءَ، فلَم يَعدِ لهما بشِراكِهِ، | وكانا، بأنوارِ الدُّجَى، عدلاه |
يُعيرُهما طَرْفاً، من الغَيظِ، شافناً، | كأنّهما، فيما مَضَى، تَبلاه |
يَنامُ، إذا ما أدنفا، وإذا سرَى | له الشكوبات، الغِمضُ ما اكتحَلاه |
إنِ ادّعيا، في ودّه، الجُهدَ صُدّقا، | وما اتُّهِما فيه، فيَنتَحِلاه |
يغشُّهما في الأمرِ هانَ، وطالما | أفاءا علَيهِ النّصحَ، وانتَخَلاه |
يسرُّهما أن يهجرَ الرِّيمَ، دَهرَهُ، | وأنّهُما من قَبلِهِ نَزَلاه |
ولو بمُشارِ العَينِ يُوحى إلَيهِما، | لوَشْكِ اعتزالِ العيشِ، لاعتزَلاه |
يَودّانِ، إكراماً، لو انتَعَلَ السُّهَا | وإنْ حَذِيا السَّلاّءَ وانتَعَلاه |
يَذُمُّ لفَرْطِ الغيّ ما فَعَلا بهِ؛ | وأحْسِنْ وأجْمِلْ بالذي فَعلاه |
يُعِدّانِهِ كالصّارِمِ العَضبِ في العِدى | بظَنّهِما، والذّابِلِ اعتَقَلاه |
ويُؤثِرُ بالسّرّ الكنينِ سواهما، | فينقلُهُ عَنهُ وما نَقلاه |