جفون البيض أم بيض الجفون
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
جفون البيض أم بيض الجفون | وسمر الخط أم هيف الغصون |
قيان ناظرت عن نصول | أحدت غربها أيدي القيون |
مريضات المعاطف والتثني | سقيمات اللواحظ والعيون |
سوافر مشرفيات التجلي | سواحر مشرقيات الجفون |
حللن ببابل وحللن سحرا | عقود عقولنا بيد الجفون |
سلبن القلب حين سكن فيه | منحن غرامه بعد السكون |
ألا يا عاذلي دعني وشأني | وما تجري المدامع من شؤوني |
فإن صبابتي داء دفين | وكم أبقى على الداء الدفين |
حسبتك لي على وجدي معينا | ألا ما للمعنى من معين |
جعلت ضمانتي لهم ضماني | ومالي في الضمانة من ضمين |
أنا الصب الذي لهواي هانت | على قلبي مصاعب كل هون |
بكل خدينة للحسن ما لي | سوى بلوى هواها من خدين |
كريم أو كغصن أو كبدر | بلحظ أو بقد أو جبين |
تبسم درها عن أقحوان | وأزهر وردها في ياسمين |
غريم غرامها عسر التقاضي | وقد علقت بحبيها رهوني |
لوت دين الوصال وما قضته | ولو كانت وفت وفت ديوني |
سقى الله العراق وساكنيه | وحياه حيا الغيث الهتون |
وجيرانا أمنت الجور منهم | وما فيهم سوى واف أمين |
صفوا والدهر ذو كدر وقدما | وفوا بالعهد في الزمن الخؤون |
ليالي أشرقت منها الدياجي | بحور من جنان الخلد عين |
أرى ربحي إذا أنفقت مالي | وما أنا بالغبي ولا الغبين |
فلا عيش الإخاء بمستكن | ولا عيش الرخاء بمستكين |
وقد طلعت شموس من كؤوس | كما شهرت سيوف من جفون |
يطوف بها على الندماء ساق | شمائله معشقة الفنون |
ويطفي جذوة منها بماء | ويمزج شدة منها بلين |
كأن عذاره اللاهي لام | وحاجبه المقوس حرف نون |
ولما سل عارضه حساما | وفوق لحظه سهم المنون |
بدا زرد العذار فقلت هذا | يدير لنا رحى الحرب الزبون |
وثقت إلى الزمان وغاب عني | بأن الحادثات على كمين |
وشطت دار أحباب كرام | تبدل وصلهم بنوى شطون |
فيا شوقا لكل أخ كريم | ضنين بالمودة لا ظنين |
خلصت من الشباب إلى شبيب | مشوب عند أحبابي مشين |
وقاربت البياض فجانبتني | مودة بيضها السود القرون |
وجائلة الوشاح رأت جماحي | على هوجاء جائلة الوضين |
عشية ودعت والعيش تخذي | نواحل قد برين من البرين |
بكت شجوا وأرزمت المطايا | وهاج أنينها الشاجي أنيني |
فلي ولها وللأنضاء شجو | حنين في حنين في حنين |
تناشدني وتذكرني بعهدي | وتبعثني على حفظ اليمين |
وقالت ما ظننتك قط تنوي | مفارقتي لقد ساءت ظنوني |
قد استسهلت أحزاني ببين | يرد بك السهول على الحزون |
فقلت سراي للعليا وإني | تخذت لها أمينا من أمون |
إلى عمر بن شاهنشاه قصدي | ثقي بغناي منه وارقبيني |
أسافر عنك أبغي العز منه | مدل في الهدوء وفي الهدون |
حويت فضيلة العالي ولكن | رأيت الدون يحوي الحظ دوني |
صفا ورد الزلال لوارديه | ومثلي ليس يظفر بالأجون |
لقد جمحت حظوظي بي وماذا | تفيد رياضة الحظ الحزون |
ولا لوم إذا لم ألق كفوا | إذا أعنست أبكاري وعوني |
وليس سوى تقي الدين مولى | زماني في ذراه يتقيني |
وإني بالمدائح أصطفيه | كما هو بالمنائح يصطفيني |
بنيل ظماء أهل الفضل ريا | خضم نواله الصافي المعين |
يبدل فضله رثا وغثا | لحظي بالجديد وبالسمين |
ويوضح منهج العليا بجود | يجدد منهج الحمد المبين |
رحيب الصدر طلق الوجه ثبت الجنان | ندي المحيا واليمين |
غزير الفضل جم الجود ملك | عديم المثل مفقود القرين |
أخو العم المؤيد بالمساعي التي | نجحت وذو الرأي المتين |
فعند الجود كالجود اندفاعا | وعند الحلم كالطود الرصين |
له عرض لعافيه مذال | يذود به عن العرض المصون |
له يوما ندى ووغى عطاء | وكسر للألوف وللمئين |
صوارمه صوالجه إذا ما | رؤوس عداه كانت كالكرين |
وما لطيور أسهمه المواضي | سوى مقل الأعاد من وكون |
إذا اعتقل القنا الخطي سالت | له أعنقاها بدم الوتين |
ويجمد منه بطن النسر ما قد | شكته لبة الذمر الطعين |
بنو أيوب زانوا الملك منهم | بحيلة سؤدد وتقى ودين |
ملوك أصبحوا خير البرايا | لخير رعية في خير حين |
أسانيد السيادة عن علاهم | معنعنة مصححة المتون |
كأن لدان سمرهم أفاع | تصرفها القساور في العرين |
عزائمهم متى نهدوا لغزو | مفاتيح المعاقل والحصون |
وتشرق في مثار النقع منهم | إذا ركبوا شموس في دجون |
إذا ركبوا ظهور الخيل ردوا العداة | من القشاعم في البطون |
بسطوة بأسهم في كل أرض | جبال الشرك عادت كالعهون |
غدا الفضلاء منهم في مكان | من الإكرام محروس مكين |
بكل مبجل لمؤمليه | وللأعداء والدنيا مهين |
ضنين بالعلاء لمعتفيه | ولكن باللها غير الضنين |
براه الله من طهر وطيب | وكل الناس من حمأ وطين |
فزين أمر راجيه الموالي | وشين شان شائنه اللعين |
بنو أيوب مثل قريش مجدا | وأنت لهم كأنزعها البطين |
فقل لملوك هذا العصر طرا | أروني مثله فيكم أروني |
بجد سام عالي كل فخر | ومجانا طلبتم بالمجون |
إذا خف الملوك لكل خطب | حلوما كنت ذا حلم رزين |
تزان بكل منقبة وفضل | علاك فلا مزيد على المزين |
عدوك كالذباب له طنين | وفيه ذباب سيفك ذو طنين |
أخفت الشرك حتى الذعر منهم | يرى قبل الولادة في الجنين |
ويوم الرملة المرهوب بأسا | تركت الشرك منزعج القطين |
وقد غادرت أشلاء الفرنج | كمحصود الزروع على الجرين |
وأضحى الدين منك قرير عين | وظل الشرك ذا طرف سخين |
وكنت لعسكر الإسلام كهفا | أوى منه إلى حصن حصين |
وقد عرف الفرنج سطاك لما | رأوا آثارها عين اليقين |
وأنت ثبت دون الدين تحمي | حماه أوان ولى كل دون |
ولو لبوا نداء الحزم درت | عليهم لقحمة النصر اللبون |
وليك منك في ظل ظليل | من الإعزاز في كن كنين |
وتهمي للموالي والمعادي | بسحب للندى والباس جون |
أنهاب المحامد بالعطايا | ووهاب المسرة للحزين |
ألا يا كعبة للفضل أضحى | إلى أركان دولته ركوني |
حجاه وحجره لمساجليه | مقام الحجر منه والحجون |
تقي الدين إن حديث فضلي | لمن يصغي إليه لذو شجون |
فعتبى للزمان على اهتضامي | وشكوى من جنون المنجنون |
ولست أرى سوى علياك تاجا | تليق بدر مدحتي الثمين |