عقدت بنصرك راية الإيمان
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
عقدت بنصرك راية الإيمان | وبدت لعصرك آية الإحسان |
يا غالب الغلب الملوك وصائد الصيد | الليوث وفارس الفرسان |
يا سالب التيجان من أربابها | حزت الفخار على ذوي التيجان |
محمود المحمود ما بين الورى | في كل أقليم بكل لسان |
يا واحدا في الفضل غير مشارك | أقسمت مالك في البسيطة ثان |
أحلى أمانيك الجهاد وإنه | لك مؤذن أبدا بكل أمان |
كم بكر فتح ولدته ظباك من | حرب لقمع المشركين عوان |
كم وقعة لك في الفرنج حديثها | قد سار في الآفاق والبلدان |
كم مصعب عسر المقادة قدته | نحو الردى بخزائم الخلان |
قمصت قومصهم رداء من ردى | وقرنت رأس برنسهم بسنان |
وملكت رق ملوكهم وتركتهم | بالذل في الأقياد والأسجان |
وجعلت في أعناقهم أغلالهم | وسحبتهم هونا على الأذقان |
إذ في السوابغ تحطم السمر القنا | والبيض تخضب بالنجيع القاني |
وعلى غناء المشرفية في الطلى | والهام رقص عوامل المران |
وكأن بين النقع لمع حديدها | نار تألق من خلال دخان |
في مأزق ورد الوريد مكفل | فيه بري الصارم الظمآن |
غطى العجاج به نجوم سمائه | لتنوب عنها أنجم الخرصان |
يمتاح من قلب القلوب دماءها | بالسمر متح الماء بالأشطان |
أو ما كفاهم ذاك حتى عاودوا | طرق الضلال ومركب الطغيان |
يا خيبة الإفرنج حين تجمعوا | في حيرة وأتوا إلى حوران |
جاؤوا وظنهم يعجل ربحهم | فأعدتهم بالخزي والخسران |
وظنونهم وقلوبهم قد أيقنت | للرعب بالإخفاق والخفقان |
وجلوت نور االدين ظلمة كفرهم | لما صدعت بواضح البرهان |
وهزمتهم بالرأي قبل لقائهم | والرأي قبل شجاعة الشجعان |
راحوا فباتوا تحت كل مذلة | وضربت منهم فوق كل بنان |
ما في النصارى الغتم إلا من له | في الصلب بان الكسر والصلبان |
ولوا وقلب شجاعهم في صدره | كالسيف يرعد في يمين جبان |
فاروا من الفوار عند فرارهم | بالفور وامتدوا إلى المدان |
وأزراها الشلالة الشل الذي | أهدى لهم شللا إلى الأيمان |
ولى وجوههم سواد وجوههم | نحو السواد وآذنوا بهوان |
حملت عليهم من جنودك فتية | لم تدر غير حمية الفتيان |
زخرت بهم أمواج آجك في الوغى | غزرا وطم بهم عباب طمان |
وتذمموا من حر باس محمد | وتهيبوا الحملات من عثمان |
وبسيف جرديك المجرد غودروا | بدماء أهل الغدر في غدران |
وبعين دولتك الذي قدمته | فقئت عيون الكفر والكفران |
واليارقية أرقتهم في الدجى | بسهام كل حنية مرنان |
أجفانهم نفت الغرار كما انتفى | ماضي الغرار بهم من الأجفان |
بعلوا معسكر بعلبك وأبصروا | من جند بصرى برك كل جران |
وكأنما الأكراد فوق جيادها | عقبان ملحمة على عقبان |
ولطالما مهرت على نصر الهدى | أنصارك الأبطال من مهران |
لم يترك الأتراك فيهم غاية | بالفتك والإرهاق والإثخان |
من كل رام سهمه من وهمه | أهدى إلى إنسان عين الراني |
ولك المماليك الذين بهم عنت | أملاك مصر لمالكي بغدان |
هم كالصحابة يوم بدر حاولوا | نصر النبي ونبت عن حسان |
الحائزون من السباق خصاله | في ملتقى حرب وفي ميدان |
من كل مبسوط اليدين يمينه | ما تمتلي إلا بقبض يمان |
لما رأى الداوي راونداءه | ولى بطاعون بغير طعان |
طلب الفريري الفرار بطلبه | متباعدا من هلكه المتداني |
والهنفرى مذهان فر مؤملا | لسلامة والهون شأن الشاني |
باروا فبارونيهم بفنائه | مود وسيدهم أسير عان |
أخلوا بلادهم فحل بأهلها | منك الغداة طوارق الحدثان |
أنهضت حين خلت إليها عسكرا | أخلى قواعدها من البنيان |
وشغلت جأشهم بجيش هدهم | فجنى ثمار النصرة الجيشان |
وملأت بالنيران أربع أهلها | فتعجلوا الإحراق بالنيران |
عادوا وحين رأوا خراب بيوتهم | يئسوا من الأوطار والأوطان |
باؤوا بأحزان وخاضوا هولها | مما لقوا بمخاضة الأحزان |
وقد استفاد المشركون تعازيا | والمسلمون تهاديا بتهان |
أصبحت للإسلام ركنا ثابتا | والكفر منك مضعضع الأركان |
قوضت آساس الضلال بعزمك الماضي | وشدت مباني الإيمان |
قل أين مثلك في الملوك مجاهد | لله في سر وفي إعلان |
لم تلقهم ثقة بقوة شوكة | لكن وثقت بنصرة الرحمان |
ما زال عزمك مستقلا بالذي | لا يستقل بثقله الثقلان |
وبلغت بالتأييد أقصى مبلغ | ما كان في وسع ولا إمكان |
دانت لك الدنيا فقاصيها إذا | حققته لنفاذ أمرك دان |
فمن العراق إلى الشآم إلى ذرى | مصر إلى قوص إلى أسوان |
لم تله عن باقي البلاد وإنما | ألهاك فرض الغزو عن همذان |
للروم والإفرنج منك مصائب | بالترك والأكراد والعربان |
إعزازك الدين الحنيف وحزبه | قد خص أهل الشرك بالإهوان |
أذعنت لله المهيمن إذ عنت | لك أوجه الأملاك بالإذعان |
أنت الذي دون الملوك وجدته | ملآن من عرف ومن عرفان |
في بأس عمرو في بسالة حيدر | في نطق قس وفي تقى سلمان |
عمران عدلك للبلاد كأنما | قد عاش في أيامك العمران |
خلدت في الآفاق ذكرا باقيا | أبد الزمان ببذل مال فان |
سير لو أن الوحي ينزل أنزلت | في شأنها سور من القرآن |
فاسلم طويل العمر ممتد المدى | صافي الحياة مخلد السلطان |