«رشيد».. ثوار الخارج والداخل موحدون حول خيار إسقاط نظام «الأسد»
مدة
قراءة المادة :
12 دقائق
.
تمر الثورة السورية بمرحلة جديدة زادت فيها حدة العنف المستخدم من قبل نظام "بشار الأسد" في قمع المتظاهرين المطالبين بالإصلاح، وزاد معه إصرار الشعب السوري على خلع النظام والبحث عن مستقبل جديد خالي من مآسي الماضي المرير، وكذلك زادت حدة الضغط الدولي مع قطع تركيا لاتصالاتها مع "الأسد" وفرض عقوبات أوربية على نظامه، وكذلك مطالبة واشنطن منه بالتنحي، والتغير المفاجئ في الموقف الإيراني الذي يطلب منه الحوار مع الثوّار، كل ذلك يعد خطوة فاصلة في إسقاط شرعية هذا النظام دولياً، تمهيدا لإسقاطه نهائياً عن حكم سوريا ، وبخصوص ممثلي الثورة في الخارج ومحاولاتهم الجادة لجمع كلمتهم فإن موقع "البيان" حوار المعارض البارز الدكتور "عماد الدين رشيد" وتحدث معه حول مستقبل الثورة السورية، وتداعيات الخلافات بين ثوّار الخارج على الثورة في داخل سوريا وكان الحديث التالي:-
البيان: هل أثرت الثورة على التعايش السلمي في طوائف المجتمع السوري؟
الشعب السوري متعايش بكل طوائفه، الذي صنع الطائفية هو النظام المتعجرف وأبقى رعب السوريين بعضهم من بعض، لا خوف على الشعب السوري من الطائفية وإنما الخوف عليهم من هذا النظام المجرم.
البيان: هل تتوقعون أن يطول أمد الثورة ومدة بقاء النظام ؟
قضية إسقاط النظام ليست عملية ميكانيكية تخضع لجدول زمني، هناك أوراق كثيرة لإسقاط النظام، هو تهاوى ويوجد فيه نخر من الداخل وأتوقع أن يصل إلى مرحلة تداعي وسقوط سريع جداً وإذا سقط سيكون سقوطه مروع جداً لأنه كان يوجد أسباب بقاءه على أساس من الرعب والقهر والناس حطمت حاجز الخوف والرعب وكلنا نعتز بهذا الطفل في بلدة (إنخا) في درعا، وهو يعذب ويجلده السجان ويضع له صورة "بشار الأسد" ليسجد عليها، إلا أن الطفل رفع رأسه وبصق عليها، هذا شعب لا يهزم أبداً، لذلك لا خوف على السوريين، يصعب أن يقال إن النظام سيسقط بعد أسبوع أو غداً وأتوقع أن يأخذ الأمر شهور، لأنه يمتلك بعض الأوراق الذي لم يستخدمها، أهم ورقة وهذا ينبغي أن يدرك، أن هناك بعض القتلة المأجورين من جيش المهدي وفيلق بدر موجودون في السيدة زينب، وربما يصل عددهم 50 ألف شخص وهم قتلة مأجورون باحتراف،سيستخدمهم في مرحلة الأخيرة، الشبيحة الذين يستعملهم النظام وجلهم من أبناء الطائفة العلوية المغرر بهم، وأنا في الواقع لا اتهم الطائفة العلوية كلها، لكن النظام ركب موجتها وعلى شيوخ الطائفة أن يحددوا موقفهم وأحيي شيوخ الطائفة في حمص الذين بينوا موقفهم.
النظام سيستخدم هؤلاء القتلة المأجورين في السيدة زينب، عندما تنفض عنه الطائفة العلوية، سيخرج هذه الورقة، أبناء الطائفة مغرر بهم إذا قتلوا فهم في النهاية سوريين، ويجب عليهم أن يحسبوا حساب لمستقبل العيش المشترك، ولكن هؤلاء إذا افلتوا سيكونوا كالذئاب المسعورة، مع أنه في بعض المناطق تم إلقاء القبض على بعض هؤلاء، ومنهم قناصين أطلقوا النار على خزانات المياه في معظمية دمشق، وكذلك الشخص الذي ضرب الشيخ "أسامة الرفاعي" في ليلة السابع والعشرين من رمضان في المسجد.
البيان: بالرغم من ارتفاع عدد القتلى الكبير في صفوف الثوّار، لماذا ترفضون عسكرة الثورة؟ وهل تؤيدون تدخل الناتو؟
لأن الشعب لا يملك من الأسلحة شيئاً، وإذا زجت الأسلحة في الشوارع ستكون أسلحة فردية لا تحسم شيئاً وستستغل لإبادة الناس، وسيبرر جرائمه بأنه فعلها ضد المندسين ونحن مع عدم عسكرة الثورة.نحن ندعو الناس للدفاع عن أنفسهم بطرقهم الخاصة، لا يفكر السوريون في الاستعانة بالنيتو، سمعنا من الشارع أصوات تنادي بالحماية الدولية المسألة مرتبطة بهذا السفاح الذي يريد أن يغرق سوريا بالدماء، المسألة مرتبطة بهؤلاء الذين يدفعون الشارع السوري لزاوية التسلح، هم شعروا بأنهم مستضعفون، كنا نتمنى أن تكون هناك قوة ردع إسلامية وعربية مثل الإتحاد الأفريقي، لو وجد ملا تكلم السوريون وطالبوا بحماية دولية، النظامي تمنى تسليح الثورة لاستغلالها في إبادة الناس.
البيان: يلاحظ كثيرين حالة ضعف من قبل المعارضة السورية في الخارج، وهناك خشية بأن تؤثر هذه الحالة على الوضع في الداخل السوري بحيث ينقل الصراع بين المعارضة في الخارج إلى الداخل، كيف تعلقون على ذلك؟
هناك خوف من بعض الجهات وبعض الطوائف والمذاهب، السوريون لم يعتد بعضهم على الحوار مع بعض خلال السنوات الماضية لم يجلسوا ليصغى بعضهم إلى بعض، هناك نوع من الخوف من المجهول، هناك خوف من أشياء كثيرة تذكرها الطوائف، السوريون قبل النظام كانوا طوائف وكانوا فرق وفيهم أديان كانت قبل الإسلام ولم تزل موجودة ولم يأكل السوريون بعضهم بعض، هناك عقد اجتماعي بناه السوريون خلال آلاف السنوات صنعوا خلاله السلم الأهلي، صنعه الشارع ومن يقود الثورة هم الشاعر الذي صنع السلم الأهلي ولا أرى داعي للخوف، وقدر السوريون أن يكونوا متدينين والأكثرية مسلمة، سمة الثورة لون الشارع المسلمين وهذا يجب أن يكون سبب اطمئنان وليس للخوف ونحن لا نتفهم المخاوف التي طرحها البطريارك الماروني في لبنان الذي تكلم عن الأصولية في سوريا، الذين انتفضوا هم حماة وصناع العيش المشترك في سوريا فلا داعي لهذه المخاوف المبالغ فيها، الثورة جمعت الطوائف الكل يذكر أن أهل حماة فرو في الحصار الأخير، إلى السمية وهم من الإسماعيلية ونصروا أهل حماة وهم من السنة.
حوصر في درعا بعض المتظاهرين وليس ولم يكن أمامهم إلا البيوت التي خلفهم وهم من حي النصارى وفتحت لهم بيوت المسحيين وأمنوهم وأخفوهم عن أعين الأجهزة الأمنية، الذي صنع الطائفية هذا النظام المتعجرف وأبقى خوف السوريين بعضهم من بعض.
البيان: كيف تفسرون الإصرار الروسي والإيراني على دعم بقاء نظام "الأسد"؟
ينبغي أن نفصل بين المسار الإيراني والسوري، إيران لها مصالح في سوريا، ولها برنامجها الخاص بها، وتنظر إلى سوريا على أنها الرئة التي تتنفسها من خلالها،عندما جاءت ثورة الخميني كانت محاصرة حافظ الأسد فتح لهم رؤية إلى العالم عبر سورية، وهذه الرئة باقية من خلال أجهزة أمنية يقودها عناصر مشبوهون ولهم علاقات قوية مع إيران، وجود إيران وجود استراتيجي غير محصور بوجود "بشار الأسد"، لذلك لا تستطيع أن تتخلى عن قدم لها في سوريا على تخوم الخليج وتهدد أمنه في المنطقة الشمالية، حينما جاءت ثورة الخميني ظنوا أنها ثورة إسلامية لكنها كانت ثورة طائفية خدمة الإمامية ولم تخدم المسلمين السنة، ولا نستطيع أن نجحد أن لها مطامع طائفية، وتفسر تصلب الإدارة الإيرانية والمرجعية الإيرانية في الموقف السوري.
أما روسيا فهي تريد أن يكون لها وجود في سوريا تريد الحفاظ عليها، وهي تخشى ان يكون البديل تمركز غربي في سوريا، ولها مصالح في سوريا وأظن أن السوريون سيحترمونها، لأن طبيعة الموقف الروسي في التاريخ السوري كان جيدا والعلاقات تعود إلى عهد الرئيس "شكري القوتلي"، والرئيس "القوتلي" هو الذي فتح العلاقة بين مصر وروسيا، وكذلك الكثير من أبناء سوريا درسوا في سوريا وتزوجوا من روسيات.
البيان: لماذا دعمت السعودية خيار الثوّار بإسقاط "الأسد"؟
وضوح هدف الثورة، ولوضوح ظلم النظام قامت السعودية بدعم هذا الموقف، وهو موقف تشكر عليه ويرصد لها كبير الشكر وجزيل الثناء وهو ليس موقفاً سعودياً فحسب، بل موقف خليجياً وشجع عليه مواقف دولية كثيرة مثل مصر والأردن، وأظن أن وراء الدعم وضوح المظلومية السورية.
البيان: يشارك في الثورة كافة طبقات المجتمع السوري، ما هو تقييمكم لمشاركة التيار الإسلامي في الثورة؟
لا شك بان الثورة السورية ثورة الشارع بلونها الطبيعي، وتلونت الثورة بهذا اللون الاجتماعي، والثورة تعبر عن هذه الشريحة الاجتماعية الإسلامية وهنا أميز بين الإسلام الحركي والإسلام الاجتماعي، الإسلام الذي نشأ منذ عهد التابعين هو أساس السلم والتعايش وهو في الواقع الذي حمل الثورة إلى الأمام وهذا لا يمنع أن يكون رموز للثورة ليس لها تدين معروف ذلك أن الإسلام مكون ثقافي مهم لكثير من غير المسلمين أو لأبناء المسلمين من العلمانيين.
الإسلام الاجتماعي حمى الطوائف وهو سبب من أسباب الاستقرار والأمن، التكتلات السياسية الإسلامية دخل متأخرة على الخط والحراك الداخلي إسلامي اجتماعي بامتياز.
البيان: هل يمكن أن يكون النظام وراء الخلافات التي تعيشها المعارضة في الخارج؟ وما هي العقبات وراء غياب الوحدة في الخطاب السياسي للمعارضة؟
كلمة معارضة ينبغي أن ندرك أننا في حالة معارضة وثورة، والمعارضة كانت للفئة السياسية وفي الماضي قدمت أشياء كثيرة لكن في الثورة كانت في غاية الضعف، في الداخل الثوّار في الخارج بعض المعارضة الخارجية وبعض الثوّار الغير محزبين الذين استمالتهم الثورة.
القوة المؤثرة في الحراك السوري هي القوة الثورة على الأرض، وقوة سياسية نشأت مع الثورة ، الأحزاب التقليدية لها برامجها الخاصة والكثير منها لم يحسم أمره في اتجاه إسقاط النظام وبقى متخلف عن اللاحق بالثورة، وهذه يخشى أن تذهب جهودهم الماضي أدراج الرياح.
هذا الأمر سبب بعض الفرقة، هناك بعض الجماعات تأدلجت وحصل خلافات في وجهة نظر ولكن لم تصل إلى مرحلة انشقاق، فاصطفت في الداخل والخارج، عقب مؤتمر الدوحة ، يزوجون بعمق إلى زيادة المساحة بين الإسلامي والعلماني، وهذه خطوة غير مرحب بها والمحافظة على البرنامج السياسي الموحد وعزله عن أيديولوجيات الأفراد، نحن في حالة برامج سياسية وليس فكر سياسي، أنا مطمئن بأن الثورة في مأمن عن هذا الانقسام، أهداف الثورة والثوّار موحده في الداخل والخارج لكن هناك تضخيم في موضوع الانقسام السياسي من قبل الإعلام.
ربما يمكن أن يكون للنظام دور في ذلك لكن لا أريد المبالغة في نظرية المؤامرة، الصف الثاني من كل الأطياف السياسية هذا صف متفاهم يمكن أن ينجز شيئا للوطن، وإذا انضمت إليه القوى المستقلة سيشهد قوى سياسية جديدة ضاربة وفاصلة وحاسمة.
البيان: يرى الكثيرون أن النظام السوري متماسك ولم يشهد انشقاقات في الصفوف القيادية وخصوصاً في الجيش، ما هو سر هذا التماسك؟
اعتماد الجيش على طائفة معينة في رتب معينة مؤثرة في الجيش يضمن ولاءها وهذا ما جعل الإنقسامات محدودة في الجيش لكن السيطرة على مفاصل القرار العسكري في الجيش، وامتلاك القرار الأمني في يد النظام واعتماده على أبناء الطائفة العلوية الذين رباهم وأنا أؤكد أن ليس كل الطائفة منتفعة من النظام، إن المنتفعين من الطائفة العلوية لا يتجاوزون العشرة بالمئة، بيوت الصفيح في منطقة السومرية بجانب معظمية الشام خرجت مظاهرات وسكانها من العلويين، وثلاثون بالمئة من علويي منطقة معظمية الشام يتظاهرون ضد النظام، القدموس خرجت ضد النظام.
المشكلة أن النظام قد وظف بعض الأفراد من الطائفة العلوية واعتمد عليهم وهذا سبب قلة الانشقاق في الجيش.
البيان: ما هي خطوة المعارضة القادمة بعد تشكيل المجلس الوطنين وهل هذه الخطوة تؤكد وحدة المعارضة بكافة تياراتها في الداخل والخارج؟
لا أريد من الوحدة أن تكون مقدس مفرغ المعنى لا بد أن يكون هنا اختلاف في الرؤية والوسائل، وهذا الاختلاف سبب خصوبة الفكر السياسي والإنساني، الناس ستلتقي على مشاريعها والشعب السوري واعي ومدرك، ويرى أسباب النجاح والفشل، لذلك لست قلقاً على ذلك، أمام المعارضة فرصة لأن تلتقي على مفردات عامة، ومن المفروض أن تلتقي على مطالب الشعب وهي إسقاط النظام، فمن المفروض أن تلتف حول هذه الفكرة لأن النظام قد سقط، ومن يقبل به فهو ينسى ويتجاوز دماء الشهداء .
أحمد أبو دقة